كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

جَعَلْته لِلْبَذْرِ أَفَادَ بِمَفْهُومِهِ أَنَّ الزَّرْعَ لِرَبِّهِ وَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ قَوْلَيْنِ وَالْمَتْنُ قَابِلٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَالْمُنَاسِبُ لِكَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لِرَبِّهِ فَيُجْعَلُ الضَّمِيرُ لِلْبَذْرِ، وَأَمَّا الشَّجَرُ فَيُفْهَمُ مِنْ فَرْضِ الْمُؤَلِّفِ الْكَلَامَ فِي الْبَذْرِ أَوْ الزَّرْعِ أَنَّهُ لِرَبِّهِ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ إذَا قَلَعَ يَنْبُتُ وَإِلَّا فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَقْلُوعًا.

(ص) وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ فِي مَوَاضِعَ يَلْزَمُ فِيهَا الْكِرَاءُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْعَيْنِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا كَمَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الثَّمَنُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَقَوْلُهُ وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ أَيْ: فِي أَرْضِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلُ وَيَجِبُ فِي مَأْمُونَةِ النِّيلِ إذَا رُوِيَتْ ثُمَّ إنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ حَيْثُ لَمْ يَخْشَ مِنْ نَحْوِ الْفَأْرِ، فَإِذَا تَمَكَّنَ مِنْ زَرْعِ الْأَرْضِ وَلَكِنْ خَشِيَ إنْ زَرَعَ أَكَلَهُ الْفَأْرُ وَنَحْوُهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ الْبَاجِيُّ، وَكَذَلِكَ الْجَرَادُ إذَا بَاضَتْ فِي الْأَرْضِ فَمَنَعَتْ الْحَرْثَ فِي إبَّانِ الزِّرَاعَةِ خِيفَةَ أَنْ يُؤْذِيَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَلَا كِرَاءَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ.

(ص) وَإِنْ فَسَدَ لِجَائِحَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكِرَاءَ يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْعَيْنِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا وَإِنْ فَسَدَ زَرْعُهَا لِأَجْلِ جَائِحَةٍ نَزَلَتْ بِهِ كَبَرْدٍ أَوْ جَلِيدٍ وَجَرَادٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا دَخْلَ لِلْأَرْضِ فِيهِ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ غَصَبَهُ غَاصِبٌ فَالْكِرَاءُ لَازِمٌ.

(ص) أَوْ غَرَقٌ بَعْدَ وَقْتِ الْحَرْثِ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ إذَا غَرِقَتْ الْأَرْضُ بَعْدَ فَوَاتِ إبَّانِ الزَّرْعِ الَّذِي اُكْتُرِيَتْ لَهُ وَسَوَاءٌ زَرَعَهَا أَوْ لَا، وَأَمَّا لَوْ غَرِقَتْ قَبْلَ الْإِبَّانِ وَانْكَشَفَتْ فِيهِ أَوْ غَرِقَتْ فِيهِ وَانْكَشَفَتْ فِيهِ لَزِمَهُ الْكِرَاءُ وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ مَنْطُوقُ قَوْلِهِ وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ، وَأَمَّا لَوْ غَرِقَتْ قَبْلَهُ وَانْكَشَفَتْ بَعْدَهُ فَلَا كِرَاءَ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا عَلَى الْأَرْبَعِ صُوَرٍ قَوْلُهُ أَوْ غَرَقٌ بِالْمَصْدَرِ عُطِفَ عَلَى جَائِحَةٍ وَبِالْفِعْلِ عُطِفَ عَلَى فَسَدَ.

(ص) أَوْ عَدَمِهِ بَذْرًا أَوْ سِجْنِهِ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الزَّرْعِ لِعَدَمِهِ مِنْ الْبَذْرِ أَوْ لِأَجْلِ سَجْنِهِ وَسَوَاءٌ سُجِنَ ظُلْمًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ أَنْ يُكْرِيَهَا لِغَيْرِهِ فَالضَّمِيرُ فِي عَدَمِهِ عَائِدٌ عَلَى الْمُكْتَرِي وَاحْتُرِزَ بِهِ مِمَّا إذَا عَدِمَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا كِرَاءَ لَهُ وَالسَّجْنُ بِفَتْحِ السِّينِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْفِعْلُ، وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَهُوَ اسْمٌ لِلْمَكَانِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُقْصَدْ مَنْ يَسْجُنُهُ بِسَجْنِهِ أَنْ يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَرْعِهَا فَإِنْ قَصَدَ ذَلِكَ سَقَطَ عَنْهُ الْكِرَاءُ وَالْكِرَاءُ عَلَى الْمَانِعِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَدَمُهُ عُطِفَ عَلَى جَائِحَةٍ لَكِنْ فَسَدَ مُضَمَّنٌ مَعْنَى تَعَطَّلَ وَالْمُرَادُ بِالْبَذْرِ مَا يُزْرَعُ فِي الْأَرْضِ كَانَ بَذْرًا أَوْ شَتْلًا كَالْقَصَبِ وَالْكُرَّاثِ وَالْفُجْلِ

. (ص) أَوْ انْهَدَمَتْ شُرُفَاتُ الْبَيْتِ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ فِيمَا إذَا انْهَدَمَتْ شُرُفَاتُ الْبَيْتِ أَوْ نَحْوُهَا وَلَمْ يُنْقِصْ مِنْ قِيمَةِ الْكِرَاءِ شَيْئًا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فَلَوْ أَنْفَقَ عَلَى الشُّرُفَاتِ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَطَوِّعًا بِذَلِكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ النَّقْضَ فَلَهُ أَخْذُهُ إنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ.

(ص) أَوْ سَكَنَ أَجْنَبِيٌّ بَعْضَهُ (ش) أَيْ: وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ جَمِيعُ الْكِرَاءِ فِيمَا إذَا اكْتَرَى دَارًا أَوْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَلَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا انْتَفَى كَأَرْضٍ غَمَرَ مَاؤُهَا وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ فَلَا يَلْزَمُ الْكِرَاءُ وَإِنْ صَحَّتْ إجَارَتُهَا وَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي بِيَمِينٍ فِي عَدَمِ التَّمَكُّنِ إنْ نَازَعَهُ الْمُكْرِي فَإِنْ أَقَرَّ الْمُكْتَرِي بِالتَّمَكُّنِ لَكِنْ ادَّعَى أَنَّهُ حَصَلَ مَانِعٌ فَالْقَوْلُ لِلْمُكْرِي وَعَلَيْهِ إثْبَاتُ الْمَانِعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَكَذَلِكَ إذَا ادَّعَى مَا يُسْقِطُ الْكِرَاءَ قَالَ قَوْلٌ لِلْمُكْرِي (قَوْلُهُ، وَكَذَلِكَ الْجَرَادُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ أَكَلَ قَبْلَ الطَّيَرَانِ فَلَا يَلْزَمُ لِقَوْلِهِ الْجَرَادُ يَبِيضُ فِي الْأَرْضِ، وَأَمَّا لَوْ طَارَتْ فَيَلْزَمُهُ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ فَمَنَعَتْ الْحَرْثَ) أَيْ مَنَعَتْ النَّاسَ مِنْ أَنْ يَحْرُثُوا خَوْفًا مِنْ أَذِيَّةِ الْجَرَادِ لِلزَّرْعِ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ الْحَرْثِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ فَسَدَ لِجَائِحَةٍ) أَيْ: تَعَطَّلَ بِجَائِحَةٍ وَذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الْوُجُودِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ كَبَرَدٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ بِسُكُونِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ وَجَرَادٍ) أَيْ طَرَأَ الْجَرَادُ بَعْدَ أَوَانِ الزَّرْعِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ سَابِقًا فَبَاضَتْ فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ جَيْشٍ وَغَاصِبٍ وَعَدَمِ إثْبَاتِ حَبٍّ.
(تَنْبِيهٌ) : مَحَلُّ لُزُومِ الْكِرَاءِ مَعَ فَسَادِهِ بِجَائِحَةٍ مَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مَا يُوجِبُ إسْقَاطَ الْكِرَاءِ إنْ لَوْ كَانَ بَاقِيًا كَقَحْطِ السَّمَاءِ حَتَّى لَمْ يَنْتِجْ الزَّرْعُ لَمْ يَتِمَّ لِأَجْلِ الْقَحْطِ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ.

(قَوْلُهُ بَعْدَ فَوَاتِ إبَّانِ الزَّرْعِ الَّذِي اُكْتُرِيَتْ لَهُ) اعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ التَّرَدُّدُ هَلْ يُعْتَبَرُ إذَا حَصَلَ الْغَرَقُ بَعْدَمَا حَرَثْت لِشَيْءٍ خَاصٍّ إبَّانَ مَا حَرَثْت لَهُ أَوْ إبَّانَ مَا يُزْرَعُ فِيهَا مُطْلَقًا ظَاهِرُ شَارِحِنَا الْأَوَّلِ وَلَكِنْ ذَكَرَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ مَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ وَاحْتُرِزَ بِهِ مِمَّا إذَا عَدِمَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ) أَيْ: عَدِمَ أَهْلُ الْبَلَدِ مِلْكًا وَتَسَلُّفًا حَتَّى مِنْ بَلَدٍ مُجَاوِرَةٍ لَهُمْ حَيْثُ جَرَى عُرْفٌ بِتَسَلُّفِهِمْ مِنْهُمْ كَذَا يَظْهَرُ كَمَا فِي شَرْحِ عب بَقِيَ مَا إذَا كَانَ يُمْكِنُهُمْ الشِّرَاءُ مِنْ بَلَدٍ مُجَاوِرَةٍ لَهُمْ هَلْ ذَلِكَ لَيْسَ عَدَمًا لِأَهْلِ الْبَلَدِ وَهُوَ الظَّاهِرُ.
(قَوْلُهُ وَالْكُرَّاثُ) أَرَادَ بِهِ الْكُرَّاثَ الَّذِي لَهُ رَأْسٌ كَالْبَصَلِ وَقَوْلُهُ وَالْفُجْلُ لَعَلَّهُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ.

(قَوْلُهُ شُرُفَاتٌ) الشِّينُ مَضْمُومَةٌ وَالرَّاءُ مُثَلَّثَةٌ لَيْسَ الْكَسْرُ فِيهَا فَالرَّاءُ مَضْمُومَةٌ أَوْ مَفْتُوحَةٌ أَوْ سَاكِنَةٌ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ يُنْتَفَعُ بِهِ) أَيْ: بَعْدَ أَخْذٍ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بَعْدَ أَخْذِهِ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ وَهُوَ مِنْ حَقِّ الْمُكْرِي.

(قَوْلُهُ سَكَنَ أَجْنَبِيٌّ بَعْضَهُ) أَيْ سَوَاءٌ سَكَنَ بِإِذْنِ الْمُكْتَرِي أَوْ غَصْبًا وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ مِنْ الْحِصَّةِ الَّتِي سَكَنَهَا مِنْ الدَّارِ، وَأَمَّا لَوْ سَكَنَ الْأَجْنَبِيُّ بِسُكْنَى الْمُكْرِي فَإِنَّهُ يَكُونُ بِمَثَابَةِ مَا إذَا سَكَنَ الْمُكْرِي

الصفحة 50