كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

الْمُعَاقَدَةِ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ فَالْغَرَرُ فِي الْأَوَّلِ قَلِيلٌ بِخِلَافِ الثَّانِي وَعُهْدَتُهُ عَلَيْهِ انْتَهَى.

(ص) وَإِنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ مَا يُشْبِهُ الْكَيْلَ فَلَا لَك وَلَا عَلَيْك (ش) أَيْ وَإِنْ زَادَ الْمُكْتَرِي فِي حِمْلِ الدَّابَّةِ عَلَى مَا اسْتَأْجَرَهَا أَوْ نَقَصَ عَنْهُ مَا يُشْبِهُ اخْتِلَافَ الْمَكَايِيلِ فَلَا لَك يَا مَكْرِي فِي الزِّيَادَةِ شَيْءٌ وَلَا عَلَيْك يَا مَكْرِي فِي النَّقْصِ شَيْءٌ وَبِعِبَارَةٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَ إلَخْ مُسْتَأْنَفًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَعَمُّ وَهَذَا أَتَمُّ فَائِدَةً فَيَشْمَلُ مَسْأَلَةَ الثَّوْرِ وَغَيْرَهَا.

(فَصْلٌ) ذَكَرَ فِيهِ كِرَاءَ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ الْمُتَكَارِيَيْنِ
(ص) جَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ وَدَارِ غَائِبَةٍ كَبَيْعِهَا أَوْ نِصْفِهَا (ش) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْكِرَاءُ اشْتِرَاءُ الْمَنَافِعِ فَهُوَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ يُحِلُّهُ مَا يُحِلُّهَا وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُهَا فَلَا يَجُوزُ فِيهِ الْغَرَرُ وَلَا الْجَهْلُ قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ الْكِرَاءُ مَمْدُودٌ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ كِرَاءُ الْحَمَّامِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَفُرْنٍ وَمَعْمَلِ فَرُّوجٍ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ كِرَاءُ دَارٍ غَائِبَةٍ أَوْ رُبُعٍ أَوْ حَانُوتٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعُدَتْ الْغَيْبَةُ كَاكْتِرَائِهِ دَارًا بِمِصْرَ وَهُوَ بِمَكَّةَ بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ أَوْ وَصْفٍ أَوْ بِالْخِيَارِ إذَا رَآهَا كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ كُلٍّ مِنْ الْحَمَّامِ أَوْ الدَّارِ أَوْ جَزْءٍ مِنْ الْأَجْزَاءِ الشَّائِعَةِ كَرُبُعٍ وَنَحْوِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَبَيْعِهِمَا بِتَثْنِيَةِ الضَّمِيرِ وَهِيَ أَحْسَنُ ثُمَّ إنَّ كِرَاءً فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى اكْتِرَاءٍ فَيُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ الْإِكْرَاءِ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِمَعْنَى إكْرَاءٍ فَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ الِاكْتِرَاءِ فَتَجْعَلُهُ بِمَعْنَى الِاكْتِرَاءِ وَيَكُونُ الْإِكْرَاءُ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَلِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ فِي الِاكْتِرَاءِ وَقَوْلُهُ أَوْ نِصْفِهَا قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى أَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلَيْنِ بِمَنْعِ كِرَاءِ مَا ذُكِرَ وَالْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كِرَاءُ الْجُزْءِ الْمُشَاعِ إلَّا لِلشَّرِيكِ وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ كَبَيْعِهِ أَوْ نِصْفِهِ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْمَذْكُورِ فَيَشْمَلُ الدَّارَ وَالْحَمَّامَ كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ الْحَمَّامَ مُذَكَّرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَنَّثَ الضَّمِيرَ الْعَائِدَ عَلَى الدَّارِ وَالْحَمَّامِ بِاعْتِبَارِ التَّغْلِيبِ لِقُرْبِ الدَّارِ لَكِنَّ الْقَاعِدَةَ تَغْلِيبُ الْمُذَكَّرِ عَلَى الْمُؤَنَّثِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْبُقْعَةِ.

(ص) أَوْ نِصْفِ عَبْدٍ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَجُوزُ كِرَاءُ نِصْفِ عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ وَلَا مَفْهُومَ لِلنِّصْفِ وَيَسْتَعْمِلُهُ الْمُكْتَرِي يَوْمًا وَالْآخَرُ يَوْمًا وَإِنْ كَانَ لَهُ غَلَّةٌ اقْتَسَمَاهَا عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ.

(ص) وَشَهْرًا عَلَى إنْ سَكَنَ يَوْمًا لَزِمَ إنْ مَلَكَ الْبَقِيَّةَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ كِرَاءُ الدَّارِ أَوْ الْحَانُوتِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ شَهْرًا عَلَى شَرْطِ إنْ سَكَنَ الْمُكْتَرِي يَوْمًا فَأَكْثَرَ مِنْ الشَّهْرِ لَزِمَهُ الْكِرَاءُ أَيْ: الْعَقْدُ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ يَمْلِكُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ بِالسُّكْنَى وَالْإِسْكَانِ، وَأَمَّا لَوْ دَخَلَا عَلَى أَنَّهُ إنْ خَرَجَ الْمُكْتَرِي رَجَعَتْ لِرَبِّهَا وَلَا يَتَصَرَّفُ الْمُكْتَرِي فِي الْمُدَّةِ بِكِرَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ فَقَوْلُهُ إنْ مَلَكَ الْبَقِيَّةَ أَيْ: إنْ دَخَلَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَإِنْ زَادَ الْمُكْتَرِي) عَلَى حَلِّ الشَّارِحِ يَكُونُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ وَإِنْ جَعَلَ فَاعِلَ زَادَ الْمُكْرِي كَانَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَفَّ وَنُشِرْ مُشَوَّشٌ (قَوْلُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا) وَهُوَ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ فِي الْحَمْلِ وَهُوَ مَا حَلَّ بِهِ أَوَّلًا وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ أَيْ: بِأَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ فِي الطَّحْنِ وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَعُمّ أَيْ: شَامِلٌ لِلْحِمْلِ وَالطَّحْنِ

[فَصْل كِرَاءَ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ الْمُتَكَارِيَيْنِ]
(قَوْلُهُ جَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ) إنَّمَا جَازَ كِرَاؤُهُ لِجَوَازِ دُخُولِهِ وَإِنْ كَانَ مَرْجُوحًا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْإِمَامِ وَاَللَّهِ مَا دُخُولُهُ بِصَوَابٍ أَيْ: حَسَنٍ وَبَعْضُهُمْ حَمَلَهُ عَلَى الْمَنْعِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ وَجْهِهِ الشَّرْعِيِّ (قَوْلُهُ اشْتِرَاءُ الْمَنَافِعِ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِمَا يَعْقِلُ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ فَهُوَ بَيْعٌ اُنْظُرْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ خُرُوجِهِ مِنْ مَعْنَى الْبَيْعِ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَبِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَلَعَلَّ هَذَا طَرِيقَةٌ أُخْرَى غَيْرُ طَرِيقَةِ ابْنِ عَرَفَةَ فَلَا اعْتِرَاضَ (قَوْلُهُ كَفَرْنَ وَمَعْمَلِ فُرُوجٍ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مِثْلَ الْحَمَّامِ غَيْرُهُ مِمَّا مَنْفَعَتُهُ عَامَّةٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ رُبُعٌ إلَخْ) هَذَا مِنْ نَظِيرِ الدَّارِ أَيْ: فَنَبَّهَ بِالدَّارِ لِدُخُولِ مَا ذُكِرَ لِكَوْنِهِ كَهُوَ (قَوْلُهُ بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ) أَيْ: لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ أَوْ وَصْفٍ أَيْ وَلَوْ مِنْ الْمُكْرِي وَذَلِكَ كُلُّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ جَزْءٌ إلَخْ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ نِصْفَهَا مَعْطُوفٌ عَلَى هَا فِي بَيْعِهَا وَلَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ بَهْرَامَ إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ: وَهُوَ حَمَّامٌ أَيْ: وَجَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ وَدَارٍ وَكِرَاءُ نِصْفِهَا وَإِلَى كَلَامِ بَهْرَامَ يُشِيرُ قَوْلُ شَارِحِنَا وَقَوْلُهُ أَوْ نِصْفُهَا قَصَدَ بِهِ الرَّدَّ إلَخْ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ نِصْفَهَا مَعْطُوفٌ عَلَى دَارٍ لِقَصْدِ الرَّدِّ وَحَذَفَهُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ كَمَا يَجُوزُ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ وَهُوَ غَيْرُ قَاعِدَةِ الْفُقَهَاءِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِمَّا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبِرِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ كَبَيْعِهَا دَاخِلَةً عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا بِإِفْرِيقِيَةَ وَهُوَ بِمِصْرَ جَازَ ذَلِكَ كَالشِّرَاءِ.
(قَوْلُهُ وَلِلرَّدِّ عَلَى الْمُخَالِفِ إلَخْ) أَيْ يَجُوزُ الْإِكْرَاءُ وَيُمْنَعُ الِاكْتِرَاءُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْقَاعِدَةَ إذَا جَازَ أَحَدُ الْمُتَلَازِمَيْنِ يَجُوزُ الْآخَرُ وَالْكِرَاءُ وَالِاكْتِرَاءُ مُتَلَازِمَانِ، فَإِذَا جَازَ أَحَدُهُمَا جَازَ الْآخَرُ وَإِذَا مُنِعَ أَحَدُهُمَا مُنِعَ الْآخَرُ وَالشَّارِحُ فِيمَا قَالَهُ تَابِعٌ لِغَيْرِهِ وَهَؤُلَاءِ ثِقَاتٌ فَيَكُونُ عَلَى هَذَا بَعْضُ أَرْبَابِ الْمَذَاهِبِ لَا يُسَلِّمُ تِلْكَ الْقَاعِدَةَ وَيَظْهَرُ قَوْلُهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ الِاكْتِرَاءُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَيَجُوزُ الْإِكْرَاءُ الْمُتَّفَقُ عَلَى جَوَازِهِ مِنْ بَابِ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ التَّغْلِيبِ) كَيْفَ التَّغْلِيبُ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي تَثْنِيَةٍ أَوْ جَمْعٍ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْوَاوَ فِي وَدَارٍ بِمَعْنَى أَوْ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْأَحَدِ الدَّائِرِ فَلَا بُدَّ مِنْ ارْتِكَابِ التَّغْلِيب وَقَدْ غُلِّبَ الْمُؤَنَّثُ وَالْأَحْسَنُ تَغْلِيبُ الْمُذَكَّرِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَبَيْعِهِمَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ قَالَ اللَّقَانِيِّ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ أَحْسَنُ.

(قَوْلُهُ أَوْ نِصْفُ عَبْدٍ) كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَهُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي اسْتِئْجَارِ الْعَقَارَاتِ

الصفحة 43