كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

يَصِحُّ حِينَئِذٍ وَلَا يَبْطُلُ مَا نَابَ أَوْلَادَ الْأَعْيَانِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِالْوَقْفِ؛ لِأَنَّ أَوْلَادَ الْأَعْيَانِ إذَا مَاتُوا رَجَعَ الْوَقْفُ لِأَوْلَادِهِمْ، فَإِذَا صَحَّ الْوَقْفُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَانَ مَا بِأَيْدِي أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَقْفًا لَا مِلْكًا وَيَأْخُذُ الذَّكَرُ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ فَكَمِيرَاثٍ لِلْوَارِثِ وَيَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ وَبَيَّنَ ذَلِكَ بِالْمِثَالِ فَقَالَ كَثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ إلَخْ فَقَوْلُهُ إلَّا مُعْقِبًا شَرْطٌ أَوَّلٌ وَلَا فَرْقَ عَلَى الْمَذْهَبِ بَيْنَ أَنْ يُوقِفَ مَا لَهُ غَلَّةٌ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ شَرْطٌ ثَانٍ وَمِنْ لِلتَّعْدِيَةِ فَيَكُونُ الْكَلَامُ صَادِقًا بِاسْتِغْرَاقِ جَمِيعِ الثُّلُثِ أَيْ: خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ لَا زَائِدًا عَلَيْهِ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلِابْتِدَاءِ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهَا لِلتَّبْعِيضِ لِاقْتِضَائِهَا أَنَّهُ لَوْ اسْتَغْرَقَ الثُّلُثَ وَلَمْ يَجُزْ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ وَإِنَّمَا قَالَ كَمِيرَاثٍ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِيرَاثًا حَقِيقَةً بَلْ هُوَ كَالْمِيرَاثِ فِي كَوْنِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَأَمَّا الرِّقَابُ فَلَا يَتَصَرَّفُوا فِيهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ بَلْ هِيَ وَقْفٌ وَتَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَوْقَافِ.
(ص) كَثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ وَأَرْبَعَةِ أَوْلَادِ أَوْلَادٍ وَعَقَّبَهُ وَتَرَكَ زَوْجَةً وَأُمًّا فَيَدْخُلَانِ فِيمَا لِلْأَوْلَادِ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهِ لِوَلَدِ الْوَلَدِ وَقْفٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَقَفَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى أَوْلَادِهِ لِصُلْبِهِ الثَّلَاثَةِ وَعَلَى أَرْبَعَةٍ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَعَقَّبَهُ بِتَشْدِيدِ الْقَافِ بِأَنْ قَالَ هُوَ وَقْفٌ عَلَى وَلَدِي وَعَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي وَعَقَّبَهُمْ فَإِنَّ التَّعْقِيبَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ ثُمَّ مَاتَ وَخَلَّفَ السَّبْعَةَ وَتَرَكَ أُمًّا وَزَوْجَةً فَإِنَّ الْوَقْفَ حِينَئِذٍ يُقْسَمُ عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ لِأَوْلَادِ الصُّلْبِ الثَّلَاثَةِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ هُوَ بِأَيْدِيهِمْ كَالْمِيرَاثِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَلِكَوْنِهِ وَقْفًا لَمْ يَبْطُلْ مَا نَابَ أَوْلَادَ الصُّلْبِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِمْ بِهِ فَتَدْخُلُ الْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْوَرَثَةِ فَتَأْخُذُ الْأُمُّ سُدُسَهُ إرْثًا وَتَأْخُذُ الزَّوْجَةُ ثُمُنَهُ إرْثًا ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي بَيْنَ الْأَوْلَادِ الثَّلَاثَةِ أَثْلَاثًا وَلِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ الْأَرْبَعَةِ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهِ وَقْفٌ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَى وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَهَذَا إذَا كَانَتْ حَاجَتُهُمْ وَاحِدَةً وَإِلَّا فَعَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ قَالَهُ سَحْنُونَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ يَصِحُّ قِرَاءَةُ وَعَقِبِهِ اسْمًا وَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ كَثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ وَأَرْبَعَةِ أَوْلَادِ أَوْلَادٍ وَقَفَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى عَقِبِهِ وَيَصِحُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ فَيَكُونُ الْكَلَامُ صَادِقًا بِاسْتِغْرَاقِ إلَخْ) أَيْ وَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا مُعَقَّبًا تَعَلَّقَ خُرُوجُهُ بِالثُّلُثِ وَقَوْلُهُ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلِابْتِدَاءِ وَالْمَعْنَى إلَّا مُعَقَّبًا مُبْتَدَأً خُرُوجُهُ أَيْ نَاشِئًا خُرُوجُهُ مِنْ هَذَا الثُّلُثِ أَيْ: تَوَجَّهَ الْخُرُوجُ لِهَذَا الثُّلُثِ فَيَصْدُقُ بِكُلِّهِ وَبِبَعْضِهِ (قَوْلُهُ كَالْمِيرَاثِ فِي كَوْنِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) أَيْ: وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ كَذَلِكَ الْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ يُقْسَمُ الْوَقْفُ ابْتِدَاءً عَلَى سَبْعَةٍ سَوَاءٌ كَانَ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ بَعْضًا وَبَعْضًا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ سَوَاءٌ قَالَ الْوَاقِفُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيمَا لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَأْخُذُونَهُ عَلَى حُكْمِ الْوَقْفِ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ كَمِيرَاثٍ إذَا حَبَسَهُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ دُونَ الْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ فَإِنْ حَبَسَ عَلَيْهِمَا مَعَ مَنْ ذُكِرَ فَإِنَّ الْوَقْفَ يَكُونُ بَيْنَ الْجَمِيعِ بِالسَّوِيَّةِ لَا بِحَسْبِ الْفَرَائِضِ فِي الْوِرَاثَةِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْوَاقِفِ تَفْضِيلٌ فَلَا يُقَالُ حِينَئِذٍ فَيَدْخُلَانِ فِيمَا لِلْأَوْلَادِ.
(قَوْلُهُ وَقْفٌ) قَالَ اللَّقَانِيِّ أَيْ أَنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى فِيهِ سَوَاءٌ إنَّ لَمْ يَشْتَرِطْ فَضْلًا وَهَذَا هُوَ نُكْتَةُ قَوْلِهِ وَقْفٌ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ لِوَلَدِ الْوَلَدِ بِالسَّوِيَّةِ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّهُ يَكُونُ بِالسَّوِيَّةِ وَلَوْ نَصَّ الْوَاقِفُ عَلَى التَّفْضِيلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ شَرْطَهُ إنْ جَازَ، وَأَمَّا كَوْنُهُ وَقْفًا فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِمَا بِيَدِ وَلَدِ الْوَلَدِ وَمَا بِيَدِ الْوَلَدِ وَالْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ وَقْفٌ أَيْضًا وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ كَمِيرَاثٍ لِلْوَارِثِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ: مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ الْأَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ وَأَنَّ الذَّكَرَ مِثْلُ الْأُنْثَى طَرِيقَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ.
(قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَتْ إلَخْ) مُقَابِلُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ سَحْنُونَ وَمُحَمَّدٌ مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْسَمُ سَوِيَّةً بَلْ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الذَّكَرَ مِثْلُ الْأُنْثَى وَلَا يُرَاعَى اخْتِلَافُ الْحَاجَةِ وَالثَّانِي لَا يَقُولُ بِالسَّوِيَّةِ بَلْ يُرَاعِي اخْتِلَافَ الْحَاجَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونَ وَمُحَمَّدٍ هَذَا مُفَادُ تت فِي صَغِيرِهِ قَطْعًا وَاعْتَرَضَهُ مُحَشَّى تت بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ كَوْنِهِ يُقْسَمُ سَبْعَةً أَيْ: إذَا كَانَتْ حَاجَتُهُمْ وَاحِدَةً وَإِلَّا فَعَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَيْ: مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّ الْقَسْمَ عَلَى سَبْعَةٍ مُطْلَقًا وَإِلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ أَشَارَ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ وَفِي قَسْمِهِ بِالسَّوِيَّةِ مُطْلَقًا أَوْ إنْ اسْتَوَتْ حَالَتُهُمْ نَقْلًا ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ظَاهِرِ سَمَاعِ عِيسَى ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمَشْهُورُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ انْتَهَى وَلِذَا صُرِّحَ فِي الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ.
(أَقُولُ) وَلَكِنَّ مُقْتَضَى تَقْدِيمِ ابْنِ عَرَفَةَ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ يُفِيدُ قُوَّتَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَكُونُ مَنْ أَطْلَقَ التَّعْبِيرَ بِالْمَشْهُورِ مُرَادُهُ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا الْمَشْهُورُ مُطْلَقًا وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ، فَإِذَا عَرَفْت ذَلِكَ كُلَّهُ فَقَوْلُ شَارِحِنَا هُنَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ إنَّمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْغَيْرِ الْمَشْهُورِ وَالْمَعْنَى أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ يُقْسَمُ عَلَى سَبْعَةٍ مُطْلَقًا اسْتَوَتْ حَالَتُهُمْ أَوْ لَا وَالذَّكَرُ مِثْلُ الْأُنْثَى وَلَعَلَّ الْمَعْنَى أَنَّ الْقَسْمَ عَلَى سَبْعَةٍ وَمُسَاوَاةُ الذَّكَرِ الْأُنْثَى أَيْ: فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ مَا يَخُصُّ أَوْلَادَ الْأَعْيَانِ يَقَعُ التَّفَاضُلُ فِيهِ لِلذَّكَرِ مِثْلَا الْأُنْثَى كَمَا تَبَيَّنَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ الَّذِي ذَكَرَهُ شَارِحُنَا لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِالْأَرْبَعَةِ نَصِيبِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِأَصْلِ الْقَسْمِ عَلَى سَبْعَةٍ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ فَتَدَبَّرْ ذَلِكَ

الصفحة 86