كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

مِنْ رَجُلٍ نِصْفَ ثَوْبٍ أَوْ عَبْدٍ مَثَلًا بِدِينَارٍ عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ النِّصْفَ الْآخَرَ أَيْ جَعَلَ ثَمَنَ النِّصْفِ الْمَبِيعِ لِلسِّمْسَارِ مَجْمُوعَ الدِّينَارِ وَسَمْسَرَتَهُ عَلَى بَيْعِ النِّصْفِ الْآخَرِ فَإِنَّهَا فَاسِدَةٌ فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ يَبِيعَ نِصْفًا بِمَعْنَى عَلَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ بَاءَ الْعِوَضِ أَيْ: بِأَنْ يَبِيعَ لَهُ نِصْفَ عَبْدٍ مَثَلًا عَلَى سَمْسَرَتِهِ فِي بَيْعِ النِّصْفِ الْآخَرِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الشَّارِحُ وَنَحْوُهُ لِلشَّيْخِ التَّتَّائِيِّ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَاءِ فِي نَحْوِ بِعْته بِكَذَا أَنْ تَكُونَ دَاخِلَةً عَلَى الْعِوَضِ نَحْوُ بِعْته بِدِرْهَمٍ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَا بَيْعٌ حِينَئِذٍ، وَإِنَّمَا هُنَا مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إجَارَةً فَقَطْ أَوْ جَعَالَةً، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يَصْلُحُ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا شُرِطَ فِي الْجَوَازِ ضَرْبُ الْأَجَلِ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَى حَمْلِ الشَّارِحِ وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ الْأَجَلَ سَوَاءٌ كَانَتْ جَعَالَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ إجَارَةً؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ بِالْعَمَلِ فِيهَا كَافٍ كَالتَّعْيِينِ بِالزَّمَنِ لَا يُقَالُ سَيَأْتِي مَا يُفِيدُ أَنَّ التَّعْيِينَ بِالْعَمَلِ لَا يَكْفِي هُنَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ التَّعْيِينَ بِالْعَمَلِ لَا يَكْفِي مَحَلُّهُ حَيْثُ انْضَمَّ لِلْإِجَارَةِ بَيْعٌ كَمَا فِي الْحَمْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ فِيهِ بَيْعًا وَإِجَارَةً إنْ ضَرَبَا لِذَلِكَ أَجَلًا أَوْ مَعَ جَعَالَةٍ إنْ لَمْ يَضْرِبَا لِذَلِكَ أَجَلًا وَلَا يَصْلُحُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إلَّا عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ إنْ أَجَّلَا وَبِعِبَارَةٍ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَلَا يَجُوزُ إلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْبَيْعِ بِالْبَلَدِ الَّذِي هُمَا بِهِ الثَّانِي أَنْ يَضْرِبَا بِالْبَيْعِ النِّصْفَ الثَّانِيَ أَجَلًا الثَّالِثُ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا فَاشْتَرَطَ الْبَلَدَ لِيَسْلَمَ مِنْ بَيْعٍ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ إلَى تِلْكَ الْبَلَدِ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ شَيْئًا بِعَيْنِهِ لَا يَقْبِضُهُ لَا إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ وَهُوَ بُلُوغُهُ لِلْبَلَدِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَبِيعَ فِي بَلَدِ الْعَقْدِ فَيَجُوزُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ قَبْضِ نَصِيبِهِ مِنْ الْآنَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ بِبَلَدٍ آخَرَ أَيْ: لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْمُعَيَّنِ إلَى مِثْلِهِ، وَيَنْبَغِي إذَا كَانَ قَرِيبًا جِدًّا أَنْ يَجُوزَ؛ لِأَنَّهُ كَالْبَلَدِ الْوَاحِدِ انْتَهَى وَاشْتُرِطَ الْأَجَلُ لِيَكُونَ إجَارَةً وَهِيَ تُجَامِعُ الْبَيْعَ وَإِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْأَجَلَ فَتَكُونُ جَعَالَةً وَهِيَ لَا تُجَامِعُ الْبَيْعَ وَاشْتُرِطَ كَوْنُ الْمَبِيعِ غَيْرَ مِثْلِيٍّ لِئَلَّا يَكُونَ تَارَةً سَلَفًا إنْ بَاعَ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ يَرُدُّ حِصَّةَ ذَلِكَ وَتَارَةً ثَمَنًا إنْ بَاعَ فِي آخِرِ الْأَجَلِ أَوْ مَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَبِعْ وَعِبَارَةُ الطِّخِّيخِيِّ وَالْعِلَّةُ فِي كَوْنِ الثَّمَنِ غَيْرَ مِثْلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَقَدْ قَبَضَ إجَارَتَهُ وَهِيَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَقَدْ يَبِيعُ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ فَيَرُدُّ حِصَّةَ ذَلِكَ فَتَصِيرُ إجَارَةً وَسَلَفًا انْتَهَى، وَيُفْهَمُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ إنْ بَاعَ فِي نِصْفِ الْأَجَلِ لَا يَرُدُّ بَاقِيَ الْأَجْرِ بَلْ يَتْرُكُهُ لَهُ أَوْ يَأْتِيه بِطَعَامٍ آخَرَ يَبِيعُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَقَدْ ذُكِرَ فِي الذَّخِيرَةِ هَذَا الثَّانِي وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا أَيْ: ثَمَنُ الْعَمَلِ الَّذِي هُوَ السَّمْسَرَةُ عَلَى بَيْعِ النِّصْفِ الْآخَرِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُسَاوٍ وَلِلتَّعْبِيرِ بِالْمُثَمَّنِ أَوْ بِالْمَبِيعِ وَالْحُلِيِّ وَالْغَزْلِ مِنْ الْمُقَوِّمِ كَمَا فِي بَابِ الْغَصْبِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضٌ وَبِعِبَارَةِ الثَّمَنِ هُوَ بَعْضُ السِّلْعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا أَيْ: وَإِذَا كَانَ نِصْفُ الْمَبِيعِ مِثْلِيًّا تَضَمَّنَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ مِثْلِيًّا.

(ص) وَجَازَ بِنِصْفِ مَا يُحْتَطَبُ عَلَيْهَا (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَجُوزُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُؤَاجِرَ دَابَّتَهُ أَوْ سَفِينَتَهُ لِمَنْ يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا أَوْ يَسْتَقِي وَلَهُ نِصْفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ هُنَا مَعْلُومَةٌ بِخِلَافِ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَاعْمَلْ إلَخْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِهَذَا نَقْلَةٌ وَلِلْآخِرِ مِثْلُهَا أَوْ لِهَذَا يَوْمٌ وَلِلْآخَرِ مِثْلُهُ أَوْ لِهَذَا خَمْسَةُ أَيَّامٍ وَلِلْآخَرِ مِثْلُ ذَلِكَ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهَا أَيْ: عَلَى الدَّابَّةِ الْمَعْلُومَةِ مِنْ السِّيَاقِ إذَا كَانَ مَا يُحْتَطَبُ عَلَيْهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاقْتَصَرَ تت عَلَى الْأَوَّلِ فَيُفِيدُ تَرْجِيحَهُ.

(قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ بَاعَ لَهُ نِصْفَهُ وَجَعَلَ ثَمَنَهُ سَمْسَرَتَهُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي وَقَوْلُهُ مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ إجَارَةً أَيْ: فَيَقُولُ لَهُ آجَرْتُك عَلَى كَذَا فَيَكُونُ الْعَقْدُ لَازِمًا وَقَوْلُهُ أَوْ جَعَالَةً أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ جَاعَلْتُكَ عَلَى كَذَا فَيَكُونُ الْعَقْدُ غَيْرَ لَازِمٍ.
(قَوْلُهُ أَنْ يَضْرِبَا لِبَيْعِ النِّصْفِ الثَّانِي أَجَلًا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَجَلُ قَرِيبًا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْمُعَيَّنِ إلَيْهِ كَالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِأَبِي الْحَسَنِ.
(قَوْلُهُ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الشُّرُوعِ فِي السَّمْسَرَةِ وَلَا يُشْرَعُ فِيهَا إلَّا بَعْدَ أَنْ يَصِلَ لِلْبَلَدِ وَقَوْلُهُ لَا يَقْبِضُهُ إلَّا إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ قَبْضَهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الشُّرُوعِ فِي السَّمْسَرَةِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ قَبْضِهِ أَيْ: بِالسَّمْسَرَةِ.
(قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إذَا كَانَ قَرِيبًا جِدًّا) أَيْ: كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَرُدُّ حِصَّةَ ذَلِكَ) أَيْ: حِصَّةَ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَجَلِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ جَمِيعَ النِّصْفِ عَلَى أَنَّهُ يُسَمْسِرُ عَلَيْهِ جَمِيعَ الْأَجَلِ، فَإِذَا بِيعَ قَبْلَ تَمَامِهِ لَا يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِحَسَبِ مَا ذَهَبَ مِنْ الْأَجَلِ وَيَصِيرُ مُسْلِفًا لِمَا يَخُصُّ بَقِيَّةَ الْأَجَلِ فَإِنْ قُلْت: إنَّهُ إذَا كَانَ مُقَوَّمًا وَبَاعَ فِي أَوَّلِ الْأَجَلِ يَرُدُّ مَا قَابَلَ الْبَقِيَّةَ فَمَا الْفَرْقُ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَى الْمِثْلِيِّ تُعَدُّ سَلَفًا بِخِلَافِ الْمُقَوَّمِ (قَوْلُهُ فَهُوَ مُسَاوٍ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِثَمَنِ الْعَمَلِ هُوَ النِّصْفُ الَّذِي اشْتَرَاهُ فَصَحَّ دَعْوَى الْمُشَارَكَةِ.
(قَوْلُهُ هُوَ بَعْضُ السِّلْعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ بَاعَ لَهُ النِّصْفَ بِدِينَارٍ وَالسَّمْسَرَةُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي فَمَصْدُوقُ الْبَعْضِ هُوَ نِصْفُ ذَلِكَ النِّصْفِ الْوَاقِعِ فِي مُقَابَلَةِ السَّمْسَرَةِ وَالنِّصْفُ الثَّانِي مِنْ ذَلِكَ النِّصْفِ وَاقِعٌ فِي مُقَابَلَةِ الدِّينَارِ وَقَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ أَيْ: الْمَبِيعُ كُلُّهُ الْوَاقِعُ فِي مُقَابَلَةِ السَّمْسَرَةِ وَالدِّينَارِ.

(قَوْلُهُ وَجَازَ بِنِصْفٍ إلَخْ) الْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُعْلَمَ مَا يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا بِعُرْفٍ أَوْ غَيْرِهِ ثَانِيهِمَا أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا تَأْخُذْ نِصْفَك إلَّا بَعْدَ بَيْعِهِ مُجْتَمِعًا أَوْ بَعْدَ نَقْلِهِ مُجْتَمِعًا لِمَوْضِعِ كَذَا فَيَمْتَنِعُ أَيْ: وَجَازَ إجَارَةُ دَابَّةٍ لِمَنْ يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا بِنِصْفٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِحَذْفِهَا وَعَلَيْهِ فَالضَّمِيرُ فِي جَازَ لِكِرَاءٍ مُرَادًا بِهِ الْعَقْدُ وَقَوْلُهُ نِصْفٌ بَدَلٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ وَلَا يَحْتَاجُ لِرَابِطٍ لَكِنْ بَقِيَ أَنْ مَحَطَّ الْحُكْمِ الْبَدَلُ وَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِالنِّصْفِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ الْمَعْلُومَةِ مِنْ السِّيَاقِ) كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاعْمَلْ

الصفحة 8