كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

كَانَتْ الْأَرْضُ تُزْرَعُ مِرَارًا فِي السَّنَةِ أَوْ مَرَّةً وَالْحَصَادُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسْبِهِ أَيْ: بِحَصْدِهِ أَوْ قَطْعِهِ أَوْ جَذِّهِ أَوْ رَعْيِهِ كَالزَّرْعِ وَالْبِرْسِيمِ وَاللِّفْتِ وَالْمُلُوخِيَّةِ وَالْكَمُّونِ وَنَحْوِهَا فَلَوْ كَانَتْ مِمَّا يُخَلِّفُ بُطُونًا فَبِآخِرِ بَطْنٍ.

(ص) فَإِنْ تَمَّتْ وَلَهُ زَرْعٌ أَخْضَرُ فَكِرَاءٌ مِثْلُ الزَّائِدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مُدَّةَ الْإِجَارَةُ إذَا انْقَضَتْ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الْأَرْضِ زَرْعٌ أَخْضَرُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ رَبَّ الْأَرْضِ أَنْ يُبْقِيَهُ فِيهَا إلَى تَمَامِ طِيبِهِ وَلَهُ عَلَى الْمُكْتَرِي أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَيْ: فِيمَا زَادَ عَلَى السَّنَةِ يَلْزَمُ فِيهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الزَّرْعُ فَلَوْ بَقِيَ الزَّرْعُ فِي الْأَرْضِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ نَحْوَ الشَّهْرَيْنِ مَثَلًا فَيُقَالُ: مَا تُسَاوِي هَذِهِ الْأَرْضُ فِي الْمُدَّةِ لَوْ أُكْرِيَتْ؟ فَيُقَالُ: يُسَاوِي كِرَاؤُهَا كَذَا فَيُعْطَاهُ رَبُّ الْأَرْضِ وَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَلَا يَصِحُّ تَفَرُّعُهُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ فِيهِ بِالْحَصَادِ وَقَوْلُهُ وَلَهُ زَرْعٌ أَخْضَرُ أَيْ: زَرْعٌ لَمْ يَتِمَّ أَيْ: أَوْ شَجَرٌ لَمْ يُؤَبَّرْ أَيْ: وَكَانَ يَظُنُّ الزَّارِعُ تَمَامَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ بِيَسِيرٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَظُنُّ تَمَامَهُ بَعْدَهَا بِكَثِيرٍ فَهُوَ مُتَعَدٍّ قُرْبَهَا مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ حَرَثَ أَرْضَهُ فَأَفْسَدَ زَرْعَهُ أَوْ أَقَرَّهُ بِالْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَةِ الْكِرَاءِ وَمِنْ كِرَاءِ الْوَجِيبَةِ.

(ص) وَإِذَا انْتَثَرَ لِلْمُكْتَرِي حَبٌّ فَنَبَتَ قَابِلًا فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا فَزَرَعَهَا فَعِنْدَ حَصَادِهِ انْتَثَرَ مِنْهُ حَبٌّ فِي الْأَرْضِ بِآفَةٍ كَبَرَدٍ أَوْ غَيْرِ آفَةٍ فَنَبَتَ قَابِلًا أَيْ: فِي زَمَنٍ قَابِلٍ كَانَ فِي عَامِهِ أَوْ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِرَبِّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَعْرَضَ عَنْهُ عَادَةً وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَنَبَتَ لِلتَّعْقِيبِ وَتَعْقِيبُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسْبِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِلْمُكْتَرِي بَلْ هُوَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ بَلْ كُلُّ مَا يَنْتَثِرُ فِي الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ بِكِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَنَبَتَ فِيهَا بَعْدَ تَمَامِ مُدَّةِ زَارِعِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لِمُكْرِيهَا لَا لِزَارِعِهَا وَهَذَا حَيْثُ انْقَضَتْ مُدَّةُ كِرَاءِ مَنْ انْتَثَرَ حَبُّهُ فَإِنْ بَقِيَتْ فَهُوَ لَهُ، وَأَمَّا إنْ أَكْرَاهَا رَبُّهَا لِغَيْرِهِ وَنَبَتَ فِي مُدَّةِ كِرَائِهَا لِغَيْرِهِ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ لَا لِلْمُكْتَرِي قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الصَّيْدِ وَمَفْهُومُ انْتَثَرَ أَنَّهُ لَوْ زَرَعَ وَلَمْ يَنْبُتْ فِي سَنَةِ بَذْرِهِ وَنَبَتَ فِي السَّنَةِ الْقَابِلَةِ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ لِرَبِّهِ وَيَكُونُ عَلَيْهِ كِرَاؤُهُ وَهَلْ عَلَيْهِ كِرَاءٌ فِي الْعَامِ الَّذِي لَمْ يَنْبُتْ فِيهِ يَجْرِي عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِعَطَشٍ وَنَحْوِهِ لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ فِيهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ.

(ص) كَمَنْ جَرَّهُ السَّيْلُ إلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيْلَ إذَا جَرَّ حَبَّ رَجُلٍ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ فَنَبَتَ فِيهَا فَإِنَّهُ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الَّتِي انْجَرَّ إلَيْهَا، وَكَذَلِكَ إذَا جَرَّ السَّيْلُ زَرْعَ رَجُلٍ إلَى أَرْضِ جَارِهِ فَنَبَتَ فِيهَا فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَلَا شَيْءَ فِيهِ لِصَاحِبِهِ فَقَوْلُهُ كَمَنْ جَرَّهُ السَّيْلُ أَيْ: كَشَخْصٍ جَرَّ السَّيْلُ الزَّرْعَ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ جَرَّهُ إنْ جَعَلْت الضَّمِيرَ لِلزَّرْعِ أَفَادَ أَنَّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَأَخَذَ مِنْهُ أَرْجَحِيَّةَ هَذَا الْقَوْلِ وَإِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ وَكَانَتْ الْأَرْضُ تُزْرَعُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَصَادِ فِي الزَّرْعَةِ الْأُولَى حَيْثُ كَانَتْ تُزْرَعُ الْأَرْضُ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت عَنْ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ قَائِلًا مَا نَصُّهُ وَالْعِبْرَةُ بِالْحَصْدِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ أَوْ جَذُّهُ) الْجَذُّ هُوَ الْقَطْعُ وَلَوْ أَبْدَلَهُ بِقَلْعِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَقَوْلُهُ كَالزَّرْعِ رَاجِعٌ لِلْحَصَادِ وَقَوْلُهُ وَالْبِرْسِيمُ رَاجِعٌ لِلرَّعْيِ وَقَوْلُهُ وَاللِّفْتُ رَاجِعٌ لِلْقَلْعِ وَقَوْلُهُ وَالْمُلُوخِيَّةُ رَاجِعٌ لِلْقَطْعِ وَقَدْ تُجَذُّ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ وَقَوْلُهُ فَلَوْ كَانَتْ مِمَّا يَخْلُفُ بُطُونًا كَالْبِرْسِيمِ.

(قَوْلُهُ فِي الْمُدَّةِ إلَخْ) أَيْ: الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْكِرَاءِ فِي السَّنَةِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ لِلْكِرَاءِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَلَا يُنْظَرُ لِنِسْبَتِهِ لِكِرَاءِ السَّنَةِ وَهَذَا عَلَى مَا لِسَحْنُونٍ وَالْمُصَنِّفُ مَاشٍ عَلَيْهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ سَحْنُونًا طَرَحَ قَوْلَهُ فِيهَا عَلَى حِسَابِ مَا أَكْرَى مِنْهُ فَهُوَ مَاشٍ عَلَيْهِ وَلَا يُنْظَرُ لِمَا أَكْرَى مِنْهُ وَمَعْنَى عَلَى حِسَابِ مَا أَكْرَى مِنْهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ أَنْ يُقَالَ: مَا قِيمَةُ كِرَائِهَا فِي السَّنَةِ فَيُقَالُ خَمْسَةٌ مَثَلًا ثُمَّ يُقَالُ وَمَا قِيمَةُ كِرَاءِ هَذَا الْأَمَدِ الزَّائِدِ؟ فَيُقَالُ: دِينَارٌ فَيُعْطَى لِلزَّائِدِ مِثْلَ خُمُسِ الْكِرَاءِ كَانَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَبَعْضِ الشُّرَّاحِ اعْتِمَادُ كَلَامِ سَحْنُونَ وَضَعُفَ مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ السَّنَةَ فِيهِ بِالْحَصَادِ) أَيْ لِزَرْعِهَا وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَأَخَّرَ الزَّرْعُ عَنْ السَّنَةِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ قَلْعٌ وَلَا أُجْرَةٌ قَالَهُ تت.
(قَوْلُهُ لَمْ يُؤَبَّرْ) ؛ إذَا مَا لَمْ يُؤَبَّرْ لَيْسَ فِيهِ تَلَفُ شَيْءٍ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَأْمُرَ الْمُسْتَأْجِرَ بِقَلْعِ شَجَرِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ عج وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَرْضُ سِنِينَ لِذِي شَجَرٍ بِهَا.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ كَانَ يَظُنُّ إلَخْ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ وَلَوْ كَانَ رَبُّهُ يَظُنُّ بَقَاءَهُ فَالْحُكْمُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ.

(قَوْلُهُ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ) اُنْظُرْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا رَبٌّ هَلْ يَكُونُ لِرَبِّ الْحَبِّ أَوْ هُوَ مُبَاحٌ كَالْعُشْبِ كَمَا قَالَهُ عج؟ فَإِنْ قُلْت: سَيَأْتِي فِي الْمَوَاتِ أَنَّ حَرْثَهَا مِنْ الْإِحْيَاءِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَعَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يُعْرِضْ عَنْهَا وَمَا هُنَا قَدْ أَعْرَضَ عَنْهَا (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ) أَيْ: وَمِثْلُهُ إذَا كَانَ أَعَارَهُ إيَّاهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ بَقِيَتْ فَهُوَ لَهُ) أَيْ: وَكَذَا إذَا أَكْرَاهَا قَابِلًا عَقِبَ اكْتِرَائِهِ الْأَوَّلِ فِيمَا يَظْهَرُ.
(قَوْلُهُ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الصَّيْدِ) أَيْ: إذَا لَمْ يَطْرُدْ الصَّائِدُ الصَّيْدَ لِلدَّارِ ثُمَّ إنَّ الصَّيْدَ غَلَبَهُ وَدَخَلَ الدَّارَ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِرَبِّ الدَّارِ قَالُوا وَالْمُرَادُ بِرَبِّهَا مَالِكُ ذَاتِهَا لَا مَالِكُ مَنْفَعَتِهَا.

(قَوْلُهُ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ) عِبَارَةٌ قَاصِرَةٌ فَالْأَحْسَنُ مَا فِي عج حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا لَوْ جَرَّ شَجَرَةً فَإِنْ كَانَتْ إذَا قُلِعَتْ لَا تَنْبُتُ أَوْ كَانَتْ إذَا قُلِعَتْ تَنْبُتُ وَأَبَى رَبُّهَا مِنْ أَخْذِهَا فِي هَذِهِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ رَبَّ الْأَرْضِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَتَهَا مَقْلُوعَةً وَبَيْنَ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ إذَا قُلِعَتْ تَنْبُتُ وَطَلَبَهَا رَبُّهَا لِيَغْرِسَهَا كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَهَا حَطَبًا كَانَ لِرَبِّ الْأَرْضِ مَنْعُهُ مِنْ قَلْعِهَا وَهَلْ يُعْطِيهِ قِيمَتَهَا مَقْلُوعَةً تَرَدَّدَ فِيهِ شَيْخُنَا فَالْأَوَّلُ نَظَرٌ لِقَوْلِ رَبِّهَا وَالثَّانِي احْتِمَالٌ أَنْ يَبْدُوَ لَهُ عَوْدُهَا لِمَكَانِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّهَا أَنَّهُ يَأْخُذُهَا لِيَغْرِسَهَا لَا قَوْلَ الْآخَرِ لِيَجْعَلَهَا حَطَبًا وَأَنْ يَكُونَ حُكْمُ الزَّرْعِ الَّذِي جَرَّهُ السَّيْلُ حَيْثُ كَانَ يَنْبُتُ بِأَرْضِ رَبِّهِ حُكْمُ الشَّجَرِ الَّذِي يَنْبُتُ بِأَرْضِ رَبِّهِ.

الصفحة 49