كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

أَوْ لَا كَالزُّجَاجِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَاكِنًا فِيهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ.

(ص) كَمَنْزِلٍ تَحْتَهُ وَمُنِعَ عَكْسُهُ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْجَوَازِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَتَّخِذَ لَهُ بَيْتًا تَحْتَ الْمَسْجِدِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَّخِذَ بَيْتًا فَوْقَهُ؛ لِأَنَّ مَا فَوْقَ الْمَسْجِدِ لَهُ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ وَهَذَا فِي مَسْجِدٍ أَعْلَاهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ مَسْجِدِيَّتِهِ بِأَنْ بَنَى مَسْجِدًا ابْتِدَاءً ثُمَّ أُحْدِثَتْ السُّكْنَى فَوْقَهُ وَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ فِي قَوْلِهِ وَسُكْنَى فَوْقَهُ فِي أَنَّهُ مَكْرُوهٌ فِي مَسْجِدٍ أَعْلَاهُ سَابِقٌ عَلَى مَسْجِدِيَّتِهِ.
(ص) كَإِخْرَاجِ رِيحٍ وَمُكْثٍ بِنَجِسٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْمَنْعِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الرِّيحِ فِي الْمَسْجِدِ تَعَمُّدًا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَا يَجُوزُ جَلْبُ الرِّيحِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَخْلِيًّا لِحُرْمَةِ الْمَسْجِدِ وَالْمَلَائِكَةِ اهـ.، وَأَمَّا خُرُوجُ الرِّيحِ فِيهِ غَلَبَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ فَالْإِخْرَاجُ تَعَمُّدُ الْخُرُوجِ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَيْنُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ، وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يَمْكُثَ فِي الْمَسْجِدِ بِشَيْءٍ نَجِسِ الْعَيْنِ غَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ لِتَنْزِيهِ الْمَسْجِدِ عَنْ ذَلِكَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي سَتْرُ النَّجِسِ بِطَاهِرٍ وَقَدْ جَرَى فِيهِ خِلَافٌ وَأَرْجَحُ الْقَوْلَيْنِ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ وَعَلَى الْخِلَافِ يَجْرِي وَضْعُ النِّعَالِ فِي شَيْءٍ طَاهِرٍ يُكِنُّهُ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَمُكْثٍ أَنَّ الْمُرُورَ بِالنَّجِسِ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرُ مَمْنُوعٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ أَيْضًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَأَقَامَهُ أَبُو الْحَسَنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ وَالْمُتَنَجِّسُ كَالنَّجِسِ وَالْمُرَادُ بِالْمُتَنَجِّسِ الْمُتَنَجِّسُ بِعَيْنِ النَّجَاسَةِ، وَأَمَّا إنْ أُزِيلَ عَيْنُهَا وَبَقِيَ حُكْمُهَا فَلَا يُمْنَعُ الْمُكْثُ بِهِ فِيهِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ.
(ص) وَكُرِهَ أَنْ يُبْصَقَ بِأَرْضِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَبْصُقَ بِأَرْضِ الْمَسْجِدِ غَيْرِ الْمُحْصَبِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَحُكَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَرْضِ الْمَسْجِدِ وَفِي الْحَدِيثِ كَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا فَقَوْلُهُ (وَحَكُّهُ) مَعْطُوفٌ عَلَى أَنْ يَبْصُقَ مُقَدَّرٌ فِيهِ الْمُتَعَلِّقُ أَعْنِي بِأَرْضِهِ أَيْ: حَكُّهُ بِأَرْضِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا أَيْ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ وَنَزَلَ أَنْ يَحُكَّهُ وَنُسْخَةُ حُلُولُو وَيَحُكُّهُ وَهِيَ عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ.

(ص) وَتَعْلِيمُ صَبِيٍّ وَبَيْعٌ وَشِرَاءٌ وَسَلُّ سَيْفٍ وَإِنْشَادُ ضَالَّةٍ وَهَتْفٌ بِمَيِّتٍ وَرَفْعُ صَوْتٍ كَرَفْعِهِ بِعَلَمٍ وَوَقِيدُ نَارٍ وَدُخُولٌ كَخَيْلٍ لِنَقْلٍ وَفَرْشٌ أَوْ مُتَّكَأٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ تَعْلِيمُ الصِّبْيَانِ فِي الْمَسَاجِدِ قُرْآنًا أَوْ غَيْرَهُ حَيْثُ كَانُوا لَا يَعْبَثُونَ وَيُكَفُّونَ إذَا نُهُوا وَإِلَّا حَرُمَ إدْخَالُهُمْ الْمَسْجِدَ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِي الْمَسْجِدِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ تَقْلِيبٌ وَنَظَرٌ لِلْمَبِيعِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْعَقْدِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ بَيْعِ الذَّوَاتِ وَالْمَنَافِعِ كَأَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ فِي الْمَسْجِدِ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا لَا يَعْبَثُ وَيُكَفُّ إذَا نُهِيَ وَقَيَّدَ بَعْضٌ كَرَاهَةَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِسِمْسَارٍ وَإِلَّا حَرُمَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ لَا كَرَاهَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مُرَغَّبٌ فِيهِ وَأَرَادَ الْمُؤَلِّفُ بِالْبَيْعِ الْإِيجَابَ وَبِالشِّرَاءِ الْقَبُولَ وَإِلَّا لَاكْتَفَى بِالْبَيْعِ عَنْ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ لَازِمِهِ، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ سَلُّ السَّيْفِ وَالسِّكِّينِ فِي الْمَسْجِدِ لِلتَّقْلِيبِ أَوْ لِقَطْعِ حَاجَةٍ لَا لِإِخَافَةٍ وَإِلَّا حَرُمَ ابْنُ رُشْدٍ لَا يُسَلُّ فِي الْمَسْجِدِ سَيْفٌ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُمَرُّ فِي الْمَسْجِدِ بِلَحْمٍ وَلَا تُنَقَّرُ فِيهَا النَّبْلُ وَلَا تُمْنَعُ فِيهَا الْقَائِلَةُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ مَعْنَى تَنْقِيرِ النَّبْلِ إدَارَتُهَا عَلَى الظُّفْرِ لِيُعْلَمَ مُسْتَقِيمُهَا مِنْ مُعْوَجِّهَا، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ إنْشَادُ الضَّالَّةِ فِي الْمَسْجِدِ أَيْ: طَلَبُ الْمُعَرَّفِ رَبُّهَا، وَكَذَلِكَ نَشْدُهَا أَيْ: طَلَبُ رَبِّهَا لَهَا، وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ فِي الْمَسْجِدِ الْهَتْفُ بِالْمَيِّتِ وَعَلَى بَابِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَنِدَائِهِ بِمَسْجِدٍ أَوْ بَابِهِ بِأَنْ يَقُولَ أَخُوكُمْ فُلَانٌ قَدْ مَاتَ بِصَوْتٍ يُجْهَرُ بِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَخْلِيًّا) أَيْ: مِنْ النَّاسِ كَمَا ذَكَرُوا (قَوْلُهُ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَيْنُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنَّفِ أَنَّ الْحُرْمَةَ مَنُوطَةٌ بِتَعَمُّدِ الْإِخْرَاجِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَدْعِهِ وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ الْحُرْمَةَ مَنُوطَةٌ بِجَلْبِهِ وَاسْتِدْعَائِهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَدْعِهِ وَيَجْلِبْهُ وَلَكِنْ قَدْ تَعَمَّدَ إخْرَاجَ مَا كَانَ حَاصِلًا فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعَيْنِيَّةِ فَلَا اعْتِرَاضَ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِجَوَازِ إرْسَالِ الرِّيحِ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا يُرْسِلُهُ فِي بَيْتِهِ إذَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَعَلَى الْخِلَافِ يَجْرِي إلَخْ) أَيْ فَعَلَى الرَّاجِحِ الْمَذْكُورِ لَا يَكْفِي وَضْعُ النِّعَالِ فِي شَيْءٍ طَاهِرٍ يُكِنُّهُ أَيْ: بَلْ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَحُكُّهُ فَإِنْ لَمْ يَحُكَّهُ فَيَحْرُمْ كَمَا وَجَدْت عِنْدِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَكُرِهَ أَنْ يُبْصَقَ بِأَرْضِهِ) وَكَذَا الْمُخَاطُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا قَلَّ وَإِلَّا حَرُمَ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ) إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَمَنْ حَصَلَ مِنْهُ الْأَمْرَانِ فَقَدْ لَحِقَهُ كَرَاهَتَانِ وَقَوْلُهُ وَفِي الْحَدِيثِ كَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا لَا يَخْفَى أَنَّ الْحَدِيثَ فِي الْمُخْصَبِ أَوْ الْمُتْرَبِ فَلَا يُنَاسِبُ الْمَوْضُوعَ.
(قَوْلُهُ أَيْ وَالْحُكْمُ إلَخْ) إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ الْحَكُّ مَطْلُوبًا.
(قَوْلُهُ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ لَا صَرَاحَةَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَكُرِهَ أَنْ يَبْصُقَ فِي أَرْضِهِ وَكُرِهَ أَنْ يَحُكَّهُ أَيْ: بِأَنْ يَبْصُقَ بِثَوْبِهِ ثُمَّ يَحُكَّهُ بِأَرْضِ الْمَسْجِدِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ الْبَصْقُ مَعَ حَكِّهِ فَأَوْلَى إذَا لَمْ يَحُكَّهُ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ الثَّانِي هُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَصْقَ فَوْقَ فَرْشِ الْمَسْجِدِ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا وَكَذَا تَحْتَهُ إنْ كَانَ مُبَلَّطًا وَمَا أَشْبَهَهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُحْصَبًا فَلَا يُكْرَهُ الْبَصْقُ تَحْتَ فَرْشِهِ.

(قَوْلُهُ قُرْآنًا أَوْ غَيْرَهُ) الْأَوْلَى أَنْ يُقْصَرَ عَلَى الْقُرْآنِ، وَأَمَّا تَعْلِيمُ الصَّنَائِعِ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يَخْتَصُّ بِالصَّبِيِّ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ كَمَا رَوَاهُ سَحْنُونَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ عَدَمُ التَّحَفُّظِ مِنْ النَّجَاسَةِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنَّهُ الصَّحِيحُ.
(قَوْلُهُ وَلَا تُنَقَّرُ فِيهَا النَّبْلُ) بِتَشْدِيدِ الْقَافِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَنْقِيرًا وَقَوْلُهُ النَّبْلُ بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ: السِّهَامُ الْعَرَبِيَّةُ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا بَلْ الْوَاحِدُ سَهْمٌ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.
(قَوْلُهُ إدَارَتُهَا عَلَى الظُّفْرِ) أَيْ إمَالَتُهَا عَلَى الظُّفْرِ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ نَشْدُهَا) أَيْ: وَهُوَ الْوَارِدُ فِي خَبَرِ «إذَا رَأَيْتُمْ مَنْ

الصفحة 72