كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

يُقَرِّرُهُ بِهِ اُنْظُرْهُ فِي الْكَبِيرِ.

(ص) وَإِنْ سَالَ مَطَرٌ بِمُبَاحٍ سَقَى الْأَعْلَى إنْ تَقَدَّمَ لِلْكَعْبِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَاءَ إذَا سَالَ بِمَكَانٍ مُبَاحٍ وَهُنَاكَ قَوْمٌ لَهُمْ جِنَانٌ فَإِنَّ الْأَعْلَى وَهُوَ الَّذِي يَقْرَبُ مِنْ الْمَاءِ يَبْدَأُ بِالسَّقْيِ لِزَرْعِهِ أَوْ شَجَرِهِ حَتَّى يَبْلُغَ الْمَاءُ إلَى الْكَعْبَيْنِ وَهَذَا إنْ تَقَدَّمَ الْأَعْلَى فِي الْإِحْيَاءِ عَلَى غَيْرِهِ أَيْ: أَوْ كَانَ إحْيَاؤُهُمَا مَعًا فَإِنْ كَانَ الْأَسْفَلُ هُوَ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْإِحْيَاءِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ فِي السَّقْيِ عَلَى الْأَعْلَى حَيْثُ خُشِيَ عَلَى الْأَسْفَلِ الْهَلَاكُ وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَعْلَى الْمُتَأَخِّرُ فِي الْإِحْيَاءِ عَلَى الْأَسْفَلِ فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ إنْ تَقَدَّمَ أَوْ سَاوَى كَأَنْ تَأَخَّرَ مَا لَمْ يُخَفْ عَلَى الْأَسْفَلِ الْهَلَاكُ لَأَدَّى الْمُرَادَ لَكِنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي الْمَفْهُومِ وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يُعْتَرَضُ بِهِ وَاحْتُرِزَ بِالْمَكَانِ الْمُبَاحِ مِمَّا لَوْ سَالَ الْمَطَرُ بِمَكَانٍ مَمْلُوكٍ فَإِنَّ صَاحِبَهُ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ.
(ص) وَأُمِرَ بِالتَّسْوِيَةِ وَإِلَّا فَكَحَائِطِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَعْلَى إذَا تَقَدَّمَ فِي الْإِحْيَاءِ عَلَى مَا مَرَّ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِتَسْوِيَةِ أَرْضِهِ إنْ كَانَ يُمْكِنُهُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ وَكَانَ السَّقْيُ فِي الْأَعْلَى لَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ حَتَّى يَكُونَ فِي الْأَسْفَلِ أَكْثَرَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَسْقِي كُلَّ جِهَةٍ عَلَى حِدَتِهَا وَيَصِيرُ الْحَائِطُ الْوَاحِدُ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مُتَسَاوٍ كَحَائِطِينَ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ بِجِهَتَيْهِ فَيَسْقِي الْأَعْلَى ثُمَّ الْأَسْفَلَ قَوْلُهُ وَأُمِرَ أَيْ: وَقُضِيَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِلْقَيْدِ الْمُقَدَّرِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَأُمِرَ بِالتَّسْوِيَةِ إنْ أَمْكَنَتْ أَيْ: وَإِلَّا تُمْكِنْ التَّسْوِيَةُ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهَذَا الْقَيْدِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّسْوِيَةِ يَسْتَلْزِمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِهَا إلَّا وَهِيَ مُمْكِنَةٌ.
(ص) وَقُسِمَ لِلْمُتَقَابِلِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ جِنَانَ الْقَوْمِ إذَا كَانَتْ مُتَقَابِلَةً لِلْمَاءِ الَّذِي سَالَ فِي الْأَرْضِ الْمُبَاحَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ وَلَا يَتَقَدَّمُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى غَيْرِهِ بَلْ هُمْ فِيهِ سَوَاءٌ قَالَ سَحْنُونَ فَإِنْ كَانَ الْجَنَانَانِ مُتَقَابِلَيْنِ فِيمَا حُكْمُهُ أَنْ يَكُونَ لِلْأَعْلَى فَالْأَعْلَى قَسَمَ الْمَاءَ بَيْنَهُمْ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْأَسْفَلِ مُقَابِلًا لِبَعْضِ الْأَعْلَى حُكِمَ لِمُقَابِلِ الْأَعْلَى بِحُكْمِ الْأَعْلَى وَلِمُقَابِلِ الْأَسْفَلِ بِحُكْمِ الْأَسْفَلِ فَقَوْلُهُ لِلْمُتَقَابِلِينَ أَيْ: فِي الْجِهَةِ وَهَلْ عَلَى التَّسْوِيَةِ أَوْ الْمِسَاحَةِ تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضٌ وَظَاهِرُهُ تَسَاوَيَا فِي الْإِحْيَاءِ أَوْ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ (كَالنِّيلِ) تَشْبِيهٌ فِي مَاءِ الْمَطَرِ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ سَقْيِ الْأَعْلَى إنْ تَقَدَّمَ فِي الْإِحْيَاءِ إلَخْ.
(ص) وَإِنْ مُلِكَ أَوَّلًا قُسِمَ بِقَلْدٍ أَوْ غَيْرِهِ (ش) أَيْ: وَإِنْ مُلِكَ الْمَاءُ أَوَّلًا بِأَنْ اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ فِي إجْرَائِهِ إلَى أَرْضِهِمْ فَإِنَّهُ لَا تَبْدِئَةَ هُنَا لِلْأَعْلَى عَلَى الْأَسْفَلِ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ مَلَكُوا الْمَاءَ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى أَرْضِهِمْ بِحَسْبِ أَعْمَالِهِمْ وَبِحَسْبِ ذَلِكَ الْعَمَلِ يُقْسَمُ الْمَاءُ بَيْنَهُمْ بِقَلْدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عِيَاضٌ وَابْتِدَاءُ زَمَنِ الْحَظِّ مِنْ حِينِ ابْتِدَاءِ جَرْيِهِ لِأَرْضِ ذِي الْحَظِّ وَلَوْ بَعُدَتْ إنْ كَانَ أَصْلُ أَرَاضِيِهِمْ شَرِكَةً ثُمَّ قُسِمَتْ بَعْدَ شَرِكَتِهِمْ فِي الْمَاءِ؛ لِأَنَّ عَلَى ذَلِكَ قُوِّمَتْ الْأَرْضُ حِينَ قَسَمَهَا وَإِلَّا فَمِنْ حِينِ وُصُولِهِ لِأَرْضِهِ. اهـ.
الْمُرَادُ مِنْهُ فَإِنْ قُلْت: لِمَ اُعْتُبِرَ الْحَظُّ مِنْ حِينِ ابْتِدَاءِ الْجَرْيِ حَيْثُ قُسِمَتْ الْأَرْضُ بَعْدَ شَرِكَتِهِمْ فِي الْمَاءِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَمِنْ حِينِ وُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهِ قُلْت: لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْقَسْمُ بَعْدَ شَرِكَتِهِمْ فِي الْمَاءِ فَإِنَّمَا تُعْدَلُ عَلَى أَقَلِّهِمْ نَصِيبًا بِالْقِيمَةِ فَيُرَاعَى فِي التَّعْدِيلِ قُرْبُ الْمَاءِ وَبُعْدُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْقَسْمُ قَبْلَ الشَّرِكَةِ فِي الْمَاءِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ شَرِكَةٌ فِي الْأَرْضِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإنْ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَكْفِ جَمِيعَهُمْ بُدِئَ بِمَنْ الْجَهْدُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ اهـ. وَالْخَطْبُ سَهْلٌ.

(قَوْلُهُ بِمَكَانٍ مُبَاحٍ) أَيْ: فِي أَرْضٍ لَا مِلْكَ لِأَحَدٍ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَهُنَاكَ قَوْمٌ لَهُمْ جِنَانٌ) أَيْ: بَعْضُهَا مُتَّصِلٌ بِبَعْضٍ وَبَعْضُهَا مُنْفَصِلٌ عَنْهُ وَلَمْ تُحَطْ إلَّا جَنَّةٌ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا لَوْ احْتَاطَتْ إلَّا جَنَّةً فَهَذَا الْمَاءُ مُبَاحٌ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَقُسِمَ لِلْمُتَقَابَلَيْنِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَبْلُغَ الْمَاءُ لِلْكَعْبِ) أَيْ، فَإِذَا أَمْسَكَ الْمَاءَ حَتَّى وَصَلَ لِلْكَعْبِ فَإِنَّهُ يُرْسِلُ لِمَنْ يَلِيهِ جَمِيعَ الْمَاءِ لَا مَا زَادَ عَلَى الْكَعْبِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ هَذَا تَفْصِيلٌ إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ عج وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِمُخَالَفَتِهِ لِإِطْلَاقِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ قَالَ، فَإِذَا حَدَثَ إحْيَاءُ الْأَعْلَى فَالْأَقْدَمُ أَخَصُّ وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ وَقَدْ ارْتَضَى ابْنُ عَرَفَةَ إبْقَاءَ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى إطْلَاقِهِ وَأَنَّهُ اتَّبَعَ ظَاهِرَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ) بِأَنْ كَانَ بَعْضُهُ كَثِيرَ الشَّجَرِ وَبَعْضُهُ قَلِيلَ الشَّجَرِ (قَوْلُهُ فِيمَا حُكْمُهُ أَنْ يَكُونَ لِلْأَعْلَى فَالْأَعْلَى) أَيْ: فِي الْمَاءِ الَّذِي حُكْمُهُ لِلْأَعْلَى أَيْ وَهُوَ الْمَاءُ الْمُبَاحُ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْأَسْفَلِ مُقَابِلًا لِبَعْضِ الْأَعْلَى) هَكَذَا فَأَرَادَ بِالْأَسْفَلِ هَذَا الْمُنْفَرِدَ فَإِنَّهُ أَسْفَلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَعْلَى مِنْ الِاثْنَيْنِ الْمُتَّصِلِ بَعْضُهُمَا بِبَعْضٍ (قَوْلُهُ حُكِمَ لِمُقَابِلِ الْأَعْلَى) أَيْ: حُكِمَ لِأَعْلَى الْمُنْفَرِدِ بِحُكْمِ مُقَابِلِهِ مِنْ أَسْفَلِ الْأَعْلَى مِنْ الِاثْنَيْنِ الْمُتَّصِلِ بَعْضُهُمَا بِبَعْضٍ وَحُكِمَ لِلْأَسْفَلِ الْمُنْفَرِدِ بِحُكْمِ أَعْلَى الْأَسْفَلِ مِنْ الِاثْنَيْنِ الْمُتَّصِلِ بَعْضُهُمَا بِبَعْضٍ.
(قَوْلُهُ وَهَلْ عَلَى التَّسْوِيَةِ) أَيْ: يُقْسَمُ الْمَاءُ سَوِيَّةً بَيْنَهُمَا فَلَا يَفْضُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِشَيْءٍ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْمِسَاحَةِ أَيْ يُقْسَمُ عَلَى حُكْمِ زَرْعِ كُلٍّ، فَإِذَا كَانَ مِسَاحَةُ أَحَدِهِمَا فَدَّانًا وَمِسَاحَةُ الثَّانِي نِصْفَ فَدَّانٍ فَالثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ (قَوْلُهُ تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضٌ) أَيْ وَهُوَ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمِنْ حِينِ وُصُولِهِ) أَيْ: بِأَنْ وَقَعَ قَسْمُ الْأَرْضِينَ قَبْلَ شَرِكَةٍ فِي الْمَاءِ أَوْ لَمْ تَكُنْ الْأَرْضُ بَيْنَهُمْ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت) جَوَابُ هَذَا السُّؤَالِ هُوَ حَاصِلُ مَعْنَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ عَلَى ذَلِكَ قُوِّمَتْ الْأَرْضُ فَلَوْ تَأَمَّلَ فِيهِ لَمَا وَرَدَ السُّؤَالُ (قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَعْدَ شَرِكَتِهِمْ فِي الْمَاءِ تُقْسَمُ الْأَرَاضِيُ بِالْقِيمَةِ، فَإِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثُ الْأَرْضِ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَانِ فَتُقْسَمُ أَثْلَاثًا كَأَنْ يُقَوَّمَ الْجُزْءُ الْقَرِيبُ مِنْ الْمَاءِ بِثَلَاثِينَ دِينَارًا مَثَلًا، وَكَذَلِكَ الَّذِي يَلِيهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقَرِيبَ مِنْ الْمَاءِ أَقَلُّ مِسَاحَةً مِمَّا بَعْدَهُ وَكَذَا الَّذِي بَعْدَهُ أَقَلُّ مِسَاحَةً مِمَّا بَعْدَهُ فَالْأَقْسَامُ الْوَاقِعُ فِيهَا التَّعْدِيلُ أَقْسَامُ الْأَرْضِ

الصفحة 76