كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

الْمَذْكُورَةُ سَلَفًا؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ تُعَدُّ سَلَفًا وَإِنَّمَا تَجُوزُ مِنْ الْمُكْتَرِي إنْ دَخَلَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ بِعَشْرَةٍ وَنَقَدَهَا وَغَابَ الْمُكْرِي عَلَيْهَا ثُمَّ تَقَايَلَا قَبْلَ السَّيْرِ مَثَلًا عَلَى دِرْهَمَيْنِ يَدْفَعُهُمَا الْمُكْتَرِي لِلْمُكْرِي وَدَخَلَا عَلَى إسْقَاطِ الدِّرْهَمَيْنِ مِمَّا عَلَى الْمُكْرِي وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُكْتَرِي بِثَمَانِيَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ دَفَعَ عَشْرَةً أَخَذَ ثَمَانِيَةً فَقَدْ أَخَذَ أَقَلَّ مِمَّا دَفَعَ فَلَا تُهْمَةَ فِي ذَلِكَ هَذَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ سَيْرٌ كَثِيرٌ فَإِنْ حَصَلَ سَيْرٌ كَثِيرٌ تَنْتِفِي مَعَهُ تُهْمَةُ سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ فَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ الْمُكْرِي بِزِيَادَةٍ بِشَرْطِ تَعْجِيلِهَا مَعَ أَصْلِ الْكِرَاءِ لِتَحْصُلَ السَّلَامَةُ مِنْ فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي شَيْءٍ بَعْضُهُ مُؤَخَّرٌ وَهُوَ الزِّيَادَةُ الْمُؤَخَّرَةُ وَمِنْ الْمُكْتَرِي بِشَرْطِ الْمُقَاصَّةِ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ فَقَوْلُهُ وَإِقَالَةٌ عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ جَازَ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ أَيْ: النَّقْدُ بِمَعْنَى الْمَنْقُودِ؛ إذْ هُوَ الَّذِي يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْغَيْبَةُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا تَصْرِيحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ.

(ص) وَاشْتِرَاطُ هَدِيَّةِ مَكَّةَ إنْ عُرِفَ (ش) أَيْ: وَجَازَ اشْتِرَاطُ حَمْلِ هَدِيَّةِ مَكَّةَ عَلَى الْجِمَالِ إنْ عُرِفَ قَدْرُ ذَلِكَ كَذَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ وَقَرَّرَهُ الْبِسَاطِيُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِرَبِّ الدَّابَّةِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْحَاجِّ هَدِيَّةَ مَكَّةَ وَنُسِبَ كُلٌّ لِلْمُدَوَّنَةِ وَبِعِبَارَةٍ هَدِيَّةُ مَكَّةَ هُوَ مَا يُحْمَلُ إلَيْهَا مِنْ كِسْوَةِ وَطِيبٍ لِلْكَعْبَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ وَسِيَاقُ الْمُؤَلِّفِ فِي الدَّابَّةِ وَفِي الْحَمْلِ وَفِي قَوْلِهِ وَفِعْلُ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ وَمِثْلِهِ لَا أَضَرَّ يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْهَدِيَّةِ مَا يُهْدَى لِلْأَجِيرِ بِمَكَّةَ.

(ص) وَعُقْبَةُ الْأَجِيرِ (ش) أَيْ: يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجَرِ أَنْ يَشْتَرِطَ الْعُقْبَةَ عَلَى الْجَمَّالِ وَهِيَ عِنْدَهُمْ مَعْرُوفَةٌ رَأْسُ سِتَّةِ أَمْيَالٍ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَرْكَبُ الْمِيلَ السَّادِسَ وَفِي نَدْبِ اشْتِرَاطِ عُقْبَةِ الْأَجِيرِ لِيَخْرُجَا مِنْ الْكَرَاهَةِ فِي فِعْلِ مِثْلِ مَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ وَوُجُوبُهُ لِيَخْرُجَا مِنْ الْحُرْمَةِ فِي فِعْلِ الْأَضَرِّ مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ قَوْلَانِ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ الْجَوَازُ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ نَدْبٌ وَلَا وُجُوبٌ وَقَوْلُهُ الْأَجِيرُ أَيْ: أَجِيرُ الْمُكْتَرِي كَالْعِكَامِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَعُقْبَةُ الْأَجِيرِ يَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ بِالْعَطْفِ عَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ إنْ دَخَلَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ) يُفِيدُ أَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ جِنْسِ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُقَاصَّةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنْ كَانَتْ عَرَضًا جَازَ التَّأْخِيرُ وَإِنْ كَانَتْ دَرَاهِمَ وَالْأُجْرَةُ دَنَانِيرُ أَوْ بِالْعَكْسِ امْتَنَعَ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ، وَالْحَاصِلُ عَلَى مَا فِي عج خِلَافًا لِمَا فِي شَارِحِنَا وعب أَنَّ الْمُقَاصَّةَ شَرْطٌ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الْمُكْتَرِي بَعْدَ النَّقْدِ سَوَاءٌ غَابَ عَلَيْهِ الْمُكْرِي أَمْ لَا وَسَوَاءٌ حَصَلَ سَيْرٌ كَثِيرٌ أَمْ لَا وَإِنَّمَا لَمْ تُعْتَبَرْ الْمُقَاصَّةُ فِي زِيَادَةِ الْمُكْتَرِي قَبْلَ النَّقْدِ لِبُعْدِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ مِنْ بَيْعِ عَرَضٍ وَنَقْدٍ بِنَقْدٍ وَعَلَى كُلٍّ يَفُوتُهُ شَرْطُ زِيَادَةِ الْمُكْرِي وَهُوَ تَعْجِيلُهَا.
(قَوْلُهُ فَقَدْ أَخَذَ أَقَلَّ مِمَّا دَفَعَ) أَيْ: وَإِلَّا امْتَنَعَ لِئَلَّا تَعْمُرَ الذِّمَّتَانِ وَمِثْلُ الدُّخُولِ عَلَى الْمُقَاصَّةِ حُصُولُهَا بِالْفِعْلِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا عَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُهَا قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ إلَخْ أَيْ: وَيَقُولُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمَّا تَقَاصَّا لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ تَعْمِيرُ الذِّمَّتَيْنِ وَإِنَّمَا فِي ذَلِكَ تَعْمِيرُ ذِمَّةٍ وَاحِدَةٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ تَعْجِيلِهَا إنْ كَانَتْ مِنْ الْمُكْرِي حَيْثُ كَانَ الْكِرَاءُ مَضْمُونًا، وَأَمَّا فِي دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ فَلَا يَجِبُ التَّعْجِيلُ؛ إذْ مَنَافِعُهَا لَا تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَلْزَمُ عَلَى تَأْخِيرِ الزِّيَادَةِ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ.
(تَنْبِيهٌ) : مَوْضُوعُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي كِرَاءِ دَابَّةٍ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْإِقَالَةِ بِزِيَادَةٍ فِي الدُّورِ فَقِيلَ يُمْنَعُ وَلَوْ بَعْدَ كَثِيرِ سُكْنَى وَإِنْ عَجَّلَ الزِّيَادَةَ لِوُجُودِ تُهْمَةِ سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ؛ إذْ لَا تَتَأَثَّرُ غَالِبًا بِكَثِيرِ سُكْنَى أَوْ أَنَّهَا مَظِنَّةٌ لِذَلِكَ بِخِلَافِ الدَّوَابِّ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الذَّخِيرَةِ وَقِيلَ يَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يَسْكُنْ كَثِيرًا وَلَا عَجَّلَ الزِّيَادَةَ؛ لِأَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ فَلَا تَكُونُ فِي ذِمَّةِ الْمُكْرِي فَلَا يَلْزَمُ بِتَأْخِيرِهَا فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَلِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْإِقَالَةِ فِي الْأَرْضِ فَإِنَّهَا كَالدُّورِ إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مَأْمُونَةِ الرَّيِّ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ فِيهَا مِنْ الْمُكْرِي فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تَصِحُّ فِيهِ الْإِقَالَةُ بِزِيَادَةٍ لَا تَجُوزُ إنْ نَقَدَ الزِّيَادَةَ وَتَكُونُ مَوْقُوفَةً لِاحْتِمَالِ عَدَمِ الرَّيِّ فَيُفْسَخُ الْكِرَاءُ.

(قَوْلُهُ هَكَذَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ) وَعِبَارَتُهُ يَعْنِي أَنَّ الْحَاجَّ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَكْتَرِيَ مِنْ رَجُلٍ بَعِيرَهُ مَثَلًا وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَ كُلَّ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ هَدِيَّةٍ إذَا كَانَ مِقْدَارُ ذَلِكَ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لِلْغَرَرِ وَالْجَهَالَةِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ هَدِيَّةُ مَكَّةَ) أَيْ: مَا يُهْدَى لِلْأَجِيرِ بِمَكَّةَ (قَوْلُهُ هُوَ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا مِنْ كِسْوَةٍ وَطِيبٍ) هَذَا تَقْرِيرُ أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ قَالَ وَظَاهِرُهَا جَوَازُ تَطْيِيبِهَا وَكِسْوَتِهَا إلَّا أَنَّ الصَّدَقَةَ أَفْضَلُ كَمَا قَالَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ وَالتَّصَدُّقُ بِثَمَنِ مَا يَخْلُقُ بِهِ الْمَسْجِدُ أَوْ يُجَمَّرُ أَحَبُّ إلَيَّ انْتَهَى. وَقَدَّمْنَا أَنَّ كِسْوَةَ الْكَعْبَةِ مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ كِسْوَةِ الْجِدَارِ انْتَهَى تت وَحَيْثُ كَانَ هَذَا هُوَ الْمَنْقُولَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ حَلًّا لِلْمُدَوَّنَةِ فَمَا قَالَهُ تت عَيْنُ مَا قَالَهُ بَهْرَامُ؛ لِأَنَّ بَهْرَامَ نَقَلَ مَا قَالَهُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ: إذَا كَانَ مَعْنَى الْمُدَوَّنَةِ مَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ لَا غَيْرُ.

(قَوْلُهُ أَيْ: يَجُوزُ لِلْمُسْتَأْجَرِ إلَخْ) أَيْ: يَشْتَرِطُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْجَمَّالِ أَنَّهُ بَعْدَ كُلِّ خَمْسَةِ أَمْيَالٍ يَرْكَبُ خَدَّامُ الْمُسْتَأْجِرِ الْمِيلَ السَّادِسَ لَا أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَشْتَرِطُ الرُّكُوبَ لِنَفْسِهِ كَمَا يُتَوَهَّمُ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ كَمَا لَوْ أَكْرَى جِمَالَهُ لِحَمْلِ شَيْءٍ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ أَجِيرُهُ يُبْعِدُهُ وَإِنْ صَحَّ فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ رَأْسُ سِتَّةِ أَمْيَالٍ) أَيْ: فِي الْأَصْلِ، وَأَمَّا مَا هُنَا فَالْعِبْرَةُ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ بِمَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ (قَوْلُهُ فِي فِعْلِ مِثْلٍ إلَخْ) أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ جَمَّالُهُ مِثْلَهُ وَفِي اشْتِرَاطِ ذَلِكَ السَّلَامَةُ مِنْ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَوُجُوبُهُ لِيَخْرُجَا مِنْ الْحُرْمَةِ إلَخْ أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْجَمَّالُ أَثْقَلَ مِنْهُ وَنَزَلَ وَرَكِبَ مَكَانَهُ وَفِي اشْتِرَاطِ الْعُقْبَةِ سَلَامَةٌ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ بِالْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ ثُمَّ أَقُولُ مَا وَجْهُ الْحُكْمِ يَكُونُ أَحَدُهُمَا يَخْتَارُ النَّدْبَ لِاحْتِمَالٍ مَعَ احْتِمَالِ غَيْرِهِ وَلَعَلَّهُ خِلَافٌ فِي حَالٍ فَمَنْ يَقُولُ بِالْكَرَاهَةِ يَرَى الْغَالِبَ تَسَاوِي الرِّجَالِ وَمَنْ يَرَى الْحُرْمَةَ لَا يُسَلِّمُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَالْمُتَبَادِرُ إلَخْ أَيْ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَى ذَلِكَ لِمَا عَلِمْت مِنْ الْخِلَافِ

الصفحة 38