كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

وَعَلَى اثْنَيْنِ وَبَعْدَهُمَا عَلَى الْفُقَرَاءِ إلَخْ. وَقَوْلُهُ وَرَجَعَ أَيْ: إذَا كَانَ عَلَى جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَأَمَّا عَلَى جِهَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ كَالْفُقَرَاءِ فَلَا يُمْكِنُ انْقِطَاعُهُ وَعَلَى مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ مَثَلًا وَتَعَذَّرَ صَرْفُهُ صُرِفَ فِي مِثْلِهِ كَمَا يَأْتِي وَفِي كَقَنْطَرَةٍ لَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا فِي مِثْلِهَا وَإِلَّا وُقِفَ قَوْلُهُ وَامْرَأَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى أَقْرَبِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ لَوْ رُجِّلَتْ عَصَّبَتْ تَدْخُلُ كَانَتْ قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً كَانَتْ فَقِيرَةً أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا فَقِيرَةٌ بِالطَّبْعِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْطِي هَذَا الْمَعْنَى إلَّا عَطْفُهُ عَلَى أَقْرَبِ وَلَا تَعْطِفُهُ عَلَى فُقَرَاءِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهَا لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ قَرِيبَةً وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَلَا عَلَى عَصَبَةٍ؛ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ؛ إذْ التَّقْدِيرُ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ امْرَأَةٍ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَرْأَةِ نَفْسِهَا لَا فِي الْأَقْرَبِ إلَيْهَا قَوْلُهُ رُجِّلَتْ عَصَّبَتْ أَيْ: مَعَ بَقَاءِ مَنْ أَدْلَتْ بِهِ عَلَى حَالِهِ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ فَتَخْرُجُ بِنْتُ الْبِنْتِ وَبِنْتُ الْعَمَّةِ؛ لِأَنَّ الْبِنْتَ عَلَى خَالَتِهَا لَيْسَتْ عَصَبَةً وَالْعَمَّةُ كَذَلِكَ وَلَا تَكُونُ عَصَبَةً إلَّا بِفَرْضِهَا رَجُلًا.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي لَوْ رُجِّلَتْ عَصَّبَتْ لَا تَدْخُلُ فِي الْمَرْجِعِ مَعَ الْعَاصِبِ إلَّا إذَا كَانَتْ أَقْرَبَ مِنْهُ لَا إنْ سَاوَتْهُ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْقَرَافِيُّ فِي قَوْلِهِ.
(فَإِنْ ضَاقَ قُدِّمَ الْبَنَاتُ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَرَجَعَ إلَخْ أَيْ: فَإِنْ ضَاقَ الْحَبْسُ الرَّاجِعُ عَنْ الْكِفَايَةِ لِلْغَلَّةِ الثَّانِيَةِ قُدِّمَ الْبَنَاتُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَنَاتَ هُنَا لَهُنَّ خُصُوصِيَّةٌ عَلَى بَقِيَّةِ الْإِنَاثِ لِقُوَّتِهِنَّ دُونَ الْأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِلَّا لَقَالَ: وَقُدِّمَ الْإِنَاثُ فَيَكُونُ أَعَمَّ لَا عَنْ الِاسْتِيعَابِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ أَخَذْنَاهُ وَاشْتَرَيْنَا بِهِ سِمْسِمًا مَثَلًا وَأَوْعَبْنَاهُمْ.
(ص) وَعَلَى اثْنَيْنِ وَبَعْدَهُمَا عَلَى الْفُقَرَاءِ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ لَهُمْ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وُقِفَ عَلَى اثْنَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو ثُمَّ بَعْدَهُمَا أَيْ: بَعْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيَقْرَبُ مِنْ هَذَا الْوَقْفُ عَلَى مَسْجِدٍ أَوْ قَنْطَرَةٍ فَتُهْدَمُ إنْ لَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا يُصْرَفُ فِي مِثْلِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا فَقِيرَةٌ بِالطَّبْعِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ قَدْ اشْتَرَطْتُمْ فِي الْعَصَبَةِ الْفَقْرَ دُونَ الْإِنَاثِ وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ فَأَجَابَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهَا فَقِيرَةٌ بِالطَّبْعِ فَصَارَ الْفَقْرُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مَوْجُودًا فِي الْجَمِيعِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْإِنَاثَ يَأْخُذْنَ مُطْلَقًا أَغْنِيَاءً أَوْ فُقَرَاءَ وَاشْتَرَطَ عج فَقْرَهُنَّ أَيْضًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ شَارِحَنَا تَبِعَ اللَّقَانِيِّ فِي الْعُمُومِ فِي النِّسَاءِ الْقَرِيبَةِ وَالْبَعِيدَةِ الْفَقِيرَةِ وَالْغَنِيَّةِ وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ فُجْلَةَ وَالْبَدْرُ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالْعَصَبَةِ فِي اعْتِبَارِ الْقُرْبِ وَالْفَقْرِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الذَّخِيرَةِ انْتَهَى (قَوْلُهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ قَرِيبَةً) أَقُولُ بَلْ يُفِيدُ أَنَّهَا لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ أَقْرَبَ زِيَادَةً عَلَى كَوْنِهَا قَرِيبَةً.
(قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَتْ أَقْرَبَ مِنْهُ) أَيْ فَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ أَوْ بَعِيدَةً أَيْ: وَلَمْ يَكُنْ أَقْرَبَ مِنْهَا عَاصِبٌ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْقَرَافِيُّ) رَجَّحَ عج كَلَامَ الْقَرَافِيِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى عَدَمِ دُخُولِ النَّازِلَةِ وَأَنَّ اشْتِرَاطَ الْأَقْرَبِيَّةِ أَوْ التَّسَاوِي حَيْثُ وُجِدَ الْعَاصِبُ، وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِهِ فَالشَّرْطُ الْقُرْبُ فَلَا يُشْتَرَطُ الْأَقْرَبِيَّةُ بَلْ وَلَوْ كَانَتْ بَعِيدَةً مِنْ الْوَاقِفِ وَهُنَاكَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهَا فَإِنَّهَا تَدْخُلُ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ ضَاقَ قُدِّمَ الْبَنَاتُ إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَقْصُورٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا الْإِنَاثُ مِنْ بَنَاتٍ وَغَيْرِهِنَّ وَضَاقَ الْحَبْسُ عَنْ الْجَمِيعِ فَإِنَّ الْبَنَاتَ تُقَدَّمُ وَاَلَّذِي فِي عج خِلَافُ ذَلِكَ وَرَجَّحَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ فَقْرِ الْمَرْأَةِ كَمَا قَالَ الْبَدْرُ وَابْنُ فُجْلَةَ وَأَنْ تَكُونَ مُسَاوِيَةً لِلذَّكَرِ فِي الدَّرَجَةِ أَوْ أَقْرَبَ مِنْهُ وَهَذَا كُلُّهُ فِي السَّعَةِ، وَأَمَّا فِي الضِّيقِ فَتُقَدَّمُ النِّسَاءُ عَلَى الذُّكُورِ الْعَصَبَةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ ضَاقَ قُدِّمَ الْبَنَاتُ أَيْ: النِّسَاءُ لَا خُصُوصُ الْبَنَاتِ لَكِنْ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كُنَّ أَقْرَبَ مِنْ الذُّكُورِ الْعَصَبَةِ، وَأَمَّا إذَا كُنَّ مُسَاوِيَاتٍ لَهُمْ فَلَا يُقَدَّمْنَ عَلَيْهِ بَلْ يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الذَّكَرِ الْمُسَاوِي لَهُنَّ قَالَ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَامْرَأَةٌ لَوْ رُجِّلَتْ عَصَّبَتْ وَإِنْ سَاوَتْ وَقُدِّمَتْ عَلَيْهِ فِي الضِّيقِ إنْ قَرُبَتْ عَلَيْهِ فَإِنْ سَاوَتْهُ قُسِمَ بَيْنَهُمَا لَوُفِيَ بِالْمُرَادِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسَاوِيَةَ تُشَارِكُ فِي السَّعَةِ وَالضِّيقِ وَالْقُرْبَى تُشَارِكُ فِي السَّعَةِ وَتَخْتَصُّ فِي الضِّيقِ وَإِنْ كَانَتْ أَبْعَدَ مِنْهُ لَمْ تُشَارِكْهُ فِي سَعَةٍ وَلَا ضِيقٍ بَلْ يَخْتَصَّ بِهِ وَحْدَهُ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَقُولُ مَا الدَّلِيلُ لعج عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْبَنَاتِ النِّسَاءَ مُطْلَقًا وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ لَفْظَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَفْظُهُ فَإِنْ كَانَتْ بَنَاتٌ وَعَصَبَةٌ فَهُوَ بَيْنَهُمْ إنْ كَانَ فِيهِ سَعَةٌ وَإِلَّا فَالْبَنَاتُ أَحَقُّ بِهِ انْتَهَى.
وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَى ذَلِكَ شب وعب وَعِبَارَةُ عب وَتَخْصِيصُهُ الْبَنَاتَ مُخْرِجٌ لِلْأَخَوَاتِ وَالْعَمَّاتِ لِقُوَّةِ الْبَنَاتِ عَلَيْهِنَّ وَإِلَّا لَقَالَ قُدِّمَ الْإِنَاثُ انْتَهَى، وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ شُرَّاحِهِ أَبْقُوا لَفْظَ الْبَنَاتِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَمْ يُفَسِّرُوهُ بِمُطْلَقِ النِّسَاءِ كَمَا قَالَ عج فَالْوَاجِبُ اتِّبَاعُ ظَاهِرِ النَّصِّ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمْ إذَا كَانُوا ذُكُورًا فَقَطْ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِذَا كُنَّ إنَاثًا فَيَشْتَرِكْنَ سَعَةً وَضِيقًا إلَّا الْبَنَاتَ فَيُقَدَّمْنَ فِي الضِّيقِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ وَإِذَا كُنَّ ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَإِنْ كَانَ الذُّكُورُ أَقْرَبَ قُدِّمُوا عَلَى الْإِنَاثِ سَعَةً وَضِيقًا وَإِنْ كَانُوا مُتَسَاوِينَ فَيَشْتَرِكُ الْكُلُّ سَعَةً وَضِيقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ كَانَ الْإِنَاثُ أَقْرَبَ اشْتَرَكَ الْكُلُّ فِي السَّعَةِ وَعِنْدَ الضِّيقِ تُقَدَّمُ الْبَنَاتُ.
1 -
(قَوْلُهُ ثُمَّ مَنْ بَعْدَهُمَا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبَعْدَهُمَا لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ مِثْلُهُ إذَا قَالَ ثُمَّ بَعْدَهُمَا وَقَوْلُهُ أَيْ: بَعْدَ كُلِّ وَاحِدٍ الْمُنَاسِبُ عَدَمُ ذَلِكَ التَّفْسِيرِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْكَلَامُ بَعْدَ وُقُوعِهِ لَا أَنَّهُ مَقْصُودُ الْوَاقِفِ تَحْقِيقًا وَقَوْلُهُ إذَا مَاتَ وَاحِدٌ إلَخْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِ تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ أَصْلٍ يَحْجُبُ فَرْعَهُ فَقَطْ لَا فَرْعَ غَيْرِهِ أَيْضًا وَكَذَا فِي تَرْتِيبِ الْوَاقِفِ الطَّبَقَاتِ بِثُمَّ كَعَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِي وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَيُعْمَلُ بِهِ؛ لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْوَاقِفِينَ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ

الصفحة 90