كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

نَحْوَهَا وَسَكَنَ شَخْصٌ أَجْنَبِيٌّ بَعْضَهَا وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِأُجْرَةِ مِثْلِ مَا سَكَنَهُ، وَأَمَّا لَوْ سَكَنَ صَاحِبُ الدَّارِ بَعْضَهَا فَإِنَّ الْمُكْتَرِيَ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى حِصَّةِ مَا سَكَنَ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي.

(ص) لَا إنْ نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْكِرَاءِ وَإِنْ قَلَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمُنْهَدِمَ كَالشُّرُفَاتِ وَنَحْوِهَا إذَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْكِرَاءِ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَحُطُّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إذَا انْهَدَمَ مَا لَهُ جَمَالٌ كَبَيَاضٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ وَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي وَالْكِرَاءُ لَازِمٌ لَهُ وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَلَّ أَيْ: إنْ لَمْ يَقِلَّ بِأَنْ كَانَ كَثِيرًا بَلْ وَإِنْ قَلَّ لَكِنْ بِقَيْدِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ بِمَا إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْمُكْتَرِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَخُيِّرَ فِي مُضِرٍّ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلْحَالِ وَيَكُونَ مَعْنَى الْقَلِيلِ الَّذِي لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُكْتَرِي وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ حَلِّ الشَّارِحِ يَظْهَرُ ذَلِكَ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ.

(ص) أَوْ انْهَدَمَ بَيْتٌ مِنْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّارَ الْمُكْتَرَاةَ إذَا انْهَدَمَ بَيْتٌ مِنْهَا وَلَا فِيهِ ضَرَرٌ كَبِيرٌ عَلَى السَّاكِنِ فَإِنَّهُ يَحُطُّ عَنْهُ بِقِيمَةِ ذَلِكَ مِنْ الْكِرَاءِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ كَبِيرٌ عَلَى السَّاكِنِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَسْكُنَ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ أَوْ يَفْسَخَ الْكِرَاءَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ انْهَدَمَ بَيْتٌ مِنْهَا لَا شَكَّ فِي شُمُولِ مَا قَبْلَهُ لَهُ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ بِأَوْ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَيُجَابُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا لَا يَشْمَلُ الثَّانِيَ.

(ص) أَوْ سَكَنَهُ مُكْرِيهِ (ش) يَعْنِي، وَكَذَلِكَ يَحُطُّ عَنْ الْمُكْتَرِي مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا يُقَابِلُ الْحِصَّةَ الَّتِي سَكَنَهَا الْمُكْرِي بِأَنْ أَجَّرَهُ سَنَةً مَثَلًا ثُمَّ سَكَنَ الْمُكْرِي قَدْرًا مِنْ الْعَيْنِ الْمُكْتَرَاةِ وَتَقَدَّمَ مَفْهُومُ مُكْرِيهِ فِي قَوْلِهِ أَوْ سَكَنَهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْ أَنَّ الْكِرَاءَ يَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ شَيْءٌ وَالضَّمِيرُ فِي سَكَنِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بَيْتٌ مِنْهَا وَمِثْلُ سُكْنَاهُ مَا إذَا شَغَلَهُ بِمَتَاعِهِ.

(ص) أَوْ لَمْ يَأْتِ بِسُلَّمٍ لِلْأَعْلَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّارَ الْمُكْتَرَاةَ إذَا كَانَ فِيهَا عُلْوٌ وَسُفْلُ وَلَمْ يَأْتِ الْمُكْرِي لِلْمُكْتَرِي بِسُلَّمٍ يَصْعَدُ عَلَيْهِ لِلْعُلْوِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ فَإِنَّهُ يَحُطُّ عَنْ الْمُكْتَرِي بِقَدْرِ مَا يُقَابِلُ حِصَّةَ الْعُلْوِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ.

(ص) أَوْ عَطِشَ بَعْضُ الْأَرْضِ أَوْ غَرِقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَرْضَ إذَا عَطِشَ بَعْضُهَا أَوْ غَرِقَ بَعْضُهَا يُرِيدُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ يَحُطُّ عَنْ الْمُكْتَرِي بِقَدْرِ مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ مِنْ الْكِرَاءِ وَالْمُرَادُ بِالْبَعْضِ دُونَ الْجُلِّ، وَأَمَّا إذَا غَرِقَ جُلُّهَا أَوْ كُلُّهَا أَوْ عَطِشَ جُلُّهَا أَوْ كُلُّهَا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْتَرِي مِنْ الْكِرَاءِ أَمَّا إنْ حَصَلَ الْغَرَقُ بَعْدَ وَقْتِ الْحَرْثِ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِوَقْتِ الْحَرْثِ الْغَالِبُ فِي تِلْكَ الْبَلْدَةِ لَا نَفْسُ الْأَرْضِ بِانْفِرَادِهَا وَقَوْلُهُ (فَبِحِصَّتِهِ) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ السِّتِّ.

(ص) وَخُيِّرَ فِي مُضِرٍّ كَهَطْلٍ فَإِنْ بَقِيَ فَالْكِرَاءُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكْتَرِيَ يُخَيَّرُ إذَا حَصَلَ هَطْلٌ فِيمَا اكْتَرَاهُ بِأَنْ صَارَ يَتَتَابَعُ الْمَطَرُ مِنْهَا أَوْ انْهَدَمَ يَسِيرٌ مِنْ جُدْرَانِ الدَّارِ أَوْ انْهَدَمَ الْبَاذَهْنَجُ مِنْهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَسْكُنَ أَوْ يَخْرُجَ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَبَقِيَ سَاكِنًا بِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ وَقَوْلُهُ وَخُيِّرَ فِي مُضِرٍّ مِنْ غَيْرِ نَقْصِ مَنَافِعَ وَإِلَّا حَطَّ عَنْهُ مِنْ الْكِرَاءِ وَقَوْلُهُ كَهَطْلٍ تَمْثِيلٌ بِالْأَخَفِّ فَأَوْلَى الْهَدْمُ وَنَحْوُهُ.

(ص) كَعَطَشِ أَرْضِ صُلْحٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي لُزُومِ الْكِرَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّ أَرْضَ الصُّلْحِ إذَا عَطِشَتْ فَتَلِفَ زَرْعُهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُمْ الْكِرَاءُ كَامِلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِجَارَةٍ مُحَقَّقَةٍ وَإِنَّمَا صَالَحَهُمْ السُّلْطَانُ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِمْ مَالًا مَعْلُومًا بِخِلَافِ أَرْضِ الْخَرَاجِ كَأَرْضِ مِصْرَ فَإِنَّهَا إجَارَةٌ مُحَقَّقَةٌ وَلِأَنَّهَا أَرْضُ عَنْوَةٍ أَجَّرَهَا السُّلْطَانُ، فَإِذَا عَطِشَتْ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ كَمَا مَرَّ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَطَشُ قَدْ طَرَأَ بَعْدَ الزَّرْعِ أَوْ قَبْلَهُ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا أَرْضُ الصُّلْحِ الَّتِي صَالَحُوا عَلَيْهَا إذَا زَرَعُوا فَعَطِشَ فَعَلَيْهِمْ خَرَاجُ أَرْضِهِمْ انْتَهَى.
(ص) وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا إنْ صَالَحُوا عَلَى الْأَرْضِ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ: وَهَلْ لُزُومُ الْكِرَاءِ لِأَهْلِ أَرْضِ الصُّلْحِ سَوَاءٌ صَالَحُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَطْ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ فَقَطْ أَوْ عَلَيْهِمَا مَعًا وَهُوَ مَعْنَى الْإِطْلَاقِ أَوْ مَحَلُّ اللُّزُومِ إذَا صَالَحُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ، وَأَمَّا لَوْ صَالَحُوا عَلَى الْأَرْضِ فَقَطْ ثُمَّ عَطِشَتْ بَعْدَ زَرْعِهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمْ شَيْءٌ وَبِعِبَارَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْمُصَالَحَةِ عَلَى الْأَرْضِ الْمُصَالَحَةُ عَلَيْهَا فَقَطْ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الْجَمَاجِمِ بِقَدْرٍ أَيْضًا أَمْ لَا، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الرِّقَابِ فَقَطْ أَوْ عَلَيْهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ يَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ) بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ كِرَائِهَا بِذَلِكَ فَيُقَالُ عَشْرَةٌ وَمَا قِيمَةُ كِرَائِهَا بِدُونِ ذَلِكَ فَيُقَالُ تِسْعَةٌ فَيَسْقُطُ عَنْ الْمُكْتَرِي عُشْرُ الْكِرَاءِ الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ يُقَيَّدُ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ بِمَا إذَا لَمْ يَضُرَّ بِالْمُكْتَرِي) ، فَإِذَا ضَرَّ بِالْمُكْتَرِي فَيُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَبَيْنَ الْبَقَاءِ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ وَلَيْسَ لَهُ الْبَقَاءُ مَعَ إسْقَاطِ حِصَّةِ الْمُضِرِّ مِنْ الْكِرَاءِ.

(قَوْلُهُ مَا إذَا أَشْغَلَهُ بِمَتَاعِهِ) وَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ مَا إذَا لَمْ يُمَكِّنْهُ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ أَوْ عَطِشَ بَعْضُ الْأَرْضِ إلَخْ) أَمَّا الْعَطَشُ فَمُطْلَقٌ، وَأَمَّا الْغَرَقُ فَيُقَيَّدُ بِأَنْ يَكُونَ قَبْلَ إبَّانِ الْحَرْثِ لَا بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ جَمِيعُ الْكِرَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ غَرِقَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ.
(قَوْلُهُ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ) أَيْ: قَبْلَ إبَّانِ الزِّرَاعَةِ أَوْ عِنْدَ إبَّانِ الزِّرَاعَةِ أَيْ وَاسْتَمَرَّ الْغَرَقُ حَتَّى فَاتَ الْإِبَّانُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْتَرِي مِنْ الْكِرَاءِ) أَيْ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْبَاقِي الْقَلِيلِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَبِحِصَّتِهِ) أَيْ: يَحُطُّ عَنْ الْمُكْتَرِي بِحِصَّتِهِ إنْ قَامَ بِهِ وَإِلَّا لَمْ يَحُطَّ وَعَقْدُ الْكِرَاءِ لَازِمٌ لَهُ فِي السَّنَةِ فَإِنْ ادَّعَى الْقِيَامَ وَخَالَفَهُ الْمُكْرِي عُمِلَ بِقَوْلِ الْمُكْرِي كَمَا يُعْمَلُ بِهِ إذَا تَنَازَعَا فِي وَقْتِ انْهِدَامِ بَيْتٍ مِنْهَا.

(قَوْلُهُ صَالَحُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ) أَيْ: فَقَطْ أَوْ عَلَيْهِمَا مَعًا الصَّادِقُ بِصُورَتَيْنِ فَهَذِهِ صُوَرٌ ثَلَاثٌ (وَقَوْلُهُ، وَأَمَّا إذَا صَالَحُوا) أَيْ: فَعَلَ الْخِلَافُ هَذِهِ الصُّورَةَ فَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ ثَلَاثٌ وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَيْهِمَا مَعًا) صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ صُورَةِ الْإِجْمَالِ وَصُورَةِ مَا إذَا عَيَّنَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قَدْرًا مُعَيَّنًا فَهَذِهِ صُوَرٌ أَرْبَعٌ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ وَقَعَ الصُّلْحُ إلَخْ) أَيْ:

الصفحة 51