كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

وَعَلَى الْأَرْضِ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ مَا لِلْأَرْضِ مِنْهُ فَإِنَّ الْكِرَاءَ لَازِمٌ لَهُمْ فِي الْعَطَشِ بِاتِّفَاقٍ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ وَفِي كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ نَظَرٌ إلَّا أَنْ تُؤَوَّلَ عِبَارَتُهُ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ.

(ص) عَكْسُ تَلَفِ الزَّرْعِ لِكَثْرَةِ دُودِهَا أَوْ فَأْرِهَا أَوْ عَطَشٍ أَوْ بَقِيَ الْقَلِيلُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُكْمَ هُنَا عُكِسَ الْحُكْمِ فِيمَا مَرَّ فَكَمَا يَجِبُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ فِيمَا مَرَّ يَسْقُطُ جَمِيعُهُ هُنَا بِتَلَفِ الزَّرْعِ لِأَجْلِ دُودِ الْأَرْضِ أَوْ لِأَجْلِ فَأْرِهَا أَوْ لِأَجْلِ فِتْنَةٍ مَنَعَتْهُ مِنْ ازْدِرَاعِهَا أَوْ بَقِيَ الْقَلِيلُ مِنْ الزَّرْعِ كَخَمْسَةِ أَوْ سِتَّةِ أَفْدِنَةٍ مِنْ مِائَةِ فَدَّانٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْضًا لِهَذَا الْقَلِيلِ فَالْمُرَادُ بِالْعَكْسِ التَّخَالُفُ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ لَا الْعَكْسُ فِي الْحُكْمِ وَالتَّصْوِيرِ مَعًا فَلَا يَتَأَتَّى وَلَوْ قَالَ لِدُودِهَا لَكَانَ أَحْسَنَ؛ إذْ لَا يُشْتَرَطُ الْكَثْرَةُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأَرْضُ مُعْتَادَةً بِذَلِكَ أَمْ لَا.

(ص) وَلَمْ يُجْبَرْ آجِرٌ عَلَى إصْلَاحٍ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَالِكَ الرَّقَبَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِهَا سَوَاءٌ كَانَ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى الْإِصْلَاحِ يَضُرُّ بِالسَّاكِنِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ يُمْكِنُ مَعَهُ السُّكْنَى أَمْ لَا وَسَوَاءٌ حَدَثَ بَعْدَ عَقْدِ الْكِرَاءِ أَمْ لَا وَيُخَيَّرُ الْمُكْتَرِي بَيْنَ أَنْ يَسْكُنَ بِجَمِيعِ الْأُجْرَةِ أَوْ يَخْرُجَ، فَإِنْ أَنْفَقَ الْمُكْتَرِي مِنْ عِنْدِهِ شَيْئًا فِي إصْلَاحِ الْعَيْنِ الْمُكْتَرَاةِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى التَّبَرُّعِ وَأَخَذَ بَعْضٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُؤَلِّفِ هَذِهِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ مَنْ لَهُ خَرِبَةٌ بِجِوَارِ شَخْصٍ يَحْصُلُ مِنْهَا ضَرَرٌ كَسَارِقٍ وَنَحْوِهِ عَلَى عِمَارَتِهَا وَلَا بَيْعُهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ جَاءَ اللِّصُّ مِنْهَا إلَى الْجِيرَانِ وَعَلَى ذَوِي الْعُمْرَانِ حِفْظُ مَتَاعِهِمْ فِي كُلِّ وَقْتٍ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَقِّ وَالشَّيْخُ سَالِمٌ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِلْوَقْفِ فَلَا يُجْبَرُ النَّاظِرُ عَلَى الْعِمَارَةِ لِأَجْلِ الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ جُبِرَ لِحَقِّ الْوَقْفِ.

(ص) بِخِلَافِ سَاكِنٍ أَصْلَحَ لَهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ قَبْلَ خُرُوجِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ رَبَّ الدَّارِ إذَا أَصْلَحَ مَا انْهَدَمَ مِنْ الدَّارِ قَبْلَ خُرُوجِ الْمُكْتَرِي مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ حِينَئِذٍ بَلْ يُجْبَرُ عَلَى السُّكْنَى بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ وَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ فَإِنْ أَصْلَحَ ذَلِكَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى عَوْدِهِ إلَيْهَا بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ فَقَوْلُهُ أَصْلَحَ صِفَةٌ لِسَاكِنٍ أَيْ: تَمَّ الْإِصْلَاحُ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ وَقَبْلَ خُرُوجِهِ جَمِيعًا وَلَهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَبَقِيَّةَ ظَرْفٌ لِأَصْلَحَ وَقَبْلَ خُرُوجِهِ ظَرْفٌ أَيْضًا.

(ص) وَإِنْ اكْتَرَيَا حَانُوتًا فَأَرَادَ كُلٌّ مُقَدَّمَهُ قُسِمَ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا أَكْرَى عَلَيْهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّهُمَا إذَا اكْتَرَيَا حَانُوتًا فَأَرَادَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُقَدَّمَهُ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا إنْ تَحَمَّلَ الْقَسْمَ وَإِنْ لَمْ يَتَحَمَّلْهُ أَكْرَى عَلَيْهِمَا وَسَوَاءٌ اتَّفَقَتْ صَنْعَتُهَا أَوْ اخْتَلَفَتْ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي ذَلِكَ وَهَذَا حَيْثُ لَا عُرْفَ وَمِثْلُ الِاكْتِرَاءِ الِاشْتِرَاءُ وَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى الْمُقَدَّمِ وَاخْتَلَفَا فِي الْجِهَةِ فَالْقُرْعَةُ؛ إذْ لَيْسَ هَذَا كَاخْتِلَافِ الْغَرَضِ فِي الْمُقَدَّمِ وَالْمُؤَخَّرِ.

(ص) وَإِنْ غَارَتْ عَيْنُ مَكْرِي سِنِينَ بَعْدَ زَرْعِهِ نَفَقَتْ حِصَّةُ سَنَةٍ فَقَطْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا سِنِينَ لِيَزْرَعَهَا فَغَارَتْ عَيْنُهَا أَوْ انْهَدَمَتْ بِئْرُهَا بَعْدَ أَنْ زَرَعَ وَأَبَى رَبُّهَا أَنْ يُصْلِحَ فَإِنَّ لِمُكْتَرِيهَا أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا حِصَّةَ تِلْكَ السَّنَةِ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ وَيُلْزِمَ رَبَّهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ فَإِنْ زَادَ عَلَى حِصَّةِ سَنَةٍ كَانَ مُتَطَوِّعًا بِمَا زَادَ فَلَوْ لَمْ يَزْرَعْ الْأَرْضَ وَلَا سَقَى النَّخْلَ حَتَّى غَارَتْ الْعَيْنُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَمَحَلُّ الْخِلَافِ صُورَتَانِ فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ مُخَالِفَةٌ لِلْأُولَى إلَّا أَنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ عَلَيْهَا فَقَطْ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ فَالْأَوْلَى حَذْفُ فَقَطْ لِيَأْتِيَ هَذَا التَّعْمِيمُ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ نَظَرٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ الزَّرْقَانِيَّ قَالَ مَحَلُّهُمَا حَيْثُ صَالَحُوا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَيْهِمَا وَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ عَلَيْهِمَا صَادِقٌ بِتَعْيِينِ مَا لِكُلٍّ أَوْ لَا بِأَنْ دَخَلُوا عَلَى الْإِجْمَالِ أَيْ: مَعَ أَنَّهُمَا إذَا دَخَلَا عَلَى الْإِجْمَالِ مِنْ مَحَلِّ الْوِفَاقِ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُؤَوَّلَ عِبَارَتُهُ أَيْ: بِأَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ أَوْ عَلَيْهِمَا مَعَ تَعْيِينِ مَا لِلْأَرْضِ مِمَّا وَقَعَ الصُّلْحُ بِهِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ إنَّ عج اعْتَمَدَ ظَاهِرَ كَلَامِ الزَّرْقَانِيِّ فَعَلَيْهِ يَكُونُ الْخِلَافُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ.

(قَوْلُهُ عَكْسُ تَلَفِ الزَّرْعِ) هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَهُوَ عَكْسُ تَلَفٍ إلَخْ أَوْ حَالٌ أَيْ: حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ عَكْسَ تَلَفٍ.
(قَوْلُهُ كَخَمْسَةِ أَفْدِنَةٍ) كَذَا فِي الْمُوَازِيَةِ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ هَذَا إنْ كَانَ مُفَرَّقًا فِي الْفَدَادِينِ؛ لِأَنَّهُ كَالْهَالِكِ وَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ كَلَامَ الْمُوَازِيَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ (قَوْلُهُ التَّخَالُفُ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ) أَيْ: فَهُوَ عَكْسٌ فِي الْحُكْمِ فَقَطْ لَا عَكْسٌ فِي الْحُكْمِ وَالتَّصْوِيرِ مَعًا مِثَالُ الْعَكْسِ فِي الْحُكْمِ وَالتَّصْوِيرِ أَنْ يُقَالَ مَثَلًا أُمِّنَ زَيْدُ ثُمَّ سَرَقَ فَلَا قَطْعَ وَأَدْرَكَ عَكْسَ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَيُخَيَّرُ الْمُكْتَرِي إلَخْ) هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهَا لَا يُخَيَّرُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي بِلَادِنَا وَلَوْ طَاعَ الْمُكْتَرِي بِالْإِصْلَاحِ مِنْ مَالِهِ أَيْ: لَا لِيَحْسِبَهُ مِنْ الْكِرَاءِ جُبِرَ رَبُّهَا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْعِهِ مُضَارٌّ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ انْقَضَتْ الْوَجِيبَةُ أَخَذَهُ بِقِيمَتِهِ مَنْقُوضًا كَانَ بِإِذْنٍ أَوَّلًا.
(قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَقِّ) أَيْ: الشَّافِعِيُّ جَوَابًا فِي نَازِلَةٍ سُئِلَ عَنْهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ جُبِرَ لِحَقِّ الْوَقْفِ) وَحِينَئِذٍ فَالْبَانِي فِي الْوَقْفِ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ بِنَائِهِ قَائِمًا سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ النَّاظِرِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ حَيْثُ كَانَ يَحْتَاجُ لِلْإِصْلَاحِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ.

(قَوْلُهُ أَصْلَحَ لَهُ) كَانَ الْمُصْلِحُ رَبَّ الدَّارِ أَوْ النَّاظِرَ؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ بِخِلَافِ الْمَالِكِ لَمْ يَقُمْ عَنْهُ بِوَاجِبٍ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ ظَرْفٌ أَيْضًا) لَا يَخْفَى أَنَّ تَعَلُّقَ قَوْلِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ بِقَوْلِهِ أَصْلَحَ يُغْنِي عَنْ تَعَلُّقِ بَقِيَّةٍ بِهِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَجْعَلَ قَوْلَهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ فَيُجْبَرُ عَلَى السُّكْنَى بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ أَوْ لَزِمَتْهُ السُّكْنَى بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَهُ نَائِبُ فَاعِلٍ وَقَوْلُهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ ظَرْفٌ لِأَصْلَحَ وَقَوْلُهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ.

(قَوْلُهُ سِنِينَ) لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ سِنِينَ بَلْ سَنَةٌ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا ذَكَرَ سِنِينَ رَدًّا لِمَنْ يَقُولُ تُنْفَقُ أُجْرَةُ السِّنِينَ كُلُّهَا؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ (قَوْلُهُ نَفَقَتْ حِصَّةٌ) أَيْ: صُرِفَتْ حِصَّةُ سَنَةٍ وَالْمُرَادُ بِحِصَّةِ السَّنَةِ مَا يَخُصُّ تِلْكَ السَّنَةَ مِنْ الْأُجْرَةِ وَنَفِقَ بِفَتْحِ النُّونِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَفَرِحَ (قَوْلُهُ وَلَا سَقْيُ النَّخْلِ) إشَارَةٌ

الصفحة 52