كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

الْوَقْفِ عَلَى الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ وَلَوْ مَالِكِيًّا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا أَوْ جَاهِلًا؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ إذَا حَكَمَ بِقَوْلٍ وَلَوْ شَاذًّا لَا يُنْقَضُ مَا عَدَا الْمَسَائِلَ الْمُسْتَثْنَاةَ وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا سَبْعَةُ أَقْوَالٍ.

(ص) أَوْ عَادَ لِسُكْنَى مَسْكَنِهِ قَبْلَ عَامٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَبَسَ دَارَ سُكْنَاهُ أَوْ غَيْرَهَا مِمَّا لَهُ غَلَّةٌ عَلَى مَحْجُورِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَحِيزَتْ عَنْهُ ثُمَّ إنَّ الْوَاقِفَ عَادَ لِسُكْنَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ عَوْدُهُ لَهَا قَبْلَ مُضِيِّ عَامٍ مِنْ يَوْمِ التَّحْبِيسِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ الْحَبْسَ وَإِنْ كَانَ عَوْدُهُ لَهَا بَعْدَ مُضِيِّ عَامٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ الْحَبْسَ؛ لِأَنَّهُ الْمُدَّةُ الَّتِي يَقَعُ بِهَا الِاشْتِهَارُ هَذَا بِخِلَافِ الرَّهْنِ إذَا عَادَ لِلرَّاهِنِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ وَلَوْ طَالَتْ حِيَازَةُ الْمُرْتَهِنِ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] وَهَذَا بِخِلَافِ الْكِتَابِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا غَلَّةَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُبْطِلُ الْوَقْفَ بِعَوْدِهِ لَهُ حَيْثُ صُرِفَ فِي مَصَارِفِهِ وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ عَامٍ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ أَوْ عَادَ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ: إنْ وَقَعَ عَلَى مَعْصِيَةٍ أَوْ عَادَ أَيْ وَحَصَلَ مَانِعٌ قَبْلَ أَنْ يُحَازَ ثَانِيًا وَإِلَّا لَمْ يَبْطُلْ وَيُحَازُ وَإِنْ عَادَ بَعْدَ عَامٍ وَحَصَلَ مَانِعٌ فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ مَحْجُورِهِ لَمْ يَبْطُلْ؛ لِأَنَّهُ حَازَ حِيَازَةً تَامَّةً وَعَلَى مَحْجُورِهِ بَطَلَ إلَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ إلَّا لِمَحْجُورِهِ إذَا أَشْهَدَ وَصَرَفَ الْغَلَّةَ وَلَمْ تَكُنْ دَارَ سُكْنَاهُ فَمَفْهُومُ قَبْلَ عَامٍ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى مَحْجُورِهِ يَبْطُلُ هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ كَانَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ صَغِيرًا بَطَلَ وَادَّعَى ابْنُ نَاجِي أَنَّ مُقَابِلَهُ شَاذٌّ وَفِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ شَاذٌّ نَظَرٌ.

(ص) أَوْ جَهِلَ سَبْقَهُ لِدَيْنٍ إنْ كَانَ عَلَى مَحْجُورِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَوَقَفَ وَقْفًا عَلَى مَحْجُورِهِ وَلَا يَدْرِي هَلْ الدَّيْنُ قَبْلَ الْوَقْفِ أَوْ هُوَ قَبْلَ الدَّيْنِ فَإِنَّ الْوَقْفَ يَكُونُ بَاطِلًا وَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ تَقْدِيمًا لِلْوَاجِبِ عَلَى التَّبَرُّعِ فَقَوْلُهُ إنْ كَانَ عَلَى مَحْجُورِهِ قَيْدٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَطْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَإِنَّمَا بَطَلَ فِي هَذِهِ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ لِضَعْفِ حَوْزِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ قَدْ حُزْنَا بِحَوْزِ أَبِينَا كَمَا فِي الرِّوَايَةِ وَلِهَذَا لَوْ حَازَ الْوَقْفَ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبَنِيهِ دُونَ بَنَاتِهِ بَلْ رُبَّمَا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَحْتَمِلُ هَذِهِ الصُّورَةَ فَيُقَالُ عَلَى بَنِيهِ أَيْ جِنْسِ بَنِيهِ دُونَ بَنَاتِهِ جَمِيعًا وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَالْأَشْهَرُ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةُ ذَلِكَ وَمُضِيُّهُ إذَا وَقَعَ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ وَصَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ التَّنْزِيهِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ فَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ وَخِلَافُ مَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ فَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ جَائِرًا أَوْ جَاهِلًا) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَتَّصِفْ بِالْجَوْرِ فِي أَحْكَامِهِ أَوْ الْجَهْلِ فِي أَحْكَامِهِ أَيْ: فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ إذَا حَكَمَ بِقَوْلٍ وَلَوْ شَاذًّا إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِهِ هَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ فِي تَقْرِيرِهِ نَقَلَهُ عَنْهُ الْفِيشِيُّ وَاَلَّذِي قَالَهُ عج فِي فَتَاوِيهِ فِي بَابِ الشُّفْعَةِ وَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْقَوْلِ الضَّعِيفِ فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ مَا لَمْ يَشْتَدَّ ضَعْفُهُ كَالْحُكْمِ بِشُفْعَةِ الْجَارِ وَمَحَلُّ مُضِيِّ حُكْمِهِ بِالْقَوْلِ الضَّعِيفِ حَيْثُ لَمْ يُوَلَّ عَلَى الْحُكْمِ بِغَيْرِ الضَّعِيفِ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ فِي قُضَاةِ مِصْرَ اهـ.
وَكَلَامُ عج ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ مَا عَدَا الْمَسَائِلَ الْمُسْتَثْنَاةَ) وَهِيَ مَا خَالَفَ قَاطِعًا أَوْ جَلِيَّ قِيَاسٍ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ وَالْمَسْأَلَةُ إلَخْ) وَمَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ فِيهَا سَبْعَةُ أَقْوَالٍ أَوَّلُهَا مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْبُطْلَانِ فَهُوَ حَرَامٌ قَطْعًا وَالثَّانِي الْكَرَاهَةُ مَعَ الصِّحَّةِ وَالْكَرَاهَةُ تَنْزِيهًا الثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُحَازَ عَنْهُ ذَلِكَ فَيَمْضِيَ عَلَى مَا حَبَسَهُ عَلَيْهِ أَوْ لَا يُحَازُ فَيَرُدُّهُ عَلَى الْبَنِينَ دُونَ الْبَنَاتِ الرَّابِعُ مَا رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَكْرَهُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْمُحْبَسُ حَيًّا فَيَفْسَخُهُ وَيَجْعَلُهُ مُسَجَّلًا أَيْ: مُطْلَقًا لِلذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَإِنْ مَاتَ لَمْ يُفْسَخْ وَأَنْكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ سَحْنُونَ الْخَامِسُ أَنَّهُ يُفْسَخُ الْحَبْسُ وَيُجْعَلُ مَسْجِدًا إذَا لَمْ يَأْبَ مَنْ حُبِسَ عَلَيْهِمْ فَإِنْ أَبَوْا لَمْ يَجُزْ فَسْخُهُ وَيُقَرُّ عَلَى مَا حُبِسَ وَإِنْ كَانَ حَيًّا إلَّا أَنْ يَرْضَوْا بِرَدِّهِ وَهُمْ كِبَارٌ السَّادِسُ يَجُوزُ أَنْ يَحْبِسَ عَلَى الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَبِالْعَكْسِ وَأَنْ يُسَاوِيَ فِيهِ بَيْنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَجَائِزٌ أَنْ تُقْطَعَ الْبَنَاتُ بَعْدَ التَّزْوِيجِ وَمَا شُرِطَ مِنْ شَرْطِهِ مَضَى عَلَى شَرْطِهِ وَمِثْلُهُ لِابْنِ نَافِعٍ وَالْبَاجِيِّ وَالْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ وَهَبَ بَعْضَ بَنِيهِ دُونَ بَعْضٍ السَّابِعُ مَا قَالَهُ فِي الْبَيَانِ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عِنْدَ مَالِكٍ أَشَدُّ كَرَاهَةً مِنْ هِبَةِ الرَّجُلِ بَعْضَ وَلَدِهِ دُونَ الْبَعْضِ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الْهِبَةِ إنَّهَا نَافِذَةٌ وَإِنْ كَانَتْ مَكْرُوهَةً وَخَرَّجَ اللَّخْمِيُّ الْأَقْوَالَ فِيمَا إذَا تَصَدَّقَ عَلَى بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ.

(قَوْلُهُ أَوْ غَيْرَهَا) أَيْ: فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَسْكُنُهُ بَلْ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ سُكْنَى؛ إذْ الِانْتِفَاعُ بِهَا أَوْ بِغَيْرِهَا كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ بِعَوْدِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ لِلِانْتِفَاعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي أَفَادَهُ مُحَشَّى تت أَنَّهُ حَيْثُ عَادَ لِلِانْتِفَاعِ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ وَالْغَلَّةِ فِي الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَوْزِهِ لِلْحَوْزِ (قَوْلُهُ وَعَلَى مَحْجُورِهِ بَطَلَ) وَهُوَ الصَّغِيرُ وَالسَّفِيهُ وَقَوْلُهُ وَمَا مَرَّ إلَخْ هَذَا الْكَلَامُ مَعَ مَا قَبْلَهُ يُفِيدُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الْمَسْأَلَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ بِقَوْلِهِ إلَّا لِمَحْجُورِهِ وَأَنَّهَا مَحَلُّ وِفَاقٍ بَيْنَ أَصْحَابِ الْقَوْلَيْنِ فِي الصِّحَّةِ فَيَكُونُ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا عَادَتْ لِلْإِرْفَاقِ مَعَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْمُسْتَثْنَاةَ هِيَ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَأَنَّهَا مَتَى رَجَعَتْ بِإِرْفَاقٍ يَبْطُلُ اتِّفَاقًا وَعِبَارَةُ عب وَمَفْهُومُ قَبْلَ عَامٍ أَنَّهُ لَوْ عَادَ لَهُ بَعْدَ عَامٍ وَسَكَنَهُ لَا يَبْطُلُ الْحَبْسُ؛ لِأَنَّ الْعَامَ هُوَ الْمُدَّةُ الَّتِي يَقَعُ بِهَا الْإِشْهَادُ وَإِنْ كَانَ عَلَى مَحْجُورِهِ عَلَى أَحَدِ مَشْهُورَيْنِ إنْ عَادَ لَهُ بِكِرَاءٍ وَأَشْهَدَ فَإِنْ عَادَ لَهُ بَعْدَ عَامٍ بِإِرْفَاقٍ يَبْطُلُ اتِّفَاقًا فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ يَبْطُلُ إنْ عَادَ لِانْتِفَاعِهِ لِمَا وَقَفَهُ قَبْلَ عَامٍ مُطْلَقًا لَا بَعْدَهُ إلَّا عَلَى مَحْجُورِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ إنْ عَادَ لَهُ بِكِرَاءٍ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ عَادَ لَهُ بِإِرْفَاقٍ بَطَلَ اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ إنْ كَانَ عَلَى مَحْجُورِهِ) وَقَدْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ مِنْ الْإِشْهَادِ وَصَرْفِ الْغَلَّةِ وَكَوْنِهَا غَيْرَ دَارِ سُكْنَاهُ اهـ.
وَإِنَّمَا حَمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بَطَلَ وَلَوْ عُلِمَ تَقَدُّمُهُ عَلَى الدَّيْنِ وَمَحَلِّ الْبُطْلَانِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ إذَا اسْتَمَرَّ تَحْتَ يَدِ الْأَبِ حَتَّى مَاتَ الْأَبُ أَوْ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ قَدْ حُزْنَا بِحَوْزِ أَبِينَا) أَيْ: فَالْحَائِزُ لَنَا أَبُونَا فَحَوْزُنَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ حَوْزَ الْأَبِ لَنَا

الصفحة 83