كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

أَيْ: بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ اكْتَرَاهَا كِرَاءً مَضْمُونًا أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا مَا شَاءَ مَثَلًا فَإِنْ حَمَلَتْ زِنَةً بِالْفِعْلِ بِأَنْ سَمَّى لَهُ وَزْنًا مَعْلُومًا أَوْ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ حَمَّلَهَا حَمْلَ مِثْلِهَا فَلَا كِرَاءَ لَك يَا مُكْتَرِي، وَقَوْلُهُ (كَالسَّفِينَةِ) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَكِرَاءُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ إلَى هُنَا فَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ لَا فِيمَا قَبْلَهُ فَقَطْ مِنْ قَوْلِهِ وَالْكِرَاءُ لَك إنْ لَمْ تَحْمِلْ زِنَةً.

(ص) وَضَمِنَ إنْ أَكْرَى لِغَيْرِ أَمِينٍ (ش) أَيْ: وَكَذَا لَوْ أَكْرَى لِمَنْ هُوَ أَثْقَلُ مِنْهُ أَوْ أَضَرُّ وَهُوَ مُسَاوٍ لَهُ فِي الثِّقَلِ أَوْ دُونَهُ فِيهِ وَإِذَا أَكْرَى لِغَيْرِ أَمِينٍ فَلِرَبِّ الدَّابَّةِ أَنْ يُضَمِّنَ الْمُكْتَرِيَ الثَّانِيَ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ وَكَانَ التَّلَفُ بِسَبَبِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ، وَكَذَا إذَا عَلِمَ بِالتَّعَدِّي وَلَوْ كَانَ التَّلَفُ بِسَمَاوِيٍّ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالتَّعَدِّي وَلَمْ يَكُنْ التَّلَفُ مِنْ سَبَبِهِ فَإِنْ عَلِمَ بِأَنَّهَا فِي يَدِ مَنْ أَكْرَاهَا بِكِرَاءِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي عَدَمِ الْمُكْتَرِي الْأَوَّلِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ بِأَنْ اعْتَقَدَ بِأَنَّهَا مِلْكُهُ أَوْ لَمْ يَعْتَقِدْ شَيْئًا فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ بِحَالٍ.

(ص) أَوْ عَطِبَتْ بِزِيَادَةِ مَسَافَةٍ (ش) أَيْ وَكَذَا يَضْمَنُ الْمُكْتَرِي إذَا زَادَ فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي اكْتَرَى إلَيْهَا وَلَوْ قَلَّتْ كَالْمِيلِ وَعَطِبَتْ وَسَوَاءٌ عَطِبَتْ فِي الزِّيَادَةِ أَوْ فِي الْمَسَافَةِ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا لَكِنْ فِي حَالِ رُجُوعِهِ وَلَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ مَا يَضْمَنُهُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ: إذَا بَلَغَ الْمُكْتَرِي الْغَايَةَ الَّتِي أَكْرَى إلَيْهَا ثُمَّ زَادَ مِيلًا فَعَطِبَتْ الدَّابَّةُ فَلِرَبِّهَا كِرَاؤُهُ الْأَوَّلُ وَالْخِيَارُ فِي أَخْذِ كِرَاءِ الْمِثْلِ مَا بَلَغَ أَوْ قِيمَةُ الدَّابَّةِ يَوْمَ التَّعَدِّي وَيُسْتَثْنَى مِنْ الزِّيَادَةِ فِي الْمَسَافَةِ مَا يَعْدِلُ النَّاسُ إلَيْهِ عُرْفًا وَتَرَكَهُ لِعِلْمِ حُكْمِهِ وَهُوَ عَدَمُ الضَّمَانِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بِزِيَادَةٍ أَيْ: بِسَبَبِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ تَعْطَبُ بِمِثْلِهَا أَمْ لَا بِخِلَافِ لَوْ كَانَ الْعَطَبُ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ.

(ص) أَوْ حِمْلٌ تَعْطَبُ بِهِ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَضْمَنُ إذَا زَادَ حِمْلًا تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ وَعَطِبَتْ وَحَاصِلُ ضَمَانِهِ هُنَا أَنَّهُ إنْ زَادَ مِنْ أَوَّلِ الْمَسَافَةِ خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَلَا مِنْ كِرَاءِ الزَّائِدِ وَبَيْنَ أَخْذِ الْكِرَاءَيْنِ وَإِنْ زَادَ فِي أَثْنَائِهَا خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهَا مَعَ كِرَاءِ مَا قَبْلَ الزِّيَادَةِ وَبَيْنَ أَخْذِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ اسْتَوْفَى الْمَسَافَةَ أَوْ قَسَّطَهُ مَعَ كِرَاءِ الزَّائِدِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ هَذَا إذَا تَلِفَتْ، وَأَمَّا إنْ تَعَيَّبَتْ فَيُنَزَّلُ الْأَرْشُ مَنْزِلَةَ الْقِيمَةِ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ أَيْ: وَهُوَ أَنَّهُ تَعَدَّى بِزِيَادَةِ الْحَمْلِ وَنُكِّرَ حِمْلٌ لِيَشْمَلَ زِيَادَةَ الْوَزْنِ ابْنُ يُونُسَ قَيَّدُوا الْحِمْلَ بِمَا تَعْطَبُ بِهِ وَأَطْلَقُوا فِي الْمَسَافَةِ لِحُصُولِ الْإِذْنِ فِي الْحَمْلِ فِي الْجُمْلَةِ دُونَهَا فَكُلُّهَا تُعَدُّ بِخِلَافِهِ؛ إذْ بَعْضُهُ وَبَعْضُهُ.

(ص) وَإِلَّا فَالْكِرَاءُ (ش) أَيْ: وَإِنْ زَادَ فِي الْمَسَافَةِ وَلَمْ تَعْطَبْ أَوْ زَادَ حِمْلًا لَا تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ وَعَطِبَتْ أَوْ لَمْ تَعْطَبْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْكِرَاءُ فَقَطْ أَيْ: كِرَاءُ الزَّائِدِ بَالِغًا مَا بَلَغَ مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَلَا تَخْيِيرَ لَهُ فِي الْقِيمَةِ وَقَوْلُهُ (كَإِنْ لَمْ تَعْطَبْ) أَيْ: كَإِنْ زَادَ فِي الْحِمْلِ مَا تَعْطَبُ بِهِ وَلَمْ تَعْطَبْ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ كَإِنْ لَمْ تَعْطَبْ مُغَايِرٌ لِمَا دَخَلَ تَحْتَ إلَّا فَهِيَ مَسْأَلَةٌ خَاصَّةٌ مُغَايِرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا وَهِيَ وَإِنْ أَمْكَنَ دُخُولُهَا تَحْتَ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلِكِرَاءٍ لَكِنَّهُ أَفْرَدَهَا لِنُكْتَةٍ وَهِيَ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الضَّمَانَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيَنْظُرُ إلَيْهِ بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ لَا فِيمَا قَبْلُ.

(قَوْلُهُ كِرَاءً مَضْمُونًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَحِمْلٌ بِرُؤْيَتِهِ أَوْ كَيْلٌ إلَخْ فَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَى الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ الَّذِي لَمْ يُعَيَّنْ فِيهِ عُيِّنَ الْمَحْمُولُ أَوْ عَلَى أَنْ يَحْمِلَهَا مَا شَاءَ فَلَعَلَّ هَذَا مِنْ اللَّقَانِيِّ الَّذِي تَبِعَهُ شَارِحُنَا سَبْقُ قَلَمٍ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ يُحَمِّلَهَا حِمْلَ مِثْلِهَا) أَيْ: دَخَلَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يُحَمِّلَهَا حِمْلَ مِثْلِهَا ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ وَحِمْلٌ بِرُؤْيَتِهِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ لِغَيْرِ أَمِينٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَكْرَاهَا لِمَنْ هُوَ دُونَهُ أَمَانَةً لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ أَفَادَ أَنَّهُ يَضْمَنُ إذَا كَانَ أَكْرَى لِمَنْ هُوَ أَقَلُّ أَمَانَةً كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ الضَّمَانُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ أَمِينًا وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ إذْ قَدْ يَرَى رَبُّهَا أَنَّ الْأَوَّلَ يُرَاعَى حَقُّهُ وَيُحْفَظُ مَتَاعُهُ بِخِلَافِ الثَّانِي (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ الثَّانِي بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ وَعِلْمُهُ بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا بِيَدِهِ بِكِرَاءٍ وَأَنَّ رَبَّهَا مَنَعَهُ مِنْ الْإِكْرَاءِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا بِيَدِهِ بِكِرَاءٍ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عِلْمًا بِتَعَدِّيهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِرَبِّ الدَّابَّةِ أَنْ يَضْمَنَ الْمُكْتَرِيَ الثَّانِيَ أَيْضًا إذَا كَانَ عَالِمًا بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِتَعَدِّيهِ وَكَانَ التَّلَفُ بِجِنَايَةٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَلِرَبِّهَا أَنْ يَتْبَعَ أَيَّهُمَا شَاءَ سَوَاءٌ كَانَا مَلِيَّيْنِ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ وَلَمْ يَكُنْ التَّلَفُ مِنْ سَبَبِهِ إلَى آخِرِ مَا فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ فِي الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ) أَيْ الَّذِي هُوَ غَيْرُ عَالِمٍ.

(قَوْلُهُ لَكِنْ فِي حَالِ رُجُوعِهِ) أَيْ: عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ إلَّا أَنَّهُ أَيْ: أَصْبَغَ قَيَّدَ الضَّمَانَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَا إذَا كَثُرَتْ الزِّيَادَةُ، وَأَمَّا ابْنُ الْمَاجِشُونِ فَلَمْ يُقَيِّدْ وَمُفَادُ بَعْضٍ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ فَلِرَبِّهَا كِرَاؤُهُ الْأَوَّلَ) هَكَذَا ذَكَرَهُ ح عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُرَادُ أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَرَادَ أَخْذَ الْقِيمَةِ أَوْ كِرَاءَ الْمِثْلِ فِي الزَّائِدِ (قَوْلُهُ أَيْ بِسَبَبِهِ) أَيْ: أَفْهَمَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِزِيَادَةٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ يَخْرُجُ مَا إذَا كَانَ الْعَطْبُ بِسَمَاوِيٍّ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ قَالَ: وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بِكَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِسَمَاوِيٍّ لَا يَضْمَنُ لَكَانَ أَحْسَنَ.

(قَوْلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْقِيمَةِ) أَيْ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَرْشِ الْعَيْبِ وَبَيْنَ كِرَاءِ الزَّائِدِ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا حَيْثُ كَانَ الْعَيْبُ بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ أَيْ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا تَعَيَّبَتْ بِزِيَادَةِ الْمَسَافَةِ (قَوْلُهُ لِيَشْمَلَ زِيَادَةَ الْوَزْنِ) أَيْ: كَمَا يَشْمَلُ زِيَادَةَ الْكَيْلِ وَالْعَدَدِ (قَوْلُهُ ابْنُ يُونُسَ إلَخْ) بَحَثَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ بِأَنَّ الدَّابَّةَ إنَّمَا هَلَكَتْ بِمَجْمُوعِ التَّعَبِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ التَّصَرُّفِ الْمَأْذُونِ فِيهِ السَّابِقِ مَعَ غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِالْعَمَلِ.

(قَوْلُهُ بَالِغًا مَا بَلَغَ) أَيْ وَلَوْ تَعَيَّبَتْ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ لَيْسَ بِأَقْوَى مِنْ هَلَاكِهَا بِخِلَافِ تَعَيُّبِهَا بِزِيَادَةٍ تَعْطَبُ بِمِثْلِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَارَةً يَزِيدُ فِي الْمَسَافَةِ وَتَارَةً يَزِيدُ فِي الْحِمْلِ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَعْطَبَ أَوْ تَتَعَيَّبَ أَوْ لَا وَقَدْ عَرَفْت أَحْكَامَهَا مِنْ الشَّارِحِ وَمِمَّا قُلْنَا نَعَمْ يَبْقَى مَا إذَا تَعَيَّبَتْ لَا بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ فَالْحُكْمُ أَنَّ

الصفحة 41