كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

الْغُرَمَاءِ فِي الْأَوَّلِ وَلِحَقِّ الْوَرَثَةِ فِي الْأَخِيرَيْنِ فَقَوْلُهُ قَبْلَ فَلَسِهِ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ وَالضَّمِيرُ فِي فَلَسِهِ وَمَوْتِهِ عَائِدٌ عَلَى الْوَاقِفِ وَفِي مَرَضِهِ عَائِدٌ عَلَى الْمَوْتِ أَيْ: وَمَرَضِ مَوْتِهِ وَهُوَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ إلَّا إذَا اتَّصَلَ بِهِ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِ الْمَرَضِ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّ عَوْدَ الضَّمِيرِ عَلَى الْمَوْتِ يُغْنِي عَنْ التَّقْيِيدِ.

(ص) إلَّا لِمَحْجُورِهِ إذَا شَهِدَ وَصَرَفَ الْغَلَّةَ وَلَمْ تَكُنْ دَارَ سُكْنَاهُ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ الْحَوْزِ الْحِسِّيِّ وَهُوَ مَا إذَا وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ أَوْ السَّفِيهِ أَوْ الْوَصِيِّ عَلَى يَتِيمِهِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَوْزِ الْوَقْفِ الْحَوْزُ الْحِسِّيُّ بَلْ يَكْفِي فِيهِ الْحَوْزُ الْحُكْمِيُّ وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَائِزُ الْأَبَ أَوْ الْوَصِيَّ أَوْ الْمُقَامَ مِنْ قِبَلِ الْحَاكِمِ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ وَلَوْ كَانَ تَحْتَ يَدِ الْحَائِزِ إلَى مَوْتِهِ أَوْ إلَى فَلَسِهِ أَوْ إلَى مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ لَكِنَّ الصِّحَّةَ تَكُونُ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: الْأَوَّلُ أَنْ يَشْهَدَ الْوَاقِفُ عَلَى الْحَبْسِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ وَلَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِذَلِكَ الْإِشْهَادِ فَلَا يَكْفِي إقْرَارُ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّ الْمُنَازِعَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إمَّا الْوَرَثَةُ وَإِمَّا الْغُرَمَاءُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْإِشْهَادِ عَلَى الْوَقْفِيَّةِ رَفَعْت يَدَ الْمِلْكِ وَوَضَعْت يَدَ الْحَوْزِ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ أَشْهَدَ أَيْ: عَلَى الْوَقْفِ لَا عَلَى الْحِيَازَةِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَصْرِفَ الْوَاقِفُ الْغَلَّةَ كُلَّهَا فِي مَصَالِحِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَلَوْ أَصْرَفَهَا فِي مَصَالِحِ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ فَقَوْلُهُ وَصَرَفَ الْغَلَّةَ أَيْ: ثَبَتَ أَنَّهُ صَرَفَ الْغَلَّةَ عَلَى الْمَحْجُورِ أَوْ اُحْتُمِلَ صَرْفُهَا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ مَا نَقَلَهُ بَهْرَامُ عَنْ ابْنِ زَرْقُونٍ وَقَوْلُهُ وَصَرَفَ الْغَلَّةَ أَيْ كُلَّهَا أَوْ جُلَّهَا قِيَاسًا عَلَى الْهِبَةِ الْمُشَارِ إلَيْهَا فِي بَابِهَا وَدَارَ سُكْنَاهُ إلَّا أَنْ يَسْكُنَ أَقَلَّهَا وَيُكْرِيَ لَهُ الْأَكْثَرَ وَإِنْ سَكَنَ النِّصْفَ بَطَلَ فَقَطْ أَوْ الْأَكْثَرَ بَطَلَ الْجَمِيعُ.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمَوْقُوفُ غَيْرَ دَارِ سُكْنَى الْوَاقِفِ، وَأَمَّا دَارُ سُكْنَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُهَا عَلَى مَحْجُورِهِ إلَّا بَعْدَ مُشَاهَدَةِ الْبَيِّنَةِ لَهَا فَارِغَةً مِنْ شَوَاغِلِ الْمُحْبِسِ لَكِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ دَارَ سُكْنَاهُ يَبْطُلُ الْوَقْفُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَجْرِي عَلَى الْهِبَةِ كَمَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ أَنْ يَسْكُنَ الْكُلَّ أَوْ الْجُلَّ أَوْ الْأَقَلَّ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِوَلَدِهِ الْكَبِيرِ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَ رَشِيدًا وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ حِيَازَةَ الْأُمِّ مِمَّا حَبَسَتْهُ عَلَى وَلَدِهَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَصِيَّةً وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي النَّصِّ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ.

(ص) أَوْ عَلَى وَارِثٍ بِمَرَضِ مَوْتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْوَارِثِ فِي مَرَضِ مَوْتِ الْوَاقِفِ بَاطِلٌ وَسَوَاءٌ حَمَّلَهُ الثُّلُثَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةُ وَقْفٍ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ أَوْ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَالْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بَاطِلَةٌ فَإِنْ صَحَّ الْوَاقِفُ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ صَحَّ الْوَقْفُ كَمَا وَقَفَ فِي صِحَّتِهِ.
(ص) إلَّا مُعْقِبًا خَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ فَكَمِيرَاثٍ لِلْوَارِثِ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ عَدَمُ صِحَّةِ وَقْفِ الْمَرِيضِ عَلَى وَرَثَتِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُعْرَفُ عِنْدَهُمْ بِمَسْأَلَةِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا وَقَفَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى وَرَثَتِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ وَعَقَّبَهُ بِأَنْ قَالَ هُوَ وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي وَذُرِّيَّتِهِمْ وَعَقِبِهِمْ فَإِنَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَقَوْلُهُ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ إلَخْ أَيْ: فَإِنْ أَجَازُوهُ مَضَى (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ) أَيْ: يَتَنَازَعُ فِيهِ الْفِعْلَانِ يُخَلِّ وَيَحُزْ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا حَصَلَ التَّحْبِيسُ فِي الصِّحَّةِ، فَإِذَا حَصَلَ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ لِغَيْرِ وَارِثٍ.

(قَوْلُهُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ الْحَوْزِ الْحِسِّيِّ) أَيْ: أَنَّهُ لَمَّا ذُكِرَ أَوَّلًا أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ لَا بُدَّ مِنْ حَوْزِهِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ لِلْوَاقِفِ وَإِلَّا بَطَلَ الْوَقْفُ اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ هَذِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يُشْهِدَ الْوَاقِفُ عَلَى الْحَبْسِ) أَيْ يُشْهِدَ الْوَاقِفُ عَلَى التَّحْبِيسِ عَلَى الْمَحْجُورِ قَالَهُ تت وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَحُوزُ لِلْمَحْجُورِ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِذَلِكَ الْإِشْهَادِ) هَذَا الْكَلَامُ غَيْرُ صَوَابٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْإِشْهَادُ عَلَى التَّحْبِيسِ بِأَنْ يَقُولَ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي حَبَسْت كَذَا عَلَى وَلَدِي فَلَا مَعْنَى لِمَا ذَكَرَهُ هُنَا وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْحَوْزِ الْحِسِّيِّ قَالَ ابْنُ شَاسٍ يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْحَوْزِ أَنْ يَكُونَ عَلَى مُعَايَنَةٍ وَلَا يَكْفِي الشَّهَادَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْحَوْزِ أَيْ: فَهَذَا الْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِي الْوَقْفِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ أَيْ: كُلَّهَا أَوْ جُلَّهَا) قَالَ اللَّقَانِيِّ وَصَرْفُ الْغَلَّةِ لَهُ أَيْ كُلِّهَا أَوْ جُلِّهَا قِيَاسًا عَلَى الْهِبَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَصْرِفْ الْغَلَّةَ بِالْمَرَّةِ أَوْ لَمْ يَصْرِفْ لَهُ إلَّا الْأَقَلَّ أَوْ النِّصْفَ بَطَلَ الْوَقْفُ انْتَهَى إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ قِيَاسًا عَلَى الْهِبَةِ الْمُشَارِ إلَخْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ قِيَاسٌ فِي الْجَمِيعِ وَهَذَا كَلَامٌ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالسُّكْنَى مِنْ نِصْفٍ وَغَيْرِهِ مُتَمَيِّزٌ بِخِلَافِ صَرْفِ الْغَلَّةِ فَلَا يَظْهَرُ ذَلِكَ فِيهَا وَفِي عب خِلَافُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا صَرَفَ كُلَّ الْغَلَّةِ أَوْ جُلَّهَا لِلْمَحْجُورِ صَحَّ وَإِذَا صَرَفَ النِّصْفَ لِلْمَحْجُورِ وَالنِّصْفَ الثَّانِيَ لَهُ صَحَّ فِي النِّصْفِ وَإِذَا صَرَفَ الْجُلَّ لِنَفْسِهِ وَالْأَقَلَّ لِلْمَحْجُورِ بَطَلَ الْجَمِيعُ وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا قُلْنَا غَيْرَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ كَكِتَابٍ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ صَرْفِهِ فِي مَصْرِفِهِ أَنَّ الْأَقَلَّ إنَّمَا يَتْبَعُ الْأَكْثَرَ فِي الصِّحَّةِ دُونَ الْبُطْلَانِ وَهُنَا تَبِعَ الْأَقَلُّ الْأَكْثَرَ فِي الْبُطْلَانِ.
(قَوْلُهُ غَيْرَ دَارِ سُكْنَى الْوَاقِفِ) لَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ الدَّارِ الَّتِي كَانَ يَسْكُنُهَا بَلْ الْمُرَادُ نَفْيُ سُكْنَاهُ لَهَا وَلَوْ قَالَ وَلَمْ يَسْكُنْهَا حَتَّى مَاتَ لَوَفَّى بِالْمُرَادِ بِلَا كُلْفَةٍ وَمِثْلُ السُّكْنَى اللُّبْسُ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالُوا أَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهِ بِرُكُوبٍ وَنَحْوِهِ إلَى أَنْ مَاتَ كَذَلِكَ انْتَهَى ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت مُحَشِّي تت قَالَ مَا نَصُّهُ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِدَارِ السُّكْنَى بَلْ كَذَلِكَ غَيْرُهَا إذَا سَكَنَهَا بَعْدَ أَنْ حَبَسَهَا أَوْ ثَوْبًا لَبِسَهُ أَوْ دَابَّةً رَكِبَهَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَا حُبِسَ عَلَى الْمَحْجُورِ مَهْمَا انْتَفَعَ بِهِ بَطَلَ وَلَوْ بَعْدَ عَامٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ الْحَاجِبِ الشَّرْطَ الثَّالِثَ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ.

(قَوْلُهُ بِمَرَضِ مَوْتِهِ) أَيْ: الْمَرَضِ الَّذِي يَعْقُبُهُ الْمَوْتُ وَلَوْ خَفِيفًا فَيَبْطُلُ وَلَوْ حَمَّلَهُ الثُّلُثَ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَصِيَّةِ وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ وَمَحَلُّ الْبُطْلَانِ فِيمَا يَبْطُلُ فِيهِ الْوَقْفُ حَيْثُ لَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ غَيْرُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَجَازُوهُ فَإِنَّهُ يَمْضِي وَلِذَا كَانَ دُخُولُ الْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ فِيمَا لِلْأَوْلَادِ حَيْثُ لَمْ يُجِيزَا فَإِنْ أَجَازَا لَمْ يَدْخُلَا

الصفحة 85