كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

جَرُّهَا عَطْفًا عَلَى لَفْظِ الْمُسْتَأْجَرِ.

(ص) وَحِمْلٌ بِرُؤْيَتِهِ أَوْ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدَدِهِ (ش) هَذَا مِمَّا لَا خَفَاءَ فِيهِ وَهُوَ جَوَازُ كِرَاءِ الدَّابَّةِ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا حَمْلًا إمَّا بِرُؤْيَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُوزَنْ أَوْ يُعَدَّ أَوْ يُكَالَ وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ جِنْسِهِ لِلِاكْتِفَاءِ بِرُؤْيَتِهِ أَوْ بِكَيْلِهِ أَوْ بِوَزْنِهِ أَوْ عَدَدِهِ بِأَنْ يَكْتَرِيَ مِنْهُ دَابَّةً لِحَمْلِ إرْدَبٍّ أَوْ قِنْطَارٍ أَوْ عِشْرِينَ بِطِّيخَةً مَثَلًا وَقَيَّدَ الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةَ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ تَتَفَاوَتْ) ؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا وَإِنْ تَسَاوَى فِي الْكَيْلِ وَمَا بَعْدَهُ قَدْ يَكُونُ أَثْقَلَ مِنْ بَعْضٍ كَإِرْدَبِّ فُولٍ وَإِرْدَبِّ شَعِيرٍ مَثَلًا وَجَعَلَهُ الْبِسَاطِيُّ قَيْدًا فِي الْعَدَدِ فَقَطْ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَبِعِبَارَةٍ إنْ لَمْ تَتَفَاوَتْ أَيْ: تَفَاوُتًا لَهُ بَالٌ، وَأَمَّا الْيَسِيرُ كَالرُّمَّانِ وَالْبَيْضِ فَلَا يَضُرُّ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ شَاسٍ وَالْحِمْلُ بِكَسْرِ الْحَاءِ هُوَ الْمَحْمُولُ بِدَلِيلِ عَوْدُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ بِرُؤْيَتِهِ؛ إذْ هُوَ الَّذِي يُرَى، وَأَمَّا بِفَتْحِ الْحَاءِ فَيَحْتَاجُ لِتَأْوِيلٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي وُجُودَ مَحْمُولٍ وَعَلَى الثَّانِي الْبِسَاطِيُّ.

(ص) وَإِقَالَةٌ قَبْلَ النَّقْدِ وَبَعْدَهُ إنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا إلَّا مِنْ الْمُكْتَرِي فَقَطْ إنْ اقْتَصَّا أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ (ش) كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هَذَا فِيمَا إذَا وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ بِزِيَادَةٍ مِنْ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمَنَافِعِ وَمِنْ الْمُكْرِي عَلَى الْأُجْرَةِ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَتْ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ فَجَائِزَةٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ سَوَاءٌ قَبْلَ النَّقْدِ أَوْ بَعْدَهُ غَابَ الْمُكْرِي عَلَى النَّقْدِ أَمْ لَا لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْمَنْعِ حِينَئِذٍ وَهِيَ التُّهْمَةُ عَلَى السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ لَك أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ الْإِقَالَةُ بِزِيَادَةٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نُسْخَةِ ابْنِ غَازِيٍّ وَإِقَالَةٌ بِزِيَادَةٍ إلَخْ وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ مَنْ اكْتَرَى مِنْ رَجُلٍ دَابَّةً جَازَ لَهُ أَنْ يُقَابِلَهُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَ الْكِرَاءَ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا كَانَتْ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ أَوْ أَزْيَدَ كَانَتْ الزِّيَادَةُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ عَرَضًا نَقْدًا؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى الرُّكُوبَ الَّذِي وَجَبَ لِلْمُكْتَرِي بِالزِّيَادَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ وَيُمْنَعُ لِأَجَلٍ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ دَيْنٌ عَلَيْهِ لِلْمُكْرِي فَفَسْخُهَا فِي دَيْنٍ إلَى أَجَلٍ أَوْ بَعْدَ النَّقْدِ إنْ لَمْ يَغِبْ الْمُكْرِي غَيْبَةً يُمْكِنُ فِيهَا الِانْتِفَاعُ بِهِ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْمُكْتَرِي لَكِنْ يُشْتَرَطُ تَعْجِيلُ الزِّيَادَةِ إنْ كَانَتْ مِنْ الْمُكْرِي؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُؤَجَّلَةً صَارَ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ تَرَتَّبَ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُكْرِي رُكُوبٌ فَفَسْخُهُ فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ وَهُوَ الزِّيَادَةُ مِنْ الْمُكْرِي وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْجِيلُ الزِّيَادَةِ إنْ كَانَتْ مِنْ الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَحْصُلْ غَيْبَةٌ عَلَى النَّقْدِ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ
فَإِنْ غَابَ الْمُكْرِي عَلَى النَّقْدِ غَيْبَةً يُمْكِنُهُ فِيهَا الِانْتِفَاعُ بِهِ فَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ إلَّا مِنْ الْمُكْتَرِي فَقَطْ لَا مِنْ الْمُكْرِي لِتُهْمَةِ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْغَيْبَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَجُوزُ جَرُّهَا هَذَا مُقَابِلُ الْأَحْسَنِ.

(قَوْلُهُ وَحِمْلٌ بِرُؤْيَتِهِ إلَخْ) أَرَادَ بِالرُّؤْيَةِ الْعِلْمِيَّةَ أَيْ: بِأَنْ يَرْفَعَهُ لِجِهَةِ الْعُلُوِّ مَثَلًا حَتَّى يَعْرِفَ ثِقَلَهُ مِنْ خِفَّتِهِ وَقَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ جِنْسِهِ لَا يُقَالُ كَيْفَ لَا يُعْلَمُ الْجِنْسُ مَعَ وُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَى رُؤْيَتِهِ؟ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَرْئِيُّ مِقْدَارُهُ لَا نَوْعُهُ بِأَنْ يَكُونَ فِي عَدْلٍ مَثَلًا كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ.
(قَوْلُهُ وَقَيَّدَ الثَّلَاثَةَ الْأَخِيرَةَ) الْحَقُّ مَعَ الْبِسَاطِيِّ مِنْ أَنَّ الْقَيْدَ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَتَفَاوَتْ رَاجِعٌ لِلْأَخِيرِ الَّذِي هُوَ الْمَعْدُودُ قَالَهُ تَبَعًا لِلشَّارِحِ بَهْرَامَ فِي شُرُوحِهِ الثَّلَاثَةِ وَبِهِ قَرَّرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ فَرْحُونٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا يَتَفَاوَتُ كَإِرْدَبِّ الْفُولِ مَعَ الْإِرْدَبِّ الْقَمْحِ لَا يَنْهَضُ؛ إذْ ذُكِرَ الْجِنْسُ لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ ذَكَرَهُ مُحَشِّي تت، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ كَيْلَهُ بِأَنْ يَقُولَ إرْدَبُّ قَمْحٍ أَوْ إرْدَبُّ فُولٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ أَوْ وَزْنُهُ بِأَنْ يَقُولَ قِنْطَارُ سَمْنٍ مَثَلًا لَا أَنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى إرْدَبٍّ أَوْ قِنْطَارٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ عَدَدُهُ بِأَنْ يَقُولَ عِشْرُونَ بَيْضَةً وَعِشْرُونَ بِطِّيخَةً مَثَلًا وَالْأَوَّلُ مِمَّا لَا تَتَفَاوَتُ أَفْرَادُهُ بِخِلَافِ الثَّانِي فَإِنَّهُ مِمَّا تَتَفَاوَتُ أَفْرَادُهُ، فَإِذَا قَالَ: أَسْتَأْجِرُك عَلَى حَمْلِ إرْدَبٍّ مِنْ الْحُبُوبِ وَأَطْلَقَ فَلَا يَصِحُّ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ ذِكْرَ الْجِنْسِ لَا يَكْفِي وَظَاهِرُ قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شَاءَ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ وَلَوْ الْجِنْسَ يَجُوزُ وَهُمَا قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا الشَّارِحُ عَنْ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَالْقَرَوِيِّينَ وَلَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ مَا أُخِذَ مِنْ مَنْطُوقِ الْمُصَنِّفِ هُنَا لَا مَا يَأْتِي كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ مَنْ حَقَّقَ وَكَانَ ظَهَرَ لِي قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
(قَوْلُهُ فَيَحْتَاجُ لِتَأْوِيلٍ) أَيْ بِأَنْ يُرَادَ بِالْحَمْلِ الْمَحْمُولُ وَإِنَّمَا احْتَاجَ لِلتَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَرَى إنَّمَا هُوَ الْمَحْمُولُ، وَأَمَّا الْفِعْلُ فَلَا يَرَى وَالْمُصَنِّفُ قَالَ بِرُؤْيَتِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي وُجُودَ مَحْمُولٍ فَلَا ظُهُورَ لَهُ نَعَمْ لَوْ جَعَلَهُ وَجْهًا ثَانِيًا فَيَقُولُ أَوْ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يَسْتَلْزِمُ مَحْمُولًا فَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِذَلِكَ اللَّازِمِ.

(قَوْلُهُ إنَّ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى النَّقْدِ أَيْ: الْمَنْقُودِ أَصْلًا أَوْ غَابَ عَلَيْهِ غَيْبَةً لَا يُمْكِنُهُ انْتِفَاعُهُ بِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ سَيْرٍ كَثِيرٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّ الْفَارِسِيَّ يُجَوِّزُ عَطْفَ الظَّرْفِ الْمَنْصُوبِ عَلَى الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ كَمَا فِي الْمُغْنِي ذَكَرَهُ عِنْدَ أَقْسَامِ الْعَطْفِ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْمَنْعِ إلَخْ) لَكِنْ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ إذَا وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ النَّقْدِ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ وَإِلَّا مُنِعَتْ أَيْضًا لِفَسْخِ الْمُكْتَرِي مَا فِي ذِمَّةِ الْمُكْرِي مِنْ كِرَاءِ مَنَافِعَ مَضْمُونَةٍ فِي مُؤَخَّرٍ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا) هَذَا التَّعْمِيمُ صَحِيحٌ فِي ذَاتِهِ أَيْ: بِالنَّظَرِ لِلْفِقْهِ لَا فِي حَلِّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْإِقَالَةَ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ نَقْدًا) أَيْ أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ تَكُونُ نَقْدًا، وَقَوْلُهُ فَسْخُهَا فِي دَيْنٍ إلَى أَجَلٍ أَيْ: وَهُوَ الزِّيَادَةُ الَّتِي تُدْفَعُ عِنْدَ الْأَجَلِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي الزِّيَادَةِ مِنْ الْمُكْرِي، وَأَمَّا مِنْ الْمُكْتَرِي فَيَجُوزُ مُطْلَقًا؛ إذْ لَا مَانِعَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَحْصُلْ غَيْبَةٌ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ) فَلَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ تَعْمِيرُ ذِمَّةِ الْمُكْرِي غَايَةُ مَا هُنَاكَ تَعْمِيرُ ذِمَّةِ الْمُكْتَرِي إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ الصَّادِرَةُ مِنْهُ مُؤَخَّرَةً وَمُفَادُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُقَاصَّةٌ وَفِي شَرْحِ عج لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ الْمُقَاصَّةِ أَيْ: وَلَا يَكْفِي وُجُودُهَا حَيْثُ لَمْ يَدْخُلَا عَلَيْهَا وَهُوَ مَا قَالَهُ بَعْضُ مَشَايِخِ شَيْخِنَا أَوْ وُجُودُهَا كَافٍ حَيْثُ لَمْ يَدْخُلَا عَلَيْهَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ

الصفحة 37