كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

عَلَى مِلْكِ الْبَقِيَّةِ إمَّا بِالشَّرْطِ أَوْ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ مَا يُنَافِي ذَلِكَ كَالْإِطْلَاقِ بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَا عَلَى مَا يُنَافِي ذَلِكَ كَدُخُولِهِمَا عَلَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ إذَا خَرَجَ رَجَعَتْ الذَّاتُ الْمُسْتَأْجَرَةُ لِرَبِّهَا أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُتَصَرَّفُ فِيهَا بِكِرَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ فَإِنَّ الْعَقْدَ لَا يَجُوزُ وَإِنْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ فِي الْأَوَّلِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الْعَقْدِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ وَإِنْ أَسْقَطَهُ فِي الثَّانِي صَحَّ الْعَقْدُ وَهَذَا نَحْوُ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَلَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ إنَّهُ شَرْطٌ بَاطِلٌ وَقَوْلُهُ عَلَى إنْ سَكَنَ أَيْ فَهُوَ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَسْكُنْ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَشَهْرًا عُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ قَبْلَهُ تَقْدِيرُهُ جَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ وَدَارٍ أَمَدًا مَعْلُومًا وَشَهْرًا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ مَعَ انْدِرَاجِهِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ عَلَى إنْ سَكَنَ يَوْمًا إلَخْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ أَيْ: وَجَازَ الْكِرَاءُ شَهْرًا إلَخْ.

(ص) وَعَدَمُ بَيَانِ الِابْتِدَاءِ وَحَمَلَ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى كِرَاءٍ أَيْ: وَجَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ وَعَدَمِ بَيَانِ الِابْتِدَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِجَارَةَ تَجُوزُ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَقَوْلِهِ أَسْتَأْجِرُ مِنْك سَنَةً مَثَلًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ الِابْتِدَاءَ وَيَحْمِلَ ابْتِدَاءَ ذَلِكَ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ فَإِنْ وَقَعَ عَلَى شَهْرٍ فَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِهِ لَزِمَهُ كُلُّهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ نَقْصٍ أَوْ تَمَامٍ وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَائِهِ لَزِمَهُ الْكِرَاءُ فِي ثَلَاثِينَ يَوْمًا مِنْ يَوْمِ عَقَدَاهُ، وَكَذَلِكَ فِي السَّنَةِ إنْ كَانَ فِي أَوَّلِ شَهْرٍ لَزِمَهُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ وَإِنْ وَقَعَ بَعْدَمَا مَضَى مِنْ السَّنَةِ عَشْرَةُ أَيَّامٍ مَثَلًا حَسِبَا أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا بِالْأَهِلَّةِ وَشَهْرًا عَلَى تَمَامِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَحَمَلَ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ سَوَاءٌ كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً أَمْ مُشَاهَرَةً أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ السُّكْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَقْدُ لَازِمًا كَفَى ذَلِكَ مَا لَمْ يُحِلَّ عَنْ نَفْسِهِ وَإِذَا مَضَى بَعْضُ الْمُدَّةِ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ سَقَطَ عَنْهُ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الْكِرَاءِ وَيَسْكُنُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ وَلَيْسَ لَهُ بَدَلُ مَا مَضَى مِنْهَا قَبْلَ التَّمَكُّنِ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيَّةِ: فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْهَا بَعْضَ الْمُدَّةِ الْمُشْتَرَطَةِ ثُمَّ مَكَّنَهُ فَعَلَيْهِ بِحِسَابِ مَا سَكَنَ وَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَزِيدَ بَعْدَ الْمُدَّةِ بِقَدْرِ مَا مُنِعَ مِنْهُ انْتَهَى وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

(ص) وَمُشَاهَرَةً وَلَمْ يَلْزَمْ لَهُمَا إلَّا بِنَقْدٍ فَقَدْرُهُ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى شَهْرًا أَيْ: وَجَازَ الْكِرَاءُ مُشَاهَرَةً أَوْ مُسَانَاةً أَوْ مُيَاوَمَةً إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُمَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِانْحِلَالُ مَتَى شَاءَ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ أَسْتَأْجِرُ مِنْك كُلَّ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ بِكَذَا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَجَّلَ لَهُ شَيْئًا مِنْ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بِقَدْرِ مَا عَجَّلَ، فَإِذَا قَالَ: أَكْتَرِي مِنْك كُلَّ شَهْرٍ بِدِينَارٍ مَثَلًا ثُمَّ عَجَّلَ لَهُ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ فَالْمُشَاهَرَةُ لَقَبٌ لِلْمُدَّةِ غَيْرِ الْمَحْدُودَةِ وَالْوَجِيبَةُ لَقَبٌ لِلْمُدَّةِ الْمَحْدُودَةِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَلْزَمْ أَيْ الْكِرَاءُ لَهُمَا فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِفَاعِلِ يَلْزَمُ فَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ فَلِأَيِّ شَيْءٍ عَدَّاهُ بِاللَّامِ قَوْلُهُ فَقَدَّرَهُ أَيْ: فَيَلْزَمُ قَدْرُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَدَمَ اللُّزُومِ فَيَعْمَلُ بِهِ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْوَجِيبَةِ.

(ص) كَوَجِيبَةٍ بِشَهْرٍ كَذَا أَوْ هَذَا الشَّهْرُ أَوْ شَهْرًا أَوْ إلَى كَذَا (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي اللُّزُومِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ فَقَدَّرَهُ وَلَمَّا كَانَ الْوُجُوبُ أَصْلُهُ السُّقُوطُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الحج: 36] أَيْ: سَقَطَتْ وَكَانَ السَّاقِطُ يَلْزَمُ مَكَانَهُ الَّذِي سَقَطَ فِيهِ سُمِّيَ الْوَاجِبُ لَازِمًا فَلِذَا سُمِّيَتْ وَجِيبَةً لِلُزُومِهَا وَالْمَعْنَى أَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ وَقَوْلُهُ وَلَا غَيْرَهُ أَيْ: مِنْ إسْكَانِهِ لِلْغَيْرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَسْكُنُ هُوَ وَقَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ إذَا خَرَجَ وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِي أَيْ: الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ وَقَوْلُهُ وَهَذَا أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ فِي الثَّانِي مَا لَمْ يَسْقُطْ نَحْوُ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ نُصُوصُهُمْ فَقَدْ زَادَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ إنْ خَرَجَتْ فَلَيْسَ لَك أَنْ تَكْتَرِيَ الْبَيْتَ وَنَقَلَهَا اللَّخْمِيُّ بِزِيَادَةٍ لَا خَيْرَ فِيهَا وَالْكِرَاءُ لَازِمٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مُوَضِّحًا لِذَلِكَ الْفَرْقِ بَيْنَ ابْنِ عَرَفَةَ وَاللَّخْمِيِّ أَنَّ الْعَقْدَ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ فَاسِدٌ وَإِسْقَاطُ الشَّرْطِ يُصَحِّحُهُ وَعِنْدَ اللَّخْمِيِّ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ لَا يُعْمَلُ بِهِ (قَوْلُهُ فَهُوَ بِالْخِيَارِ) أَيْ فَهَذِهِ مُشَاهَرَةٌ لَا وَجِيبَةٌ.

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ إلَخْ) يُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا نَقَدَ نَظِيرُ مَا قِيلَ فِي الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَنْعِ بِسُكْنَى رَبِّهَا أَوْ بِمَنْعِ الْمِفْتَاحِ أَوْ بِإِجَارَتِهَا لِلْغَيْرِ وَلَكِنْ نَذْكُرُ لَك حَاصِلَ مَا فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ مَكَّنَهُ رَبُّ الدَّارِ مِنْهَا فَتَرَكَهَا الْمُكْتَرِي مُدَّةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّ الدَّارِ فِيهَا وَلَا مُسْكِنًا غَيْرَهُ فِيهَا وَلَا مَانِعًا مِنْهُ الْمِفْتَاحَ فَجَمِيعُ الْكِرَاءِ لَازِمٌ لِلْمُكْتَرِي كَمَنْ اكْتَرَى إبِلًا أَوْ دَوَابَّ لِيَرْكَبَهَا فَأَتَاهُ بِهَا رَبُّهَا فَأَبَى أَنْ يَرْكَبَهَا فَإِنَّ عَلَيْهِ جَمِيعَ الْكِرَاءِ، وَإِذَا لَمْ يُمَكِّنْهُ رَبُّهَا مِنْهُ سَنَةً مَثَلًا فَتَارَةً يُكْرِيهَا فِي السَّنَةِ لِآخَرَ فَلِلْمُكْتَرِي الْأَكْثَرُ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ وَمَا اكْتَرَيْت بِهِ وَعَلَيْهِ حِينَئِذٍ دَفْعُ جَمِيعِ الْكِرَاءِ لِرَبِّهَا أَوْ يَحُطُّ عَنْهُ حِصَّةَ سَنَةٍ مِنْ الْكِرَاءِ فَالْخِيَارُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ، وَتَارَةً يَسْكُنُ رَبُّهَا بِنَفْسِهِ أَوْ يَمْنَعُهُ مِنْ الْمِفْتَاحِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ عَنْ الْمُكْتَرِي حِصَّةَ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ أَوْ مُسَانَاةً إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُشَاهَرَةَ مَا عُبِّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ الشَّهْرِ وَأَنَّ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَذْفًا وَقَوْلُهُ بَعْدُ فَالْمُشَاهَرَةُ إلَخْ يُنَافِيهِ وَيَقْتَضِي أَنْ لَا حَذْفَ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَجْرِيَ عَلَى سُنَنِ الْآتِي.
(قَوْلُهُ فَالْجَارُّ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ فَاعِلَ لَزِمَ ضَمِيرٌ وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّ الْقَائِلِ بِجَوَازِ إعْمَالِ ضَمِيرِ الْمَصْدَرِ الْمُسْتَتِرِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ مَعْنَى تَعَلُّقِهِ بِهِ أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ فِي الْمَعْنَى مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: الْكِرَاءُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِمَا وَالْأَقْرَبُ أَنَّ اللَّامَ زَائِدَةٌ وَقَوْلُهُ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْوَجِيبَةِ فَنَقُولُ تَلْزَمُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَدَمَ اللُّزُومِ.
(قَوْلُهُ أَيْ فَيَلْزَمُ قَدْرُهُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَدْرَهُ فَاعِلٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُحْذَفُ فِيهَا الْفَاعِلُ.

(قَوْلُهُ سُمِّيَ الْوَاجِبُ لَازِمًا) جَوَابٌ لِمَا أَيْ: سُمِّيَ الْوَاجِبُ فِي الشَّرْعِ لَازِمًا وَقَوْلُهُ فَلِذَا أَيْ: فَلِكَوْنِ الْوُجُوبِ يَلْزَمُهُ السُّقُوطُ سُمِّيَتْ تِلْكَ الْعُقْدَةُ وَجِيبَةً لِلُزُومِهَا

الصفحة 44