كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

لَيْسَ بِمُجَرَّدِ الزِّيَادَةِ بَلْ هُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْعَطَبِ فَإِنَّ أَهْلَ الْمَذْهَبِ أَطْلَقُوا فِي الضَّمَانِ مَعَ الزِّيَادَةِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الضَّمَانَ بِمُجَرَّدِ الزِّيَادَةِ فَصَرَّحَ الْمُؤَلِّفُ بِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ إلَّا مَعَ الْعَطَبِ فَهُوَ مِنْ الْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِالِاحْتِرَاسِ.

(ص) إلَّا أَنْ يَحْبِسَهَا كَثِيرًا فَلَهُ كِرَاءُ الزَّائِدِ أَوْ قِيمَتُهَا (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَالْكِرَاءُ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ أَيْ: إلَّا أَنْ يَحْبِسَهَا الْمُكْتَرِي زَمَنًا كَثِيرًا عَلَى مَا اكْتَرَاهَا كَمَا لَوْ اكْتَرَاهَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَحَبَسَهَا شَهْرًا فَلَهُ مَعَ كِرَاءِ الْيَوْمِ كِرَاءُ الزَّائِدِ الَّذِي حَبَسَهَا فِيهِ إذَا رَدَّهَا بِحَالِهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ وَسَوَاءٌ اسْتَعْمَلَهَا أَمْ لَا أَوْ قِيمَتُهَا يَوْمَ التَّعَدِّي مَعَ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ وَمَفْهُومُ كَثِيرًا أَنَّهُ لَوْ حَبَسَهَا يَسِيرًا كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ لَيْسَ لَهُ إلَّا كِرَاءُ الزَّائِدِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَلَهُ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَبِعِبَارَةِ الْمُرَادِ بِالْكَثِيرِ مَا فَاتَتْ فِيهِ أَسْوَاقُهَا الَّتِي تُرَادُ لَهَا كِرَاءً أَوْ بَيْعًا كَحَبْسِهَا عِنْدَ خُرُوجِ الْقَفْلِ لِلشَّامِ مَثَلًا.

(ص) وَلَك فَسْخُ عَضُوضٍ أَوْ جَمُوحٍ أَوْ أَعْشَى أَوْ دُبُرُهُ فَاحِشًا (ش) الْعَضُوضُ الَّذِي يَعَضُّ مَنْ يَقْرَبُ مِنْهُ كَمَا فِي الشَّارِحِ وَنَحْوِهِ لِأَبِي الْحَسَنِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ عَضُوضٍ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ يَعْنِي أَنَّ الْمُكْتَرِيَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى أَنَّ الدَّابَّةَ الْمُكْتَرَاةَ فِيهَا عَيْبٌ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَبَيْنَ الْبَقَاءِ عَلَيْهَا بِالْكِرَاءِ الَّذِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ وَالْجَمُوحُ الْقَوِيُّ الرَّأْسِ الَّذِي لَا يَنْقَادُ إلَّا بِعُسْرٍ وَالْأَعْشَى الَّذِي لَا يُبْصِرُ بِاللَّيْلِ وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ حَيْثُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ بِاللَّيْلِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَظَاهِرِ الْمُؤَلِّفِ خِلَافُهُ وَلَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى أَنَّهُ عَضُوضٌ أَوْ أَعْوَرُ أَوْ أَعْشَى أَوْ جَمُوحٌ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ مَسَافَةِ الْكِرَاءِ فَإِنَّهُ يَحُطُّ أَرْشَ الْعَيْبِ عَنْ الْمُكْتَرِي وَفِي أَبِي الْحَسَنِ مَا يُفِيدُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ أَعْشَى وَصْفٌ لَا فِعْلٌ فَلَا إشْكَالَ فِي عَطْفِهِ عَلَى عَضُوضٍ وَقَوْلُهُ أَوْ دُبُرُهُ فَاحِشًا عَلَى أَنَّهُ اسْمُ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ تَكُونُ الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةً عَلَى الْمَعْنَى وَالتَّقْدِيرُ وَلَك فَسْخُ مَا كَانَ عَضُوضًا أَوْ جُمُوحًا أَوْ أَعْشَى أَوْ كَانَ دُبُرُهُ فَاحِشًا.

(ص) كَأَنْ يَطْحَنَ لَك كُلَّ يَوْمٍ إرْدَبَّيْنِ بِدِرْهَمٍ فَوُجِدَ لَا يَطْحَنُ إلَّا إرْدَبًّا (ش) تَشْبِيهٌ فِي خِيَارِ الْمُكْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ ثُمَّ إنْ فَسَخَ فَلَهُ فِي الْإِرْدَبِّ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَإِنْ بَقِيَ فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ كُلُّهُ قَالَهُ بَعْضٌ بِلَفْظِ يَنْبَغِي أَيْ: لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي فَإِنْ بَقِيَ فَالْكِرَاءُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الزَّمَنِ وَالْعَمَلِ يُفْسِدُ الْكِرَاءَ حَيْثُ تَسَاوَيَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ زَادَ الْعَمَلُ عَلَى الزَّمَنِ اتِّفَاقًا فَإِنْ زَادَ الزَّمَنُ عَلَى الْعَمَلِ فَهَلْ تَفْسُدُ وَهُوَ مَا شَهَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَوَّلًا وَهُوَ مَا يُفِيدُ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اعْتِمَادَهُ وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى أَنَّهُمَا حِينَ عَقْدِ الْكِرَاءِ اعْتَقَدَا أَنَّ الزَّمَنَ يَزِيدُ عَلَى الْعَمَلِ وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فَوُجِدَ إلَخْ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْإِمَامَ جَوَّزَ هُنَا الْجَمْعَ بَيْنَ الْعَمَلِ وَالزَّمَنِ لِقِلَّةِ وُقُوعِ الْمُعَاقَدَةِ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِي الصَّانِعِ لِكَثْرَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهُ كِرَاءَ الزَّائِدِ وَأَرْشَ الْعَيْبِ إنْ لَمْ يَكُنْ بِسَمَاوِيٍّ (قَوْلُهُ لَيْسَ بِمُجَرَّدِ الزِّيَادَةِ) أَيْ: الَّتِي تَعْطَبُ بِمِثْلِهَا.

. (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْبِسَهَا كَثِيرًا) وَمِثْلُ الْحَبْسِ الْكَثِيرِ رُكُوبُ الْأَمْيَالِ الْكَثِيرَةِ وَمِثْلُ ذَلِكَ تَغَيُّرُ الْأَسْوَاقِ بِالْفِعْلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهُ التَّخْيِيرَ فِي الْحَبْسِ الْكَثِيرِ كَالشَّهْرِ أَوْ الرُّكُوبِ الْكَثِيرِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ غَيْرِ الْأَسْوَاقِ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا تَغَيَّرَتْ الْأَسْوَاقُ بِالْفِعْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّمَانُ كَثِيرًا وَإِذَا حَبَسَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ فَعَلَى مَا بَحَثَهُ الْعَطَّارُ يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَيْضًا (قَوْلُهُ فَلَهُ كِرَاءُ الزَّائِدِ أَوْ قِيمَتُهَا) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ رَبُّهَا حَاضِرًا أَوْ لَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
(قَوْلُهُ هَذَا مُسْتَثْنَى) وَانْظُرْ ذَلِكَ مَعَ التَّأَمُّلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِلَّا فَالْكِرَاءُ فَإِنَّك لَا تَجِدُهُ مُتَّصِلًا وَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَعْنَى وَإِنْ زَادَ فِي الْمَسَافَةِ وَلَمْ تَعْطَبْ أَوْ زَادَ حِمْلًا لَا تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ وَسَوَاءٌ عَطِبَتْ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ وَلَك فَسْخُ عَضُوضٍ) ظَاهِرُهُ يَشْمَلُ مَا لَوْ فَعَلَ بِهِ مَا يَأْمَنُ مَعَهُ عَدَمَ الْعَضِّ بِجَعْلِ شَبَكَةٍ.
(قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ) هَذَا الْقَيْدُ ضَعِيفٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اكْتَرَاهُ وَاشْتَرَطَ أَنَّهُ يَسِيرُ بِهِ نَهَارًا أَوْ كَانَ الْعُرْفُ أَنَّهُ لَا يَسِيرُ إلَّا نَهَارًا أَوْ دَخَلَ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ فَمَتَى تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعْشَى وَلَوْ بَعْدَ تَمَامِ الْمَسَافَةِ الَّتِي اكْتَرَاهُ فِيهَا فَإِنَّهُ يَنْظُرُ لِمَا يُؤَجَّرُ لَهُ عَلَى أَنَّهُ سَالِمٌ مِنْ الْعَيْبِ وَعَلَى أَنَّهُ مَعِيبٌ وَيَحُطُّ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ مِمَّا اكْتَرَاهُ بِهِ، وَأَمَّا إذَا اكْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ يَسِيرُ بِهِ نَهَارًا فَقَطْ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعْشَى فَلَا كَلَامَ لَهُ، وَأَمَّا إنْ اكْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ يَسِيرُ بِهِ لَيْلًا فَقَطْ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعْشَى فَإِنَّهُ يَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الْكِرَاءِ أَرْشِ الْعَيْبِ فَإِنْ سَافَرَ بِهِ نَهَارًا وَلَمْ يَسِرْ بِهِ لَيْلًا فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ فَلَهُ كِرَاءُ مِثْلِهِ فِي سَيْرِهِ نَهَارًا مَعَ حَطِّ أَرْشِ الْعَيْبِ عَنْهُ.
(تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ كَانَ فِي مَكَان مُسْتَعْتَبٍ أَيْ: تُمْكِنُ الْإِقَامَةُ فِيهِ أَمْ لَا وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا كَانَ فِي مَكَان مُسْتَعْتَبٍ أَيْ: لِأَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِئْجَارُ غَيْرِهَا حِينَئِذٍ وَإِلَّا تَمَادَى وَحَطَّ عَنْهُ قِيمَةَ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ كَانَ إلَخْ) أَقُولُ وَيَجُوزُ جَعْلُهُ صِفَةً لِمَحْذُوفٍ لِيَكُونَ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدَاتِ أَيْ: أَوْ حَيَوَانٍ دُبُرُهُ فَاحِشًا فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ كَأَنْ يَطْحَنَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ مُشَاهَرَةٌ صَحِيحَةٌ وَهِيَ غَيْرُ لَازِمَةٍ فَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ نَقَدَ الْكِرَاءَ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ إلْزَامَهُ جَمِيعَ الْكِرَاءِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَعَ كَوْنِهِ لَا يَطْحَنُ إلَّا إرْدَبًّا إلْزَامٌ لِمَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ فَالصَّوَابُ مَا فِي مُحَشِّي تت مِنْ أَنَّهُ إذَا بَقِيَ فَلَهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ اعْتَقَدَ أَنَّ الزَّمَنَ) هَذَا الْجَوَابُ إنَّمَا يُتِمُّ إذًا كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ عَدَمَ طَحْنِهِ لِلْإِرْدَبَّيْنِ بِضِيقِ الزَّمَنِ عِنْدَ طَحْنِهِمَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ فَوَحَّدَ لَا يَطْحَنُ إلَّا إرْدَبًّا عَجْزًا مَعَ سَعَةِ الزَّمَنِ لِطَحْنِهِمَا فَلَا يَتَأَتَّى هَذَا الْجَوَابُ وَيَكُونُ الْجَوَابُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هَذَا عَلَى مَرْضِيِّ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الزَّمَنِ وَالْعَمَلِ حَيْثُ يَسَعُ الزَّمَنُ كَثِيرًا.
(قَوْلُهُ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْإِمَامَ إلَخْ) أَيْ: مَعَ التَّسَاوِي بَيْنَ الزَّمَانِ وَالْعَمَلِ

الصفحة 42