كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

فَصَاعِدًا فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ لَا يَدْرِي كَيْفَ تَرْجِعُ إلَيْهِ فَيُؤَدِّي إلَى الْجَهَالَةِ فِي الْمَبِيعِ وَيُكْرَهُ الْمُتَوَسِّطُ مِنْ ذَلِكَ كَالْأَرْبَعَةِ الْأَيَّامِ وَالْخَمْسَةِ وَلَا مَفْهُومَ لِرُكُوبِهَا بَلْ، وَكَذَلِكَ اسْتِثْنَاءُ عَمَلِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ كَالدَّابَّةِ وَعَلَفُ الدَّابَّةِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَالدَّابَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَضَمَانُهَا فِي الْمُدَّةِ الْجَائِزَةِ وَالْمَكْرُوهَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَفِي الْمَمْنُوعَةِ مِنْ الْبَائِعِ.

(ص) وَكِرَاءُ دَابَّةٍ شَهْرًا إنْ لَمْ يَنْقُدْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُكْرِيَ دَابَّتَهُ الْمُعَيَّنَةَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْبِضُهَا الْمُكْتَرِي إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ لِيَسْتَوْفِيَ مَنَافِعَهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَشْتَرِطَ تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ فَإِنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ فَسَدَ عَقْدُ الْكِرَاءِ نُقِدَ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا، لَا يُقَالُ تَعْلِيلُ الْمَنْعِ لِلنَّقْدِ بِتَرَدُّدِ الْمَنْقُودِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ لَا يُفِيدُ فَسَادَهُ إلَّا بِالنَّقْدِ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ شَرْطُ النَّقْدِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّقْدِ بِالشَّرْطِ فِي فَسَادِ الْعَقْدِ.

(ص) وَالرِّضَا بِغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ الْهَالِكَةِ إنْ لَمْ يَنْقُدْ أَوْ نَقَدَ وَاضْطُرَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّابَّةَ الْمُعَيَّنَةَ إذَا هَلَكَتْ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُكْرِي أَنْ يُعْطِيَ لِلْمُكْتَرِي دَابَّةً أُخْرَى يَرْكَبُهَا بَقِيَّةَ سَفَرِهِ إنْ كَانَ نَقَدَ الْأُجْرَةَ لِلْمُكْرِي؛ لِأَنَّهُ فَسَخَ مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فِي مَنَافِعَ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ لَيْسَ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ، أَمَّا إنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ لِلْأُجْرَةِ أَوْ حَصَلَ وَاضْطُرَّ الْمُكْتَرِي لِلثَّانِيَةِ ضَرُورَةً شَدِيدَةً فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْبَلَهَا إلَى زَوَالِ الضَّرُورَةِ فَقَوْلُهُ الْمُعَيَّنَةِ أَيْ: الذَّاتِ كَانَتْ دَابَّةً أَوْ ثَوْبًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ الْهَالِكَةُ صِفَةٌ لِلْمُعَيَّنَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِغَيْرٍ؛ لِأَنَّ إضَافَةَ غَيْرٍ إلَى الْمُعَيَّنَةِ لَا يُفِيدُ تَعْرِيفًا فَلَا يَصِحُّ وَصْفُهَا بِالْمَعْرِفَةِ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ حَسَنٌ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ بِفَتْحِ الْيَاءِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ نَقَدَ لَا بِضَمِّهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ أَنْقَدَ.

(ص) وَفِعْلُ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ وَدُونَهُ (ش) أَيْ: وَجَازَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْعَلَ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ أَوْ مَا هُوَ مُسَاوٍ لَهُ أَوْ دُونَهُ وَلَا يَفْعَلُ مَا هُوَ أَضَرُّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ قَدْرًا، فَإِنْ قُلْت لِمَ تَرَكَ النَّصَّ عَلَى فِعْلِ مِثْلِهِ قُلْت؛ لِأَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا فَمِنْهُ مَا هُوَ جَائِزٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ مُمْتَنِعٌ كَمَا يُفِيدُهُمَا قَوْلُهُ أَوْ يَنْتَقِلُ لِبَلَدٍ، وَإِنْ سَاوَتْ إلَخْ فَإِنْ قُلْت الدُّونُ كَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ لِدُونِ الْمَسَافَةِ فَكَانَ عَلَيْهِ تَرْكُهُ قُلْت لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ بَلْ هُوَ جَائِزٌ كَمَا نُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِعِبَارَةٍ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْحَمْلِ أَوْ الرُّكُوبِ، وَأَمَّا فِي الْمَسَافَةِ فَلَا وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْتَقِلَ لِبَلَدٍ وَإِنْ سَاوَتْ إلَّا بِإِذْنِهِ وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَمْلِ وَالْمَسَافَةِ وَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ أَنْ يَقُولَ الْمُكْرِي عَلَيْهِ لَكِنَّهُ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ هَذَا اصْطِلَاحٌ غَالِبٌ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَفِعْلُ الْمُسْتَأْجَرِ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى فَاعِلِ جَازَ أَيْ: وَجَازَ فِعْلُ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ حِينَئِذٍ نَصْبُ دُونَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَهُوَ الْأَحْسَنُ فِيهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ وَيَجُوزُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ كَائِنٌ فِي بَعْضِ الثَّلَاثِ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ اسْتِغْرَاقُ جَمِيعِ الثَّلَاثِ أَشَارَ لَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ اللَّقَانِيِّ وَاسْتِثْنَاءٌ مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْعٍ وَالثَّلَاثُ ظَرْفٌ لِرُكُوبٍ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ) أَيْ: عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَمَنَعَهُ غَيْرُهُ وَلَكِنْ يَتْبَعُ الْمَتْنَ؛ لِأَنَّهُ مَا بِهِ الْفَتْوَى (قَوْلُهُ كَالْأَرْبَعَةِ الْأَيَّامِ وَالْخَمْسَةِ) وَالسَّادِسُ مُلْحَقٌ بِالْجُمُعَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بَلْ وَكَذَلِكَ اسْتِثْنَاءُ عَمَلِهَا) أَوْ حَمْلِهَا كَمَا فِي شَرْحِ عب وَكَذَا اسْتِثْنَاءُ سَمْنِهَا وَلَبَنِهَا فَهُوَ كَالرُّكُوبِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَ شب فِي شَرْحِهِ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُسْتَثْنَى فِي الْحَيَوَانِ إلَّا عَشْرَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَيَوَانِ الرَّقِيقُ فَهُوَ يُغْتَفَرُ فِيهِ عَشْرَةَ أَيَّامٍ بِخِلَافِ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَاهُ سَابِقًا.

(قَوْلُهُ وَكِرَاءُ دَابَّةٍ) أَيْ: مُعَيَّنَةً شَهْرًا أَيْ: بَعْدَ شَهْرٍ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الشُّرُوعِ أَوْ تَعْجِيلِ جَمِيعِ الْأَجْرِ إلَّا فِي الْحَجِّ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إلَى شَهْرٍ وَهِيَ أَقْرَبُ لِإِفَادَةِ الْمَعْنَى مِنْ نُسْخَةِ شَهْرٍ وَمِثْلُ الشَّهْرِ الشَّهْرَانِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ نَصَّ عَلَيْهِمَا لِفَهْمِ الشَّهْرِ بِالْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ) أَيْ: لَمْ يُشْتَرَطْ النَّقْدُ ثُمَّ إنَّ عِبَارَتَهُ تُفِيدُ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ النَّقْدَ لَا يَجُوزُ لِشَهْرٍ وَيَجُوزُ لِدُونِهِ وَهُوَ صَادِقٌ بِعِشْرِينَ يَوْمًا مَعَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِيمَا زَادَ عَلَى عَشْرَةِ أَيَّامٍ وَكَلَامُ ابْنِ يُونُسَ يَقْتَضِي جَوَازَهُ فِي نِصْفِ شَهْرٍ وَنَحْوِهِ لَكِنَّ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ مَفْرُوضٌ فِي السَّفِينَةِ وَكَلَامُ الْأَقْفَهْسِيِّ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِهَا وَحِينَئِذٍ يَطْلُبُ الْفَرْقَ.
(قَوْلُهُ وَالرِّضَا بِغَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ) أَيْ: مِنْ عَبْدٍ أَوْ دَارٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ وَإِنْ كَانَ سِيَاقُهُ فِيهَا (قَوْلُهُ إلَى زَوَالِ الضَّرُورَةِ) أَيْ: لَا مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فِي مَنَافِعَ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا فِي عج وَانْظُرْ هَلْ الِاضْطِرَارُ الْمَشَقَّةُ الشَّدِيدَةُ أَوْ خَوْفُ الْمَرَضِ أَوْ ضَيَاعُ الْمَالِ أَيْ: فِي مَوْضِعٍ لَا يَجِدُ فِيهِ مَنْ يُكْرِيه وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَصِلَ إلَى حَالَةٍ يُبَاحُ لَهُ فِيهَا أَكْلُ الْمَيْتَةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا مَا هُوَ أَعَمُّ فَإِنْ لَمْ يُضْطَرَّ مُنِعَ مَعَ النَّقْدِ وَلَوْ تَطَوُّعًا لِلْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ حَسَنٌ) وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِيهِ فَسَادًا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ جُعِلَ صِفَةً لِذَلِكَ لَكَانَ الْمَعْنَى وَلَا يَجُوزُ الرِّضَا بِالْهَالِكَةِ وَهُوَ بَاطِلٌ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الصِّفَةَ فِي نِيَّةِ حُلُولِهَا مَحَلَّ مَوْصُوفِهَا وَهُنَا لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ قَوْلِك مَرَرْت بِالرَّجُلِ الصَّالِحِ فَإِنَّ قَوْلَك مَرَرْت بِالصَّالِحِ صَحِيحٌ وَمَفْهُومُ الْمُعَيَّنَةِ جَوَازُ الرِّضَا بِبَدَلِ الْهَالِكَةِ الْمَضْمُونَةِ.

(قَوْلُهُ وَدُونَهُ) أَيْ قَدْرًا وَضَرَرًا أَيْ: لَا أَكْثَرَ قَدْرًا وَلَوْ أَقَلَّ ضَرَرًا وَلَا دُونَهُ قَدْرًا وَأَكْثَرُ ضَرَرًا فَإِنْ خَالَفَ ضَمِنَ (قَوْلُهُ فَمِنْهُ مَا هُوَ جَائِزٌ) وَهُوَ مَا كَانَ فِي الْمَحْمُولِ وَمِنْهُ مَا هُوَ مُمْتَنِعٌ وَهُوَ مَا كَانَ فِي الْمَسَافَةِ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَحْسَنُ مِنْ الْأُولَى (قَوْلُهُ وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَمْلِ وَالْمَسَافَةِ) خُصُوصًا وَقَدْ قُلْنَا يَجُوزُ فِي الْأَدْنَى مِنْ الْمَسَافَةِ (قَوْلُهُ اصْطِلَاحٌ غَالِبٌ) أَيْ: كَوْنُ الْإِجَارَةِ تُقَالُ فِي الْعَاقِلِ وَالْكِرَاءُ فِي غَيْرِهِ اصْطِلَاحٌ غَالِبٌ أَيْ: لَا دَائِمٌ أَيْ: فَمَا هُنَا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُضَافَةٌ) ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تُضَفْ فَتُبْنَى عَلَى الضَّمِّ لِحَذْفِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَنِيَّةِ مَعْنَاهُ وَقَوْلُهُ

الصفحة 36