كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

لَهُ جَمِيعُ مَائِهَا وَالْكَلَامُ فِي مَنْعِ فَضْلِ الْمَاءِ وَعَدَمِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ حَفْرَ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ لَا يَكُونُ إحْيَاءً لِتِلْكَ الْأَرْضِ كَمَا مَرَّ.

(ص) وَبُدِئَ بِمُسَافِرٍ وَلَهُ عَارِيَّةٌ آلَةٌ ثُمَّ حَاضِرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ عَلَى مَاءٍ فَضَلَ عَنْ رَبِّهِ مُسْتَحِقُّونَ وَالْمَاءُ يَكْفِيهِمْ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِالْمُسَافِرِ وُجُوبًا وَسَوَاءٌ كَانَ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا؛ لِأَنَّ مَالِكَ الْبِئْرِ لَمْ يَتَّخِذْهَا لِلْكِرَاءِ وَلِلْمُسَافِرِ عَلَى صَاحِبِ الْمَاءِ عَارِيَّةُ الْآلَةِ كَالْحَبْلِ وَالدَّلْوِ وَالْحَوْضِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ حَتَّى يَرْوِيَ ثُمَّ يَأْتِيَ الْحَاضِرُ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَرْوِيَ فَقَوْلُهُ وَلَهُ عَارِيَّةٌ آلَةٌ أَيْ: عَلَيْهِ وَإِنْ رَجَعَ الضَّمِيرُ فِي لَهُ لِلْمُسَافِرِ لَمْ يُحْتَجْ لِجَعْلِ اللَّامِ بِمَعْنَى عَلَى وَهَذَا مَا لَمْ يَجْعَلْ الْآلَةَ لِلْإِجَارَةِ وَإِلَّا فَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ وَيَتْبَعُهُ بِهَا إنْ لَمْ تُوجَدْ مَعَهُ.
(ص) ثُمَّ دَابَّةِ رَبِّهَا لِجَمِيعِ الرَّيِّ (ش) أَيْ: أَنَّ الدَّوَابَّ يُقَدَّمُونَ عَلَى حَسْبِ تَقْدِيمِ الْآدَمِيِّينَ فَتُقَدَّمُ دَابَّةُ رَبِّ الْبِئْرِ ثُمَّ دَابَّةُ الْمُسَافِرِ ثُمَّ دَابَّةُ الْحَاضِرِ بِجَمِيعِ الرَّيِّ حَيْثُ كَانَ فِي الْمَاءِ فَضْلَةٌ فَالضَّمِيرُ فِي رَبِّهَا يَعُودُ عَلَى الْبِئْرِ وَاللَّامُ فِي لِجَمِيعِ لَامِ الْغَايَةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْبَاءِ كَأَنَّهُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ قَوْلِهِ بِمُسَافِرٍ ثُمَّ مَوَاشِي رَبِّهِ ثُمَّ مَوَاشِي الْمُسَافِرِ ثُمَّ مَوَاشِي الْحَاضِرِ وَلَمْ يُصَرِّحْ الْمُؤَلِّفُ بِالْمُسَافِرِ وَالْحَاضِرِ اكْتِفَاءً بِمَا ذُكِرَ فِي أَرْبَابِهَا وَسُكُوتُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَاشِيَةِ الْمُسَافِرِ اعْتَذَرُوا عَنْهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُسَافِرَ لَا مَاشِيَةَ لَهُ وَإِنَّمَا أُخِّرَتْ مَوَاشِي الْمُسَافِرِ عَنْ دَوَابِّهِ لَعَلَّهُ أَنَّ الدَّوَابَّ إذَا خِيفَ مَوْتُهَا لَا تُذَكَّى فَتُؤْكَلُ بِخِلَافِ الْمَوَاشِي وَقَوْلُهُ لِجَمِيعِ الرَّيِّ هُوَ لَغْوٌ مُتَعَلِّقٌ بِبُدِئَ وَلَا نُعْرِبُهُ بَدَلًا وَمَعْنَى بُدِئَ قُدِّمَ أَيْ: أَنَّ كُلَّ مَنْ قَدَّمْنَاهُ نُقَدِّمُهُ لِجَمِيعِ الرَّيِّ وَحِينَئِذٍ يُفِيدُ أَنَّ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ مَقْصُودَانِ وَإِعْرَابُهُ بَدَلًا يُؤَدِّي إلَى أَنَّ الْأَوَّلَ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّبْدِئَةَ وَالتَّقْدِيمَ لَا بُدَّ مِنْهُمَا فَهُمَا مَقْصُودَانِ فَلَا حَاجَةَ لِمَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ.
(ص) وَإِلَّا فَبِنَفْسِ الْمَجْهُودِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَاءِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ فَضْلٌ عَنْ أَرْبَابِهَا وَكَانَ بِتَقْدِيمِ أَرْبَابِهَا يَحْصُلُ الْجَهْدُ لِغَيْرِهِمْ وَبِتَقْدِيمِ غَيْرِهِمْ عَلَيْهِمْ لَا يَحْصُلُ الْجَهْدُ لَهُمْ أَوْ بِعَكْسِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِمَنْ يَحْصُلُ لَهُ الْجَهْدُ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ تَحْصُلُ بِتَقْدِيمِ رَبِّ الْمَاءِ عَلَى غَيْرِهِ كَثْرَةُ الْجَهْدِ لِغَيْرِهِ وَلَا يَحْصُلُ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ كَثْرَةُ الْجَهْدِ لَهُ بَلْ جَهْدُ غَيْرِهِ كَثِيرٌ أَوْ الْعَكْسُ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ مَا يَحْصُلُ لَهُ كَثْرَةُ الْجَهْدِ لِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِ الْمُقَدَّمَاتِ فَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ مِنْ تَقْدِيمِهِ عَلَى غَيْرِهِ الْجَهْدُ لِغَيْرِهِ كَمَا يَحْصُلُ مِنْ تَقْدِيمِ غَيْرِ رَبِّ الْمَاءِ عَلَى رَبِّهِ الْجَهْدُ لَهُ، وَالْحَاصِلُ لَهُمَا مُسْتَوٍ فَهَلْ يَتَسَاوَوْنَ أَوْ يُقَدَّمُ رَبُّ الْمَاءِ قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ نَاجِي وَصَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمَوَّاقُ كَلَامَهُ وَأَظْهَرُهُمَا الثَّانِي وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ احْتِمَالٌ آخَرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَبَيَانُ الْمِلْكِيَّةِ بِأَنْ يَشْهَدَ عِنْدَ الْحَفْرِ أَنَّهُ يَحْفِرَهَا لِيَمْلِكَ مَاءَهَا.

(قَوْلُهُ وَبُدِئَ بِمُسَافِرٍ) لِاحْتِيَاجِهِ لِسُرْعَةِ السَّيْرِ (قَوْلُهُ كَأَنَّهُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ) الْأَحْسَنُ حَذْفُ الْكَافِ وَيَقُولُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُصَرِّحْ الْمُؤَلِّفُ بِالْمُسَافِرِ وَالْحَاضِرِ) أَيْ: بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُسَافِرِ وَالْحَاضِرِ مِنْ دَوَابَّ وَمَوَاشٍ.
(قَوْلُهُ وَسُكُوتُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَقْتَضِي إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّهُ ذُكِرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ جَمِيعُ الْمَرَاتِبِ التِّسْعَةِ إلَّا هَذِهِ الْمَرْتَبَةَ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أُخِّرَتْ مَوَاشِي إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا قَدَّمَ دَوَابَّ الْمُسَافِرِ عَلَى دَوَابِّ غَيْرِهِ لِاسْتِعْجَالِهِ فَيُفِيدُ أَنَّ مَوَاشِيَهُ تَكُونُ مَعَ دَوَابِّهِ وَلَا تُؤَخَّرُ كَمَا هُوَ الْوَجْهُ فَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا تَبَعًا لِغَيْرِهِ مِنْ تَأْخِيرِ مَوَاشِي الْمُسَافِرِ عَنْ دَوَابِّهِ وَأَنَّهَا بَعْدَ مَوَاشِي أَهْلِ الْمَاءِ فِيهِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ وَلَا نُعْرِبُهُ بَدَلًا) أَيْ: بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ بِمُسَافِرٍ كَمَا فِي الْعِبَارَةِ الْأُولَى الَّتِي لِابْنِ غَازِيٍّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ ابْنِ غَازِيٍّ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْبَاءِ كَأَنَّهُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ قَوْلِهِ بِمُسَافِرٍ وَقَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ أَيْ: حِينَ جَعَلْنَاهُ مُتَعَلِّقًا بِقُدِّمَ وَلَمْ نَجْعَلْهُ بَدَلًا وَقَوْلُهُ أَنَّ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ أَيْ: التَّقْدِيمَ وَالثَّانِي أَيْ: قَوْلُهُ بِجَمِيعِ الرَّيِّ (قَوْلُهُ إلَى أَنَّ الْأُولَى غَيْرُ مَقْصُودَةٍ) أَيْ التَّبْدِئَةَ عَلَى مَا قَالَ وَأَنَا أَقُولُ أَيْ: قَوْلُهُ بِمُسَافِرٍ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقِ التَّقْدِيمِ بِهِ وَقَوْلُهُ وَالتَّقْدِيمَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ التَّغَايُرُ وَحِينَئِذٍ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّ التَّبْدِئَةَ بِجَمِيعِ الرَّيِّ بَلْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَقَوْلُهُ بِمُسَافِرٍ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقِ التَّقْدِيمِ بِهِ وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْمُبْدَلَ مِنْهُ قَوْلُهُ وَقُدِّمَ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَصْلًا وَقَوْلُهُ بِجَمِيعِ الرَّيِّ لَا بُدَّ مِنْهُمَا فَهُمَا مَقْصُودَانِ وَقَوْلُهُ فَلَا حَاجَةَ لِمَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ مِنْ الْبَدَلِيَّةِ وَقَوْلُهُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ تَقَدَّمَ وَجْهُهُ وَهُوَ أَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ الْأَوَّلَ غَيْرُ مَقْصُودٍ ثُمَّ إنَّ فِي عِبَارَتِهِ تَدَافُعًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَلَا حَاجَةَ يَقْتَضِي صِحَّتَهُ وَلَكِنْ لَا حَاجَةَ لَهُ وَلَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ إلَخْ) ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ إنْ انْفَرَدَ أَحَدٌ بِالْجَهْدِ قُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ لِلْجَمِيعِ الْجَهْدُ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ لَكِنْ يَتَفَاوَتُ يُقَدَّمُ الْأَشَدُّ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ لِلْجَمِيعِ لَكِنْ اسْتَوَتْ الْمَشَقَّةُ فَالْقَوْلَانِ وَكُلُّ مَنْ تَقَدَّمَ يُمَكَّنُ مِنْ الشُّرْبِ حَتَّى يَذْهَبَ مِنْهُ الْخَوْفُ لَا بِجَمِيعِ الرَّيِّ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ احْتِمَالٌ آخَرُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَا حَلَّ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَفَضْلِ بِئْرِ مَاشِيَةٍ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ الَّذِي أَشَارَ لَهُ هُوَ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ بِجَمِيعِ الرَّيِّ وَالْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي فَضْلِ مَاءِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ عَنْ أَرْبَابِهَا مَا يَحْصُلُ بِهِ رَيُّ جَمِيعِ غَيْرِهِمْ وَكَانَ يَحْصُلُ بِتَقْدِيمِ الْمُسَافِرِينَ عَلَى الْحَاضِرِينَ الْجَهْدُ لِلْحَاضِرِينَ أَوْ لِشُرْبِهِ وَلَا يَحْصُلُ لِلْمُسَافِرِينَ مِثْلُ ذَلِكَ بِتَقْدِيمِ الْحَاضِرِينَ عَلَيْهِمْ أَوْ الْعَكْسِ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ بِمَنْ يَحْصُلُ لَهُ بِتَقْدِيمِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ الْجَهْدُ أَوْ لِشُرْبِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ الْجَهْدُ الْحَاصِلُ لِكُلٍّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مُسْتَوِيًا فَالظَّاهِرُ جَرْيُ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِيهِ وَتَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ الْمُسَافِرِينَ عَلَى الْحَاضِرِينَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ أَبْيَنُ بِكَلَامِ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْكَلَامِ فِي الْفَضْلَةِ عَنْ أَهْلِ الْبِئْرِ وَلِذَا قَالَ وَبُدِئَ بِمُسَافِرٍ وَالْأَئِمَّةُ فَرَضُوا الْكَلَامَ فِيمَنْ يُقَدَّمُ فِي الْمَاءِ ابْتِدَاءً ثُمَّ رَتَّبُوا عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ كِفَايَةٌ ابْنُ رُشْدٍ إنْ اجْتَمَعَ أَهْلُ الْمَاءِ وَالْمَارَّةُ وَالْمَاءُ يَكْفِيهِمْ بُدِئَ بِأَنْفَسِ أَهْلِ الْمَاءِ إلَى

الصفحة 75