كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

إنْ صَحَّتْ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ بِالصَّبْرِ وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ لِاخْتِلَافِ السُّؤَالِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ فِي الْحَضَرِ وَالدَّابَّةُ فِي السَّفَرِ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ فِي السَّفَرِ وَالدَّابَّةُ فِي الْحَضَرِ لَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِمَا سَوَاءً وَنَحْوُهُ فِي النُّكَتِ ثُمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ قَوْلَهُ ثُمَّ تَصِحَّ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى مَرَضٍ إذْ هُوَ مَصْدَرٌ وَتَقْدِيرُهُ بِخِلَافِ أَنْ تَمْرَضَ دَابَّةٌ بِسَفَرٍ ثُمَّ تَصِحَّ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُؤَوَّلٌ عُطِفَ عَلَى مَصْدَرٍ صَرِيحٍ.

(ص) وَخُيِّرَ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ سَارِقٌ (ش) أَيْ: وَخُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ إنْ ظَهَرَ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُؤَجَّرَ سَارِقٌ؛ لِأَنَّهَا عَيْبٌ يُوجِبُ الْخِيَارَ كَالْبَيْعِ وَهَذَا حَيْثُ كَانَ اسْتِئْجَارُهُ لِخِدْمَةٍ فِي دَارِهِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ فِيهِ مِنْهُ، وَأَمَّا لَوْ أَجَّرَهُ دَارًا لِيَسْكُنَهَا وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ سَارِقٌ كَمَا أَشَارَ لَهُ فِي الْمُسَاقَاةِ بِقَوْلِهِ وَإِنَّ سَاقَيْته أَوْ أَكْرَيْته فَأَلْفَيْته سَارِقًا لَمْ تَنْفَسِخْ وَلْيُتَحَفَّظْ مِنْهُ وَكَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ فِسْقِ مُسْتَأْجِرٍ إلَخْ.

(ص) وَبِرُشْدِ صَغِيرٍ عَقَدَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى سِلَعِهِ وَلِيٌّ إلَّا لِظَنِّ عَدَمِ بُلُوغِهِ وَبَقِيَ كَالشَّهْرِ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِرُشْدِ الصَّبِيِّ إذَا أَجَّرَهُ وَلِيُّهُ أَوْ أَجَّرَ سِلَعَهُ كَدَارِهِ أَوْ دَوَابَّهُ أَوْ رَقِيقَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَظُنَّ عَدَمَ بُلُوغِهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَقَدْ بَقِيَ كَالشَّهْرِ وَيَسِيرِ الْأَيَّامِ فَيَلْزَمُهُ بَقِيَّةُ الْمُدَّةِ بِالنَّظَرِ لِلْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَمَّا عَلَى سِلَعِهِ فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِيهَا مَا يَلْزَمُ فِي سِلَعِ السَّفِيهِ وَهِيَ ثَلَاثُ سِنِينَ وَبِعِبَارَةٍ وَبِرُشْدِ صَغِيرٍ مَعْطُوفٌ عَلَى تَلَفٍ أَيْ وَفُسِخَتْ بِرُشْدِ صَغِيرٍ وَمَعْنَاهُ إنْ شَاءَ الصَّغِيرُ وَقَوْلُ بَعْضٍ مَعْطُوفٌ عَلَى خُيِّرَ فِيهِ نَظَرٌ لِإِتْيَانِ الْمُؤَلِّفِ بِالْبَاءِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَرُشْدٍ بِالْكَافِ وَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي التَّخْيِيرِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَشْهَبَ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
(ص) كَسَفِيهٍ ثَلَاثَ سِنِينَ (ش) تَشْبِيهٌ فِي حُكْمِ الْمُسْتَثْنَى وَهُوَ اللُّزُومُ أَيْ: كَسِلَعِ سَفِيهٍ أَيْ: كَالْعَقْدِ عَلَى سِلَعِ سَفِيهٍ أَيْ: كَعَقْدِ الْوَلِيِّ عَلَى سِلَعِ سَفِيهٍ ثَلَاثَ سِنِينَ أَوْ بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةُ ثَلَاثُ سِنِينَ مِنْ رِيعٍ أَوْ رَقِيقٍ فَإِنَّهُ يَبْقَى فِيهَا عَلَى حُكْمِ الْإِجَارَةُ إذَا انْتَقَلَ إلَى حَالِ الرُّشْدِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ وَلَا مَفْهُومَ لِثَلَاثِ سِنِينَ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مُدَّةً يَرْشُدُ فِي أَثْنَائِهَا وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى نَفْسِ السَّفِيهِ إلَّا لِعَيْشِهِ وَإِذَا أَجَّرَ السَّفِيهُ نَفْسَهُ فَلَا كَلَامَ لِوَلِيِّهِ إلَّا أَنْ يُحَابِيَ وَكَذَا لَا كَلَامَ لَهُ إنْ رَشَدَ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِي ذَلِكَ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيهِ فَهُوَ كَتَصَرُّفِ الرَّشِيدِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي السَّفِيهِ ظَنُّ عَدَمِ رُشْدِهِ وَلَا ظَنُّ رُشْدِهِ حَالَ الْعَقْدِ عَلَى سِلَعِهِ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ لِعَيْشِهِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ أَمَدَهُ مَعْلُومٌ بِخِلَافِ الرُّشْدِ.

(ص) وَبِمَوْتِ مُسْتَحِقِّ وَقْفٍ أَجَّرَ وَمَاتَ قَبْلَ تَقَضِّيهَا عَلَى الْأَصَحِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا وَقَفَ شَيْئًا عَلَى أَوْلَادِهِ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ أَوْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ أَوْ عَلَى زَيْدٍ وَبَعْدَهُ عَلَى عَمْرٍو فَأَجَّرْت الطَّبَقَةُ الْأُولَى أَوْ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ أَوْ أَجَّرَ زَيْدٌ ثُمَّ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ وَانْتَقَلَ الْحَقُّ لِمَنْ بَعْدَهُ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ وَلِمَنْ انْتَقَلَ إلَيْهِ الْإِجَارَةُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ الْبَاقِيَةُ يَسِيرَةً؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْغَيْرِ وَقَوْلُهُ وَبِمَوْتِ إلَخْ وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لِاخْتِلَافِ السُّؤَالِ) أَيْ: السُّؤَالِ لِلْإِمَامِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ لَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِمَا سَوَاءً) الْأَظْهَرُ أَنْ يَقُولَ لَا نَعْكِسُ الْحُكْمَ وَالْمَقْصُودُ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ وَنَحْوُهَا) أَيْ كَحَانُوتِهِ.

(قَوْلُهُ عَقَدَ عَلَيْهِ) أَيْ: لِغَيْرِ عَيْشِهِ فَإِنْ أَجَّرَهُ لِعَيْشِهِ فَانْظُرْ هَلْ يَكُونُ كَإِجَارَةِ السَّفِيهِ لِعَيْشِهِ فَلَا يُنْظَرُ لِبُلُوغِهِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ لِرُشْدِهِ وَإِذَا رَشَدَ هَلْ يُرَاعَى فِيمَا بَقِيَ أَنْ يَكُونَ كَالشَّهْرِ أَوْ أَنْ يَكُونَ كَالسَّفِيهِ ثَلَاثَ سِنِينَ.
(قَوْلُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ حَالَ الْعَقْدِ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ ظَنَّ بُلُوغَهُ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا ثُمَّ رَشَدَ أَنَّ الْحُكْمَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَقِيَّةُ الْمُدَّةِ بِرُشْدِهِ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا بَلَغَ سَفِيهًا وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا فِي سِلَعِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ مَوْضُوعَهُ أَنَّهُ ظَنَّ عَدَمَ بُلُوغِهِ، وَأَمَّا إذَا ظَنَّ بُلُوغَهُ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا فَالْحُكْمُ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَارَةً يَظُنُّ بُلُوغَهُ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَتَارَةً يَظُنُّ عَدَمَ بُلُوغِهِ وَتَارَةً لَا يَظُنُّ شَيْئًا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَعْقِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى سِلَعِهِ فَهَذِهِ سِتَّةٌ وَفِي كُلٍّ تَارَةً يَبْلُغُ سَفِيهًا وَتَارَةً يَبْلُغُ رَشِيدًا فَهِيَ اثْنَا عَشَرَ فَإِنْ ظَنَّ بُلُوغَهُ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا فَمَتَى بَلَغَ رَشِيدًا يُخَيَّرُ فِي الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ عَقَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى سِلَعِهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَإِنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَيَنْبَغِي إذَا كَانَ عَلَى سِلَعِهِ لَا عَلَى نَفْسِهِ فَيُخَيَّرُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا، وَأَمَّا إذَا ظَنَّ عَدَمَ بُلُوغِهِ فَإِنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَلَا خِيَارَ لَهُ فِيهَا إذَا كَانَ عَلَى سِلَعِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى نَفْسِهِ فَيَلْزَمُهُ إنْ بَقِيَ كَالشَّهْرِ وَيَسِيرِ الْأَيَّامِ فَهَذِهِ اثْنَتَانِ، وَأَمَّا إنْ بَلَغَ رَشِيدًا فَإِنْ كَانَ فِي سِلَعِهِ فَيُفَصَّلُ فِيهِ إنْ بَقِيَ ثَلَاثَ سِنِينَ لَزِمَهُ وَإِنْ بَقِيَ أَكْثَرَ لَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى نَفْسِهِ فَإِنْ بَقِيَ كَالشَّهْرِ لَزِمَهُ مِثْلُ مَا إذَا بَلَغَ سَفِيهًا.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مُدَّةُ رُشْدٍ فِي أَثْنَائِهَا) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ الْبَقَاءُ وَلَوْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ شَرْحُ عب وشب مِنْ أَنَّ لَهُ مَفْهُومًا.
(قَوْلُهُ إلَّا لِعَيْشِهِ) ، وَأَمَّا لِغَيْرِ عَيْشِهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ إنَّمَا لَهُ تَسَلُّطٌ عَلَى مَالِ السَّفِيهِ لَا عَلَى ذَاتِهِ وَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مَفْسُوخٌ ابْتِدَاءً وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ لِخَوْفِ الضَّيْعَةِ وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ وَلَوْ رَشَدَ وَلَيْسَ لَهُ الِانْحِلَالُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ.
(قَوْلُهُ وَإِذَا أَجَّرَ السَّفِيهُ نَفْسَهُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ السَّفِيهَ إذَا عَقَدَ عَلَى نَفْسِهِ ظَنَّ رُشْدَهُ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا فَلَا كَلَامَ لَهُ إذَا رَشَدَ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ، وَأَمَّا إذَا عَقَدَ عَلَى سِلَعِهِ وَرَشَدَ فَلَا كَلَامَ لَهُ إذَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ ثَلَاثُ سِنِينَ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ.

(قَوْلُهُ أَوْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ) تَنْوِيعٌ فِي التَّعْبِير وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ كَانَ مُقَرَّرًا فِي رِزْقِهِ عَلَى سَبِيلِ الْبِرِّ وَالصَّدَقَةِ وَأَجَّرَهَا مُدَّةً وَمَاتَ وَقَرَّرَ الْحَاكِمُ غَيْرَهُ فِيهَا أَوْ كَانَتْ مُقَرَّرَةً عَلَى أَعْلَمِ أَهْلِ مَذْهَبِهِ مَثَلًا فَأَجَّرَهَا الْأَعْلَمُ مُدَّةً وَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا وَانْتَقَلَتْ لِغَيْرِهِ أَوْ كَانَتْ عَلَى إمَامِ مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَأَجَّرَهَا إمَامُ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرُهُ

الصفحة 32