كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

يَكُونُ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَإِذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الِاثْنَيْنِ الْمُعَيَّنَيْنِ فَإِنَّ نَصِيبَهُ يَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ وَلَا يَكُونُ لِرَفِيقِهِ وَسَوَاءٌ قَالَ حَيَاتُهُمَا أَمْ لَا فَقَوْلُهُ وَعَلَى إلَخْ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ وَالْجَارُ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَمَنْ وَقَفَ عَلَى اثْنَيْنِ إلَخْ.
(ص) إلَّا عَلَى كَعَشْرَةٍ حَيَاتَهُمْ فَيُمْلَكُ بَعْدَهُمْ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَقْفَ إذَا انْقَطَعَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِلْعَصَبَةِ وَلِلنِّسَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ هَذَا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا وَقَفَ عَلَى عَشَرَةٍ مَثَلًا مُعَيَّنِينَ فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ مِنْهُمْ شَخْصٌ فَإِنَّ نَصِيبَهُ لِأَصْحَابِهِ فَإِنْ مَاتُوا كُلُّهُمْ فَإِنَّ نَصِيبَهُمْ يَرْجِعُ مِلْكًا لِمَالِكِهِ إنْ كَانَ حَيًّا أَوْ لِوَارِثِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا وَمِثْلُ حَيَاتِهِمْ مَا إذَا قَيَّدَ بِأَجَلٍ فَلَوْ لَمْ يَقُلْ حَيَاتَهُمْ وَلَا قَيَّدَ بِأَجَلٍ فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا إذَا قَالَ حَيَاتَهُمْ أَوْ قَيَّدَ بِأَجَلٍ يَرْجِعُ مِلْكًا أَوْ يَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ وَكَلَامُ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا أَنَّ ذَاكَ لَمَّا كَانَ وَقْفُهُ مُسْتَمِرًّا اُحْتِيطَ فِيهِ لِجَانِبِ الْفُقَرَاءِ وَكَانَ لَهُمْ بَعْدَ كُلٍّ وَلَمَّا كَانَ هُنَا يَرْجِعُ مِلْكًا اُحْتِيطَ الْجَانِبُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ لِيَسْتَمِرَّ جَمِيعُ الصَّدَقَةِ مُدَّةَ حَيَاتِهِمْ كُلِّهِمْ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ حَيَاتَهُمْ بَلْ وَحَيَاةُ زَيْدٍ مَثَلًا أَوْ حَيَاتُهُ هُوَ وَعُلِمَ مِنْ إتْيَانِهِ بِالْمُدَّةِ الْمَجْهُولَةِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِي غَيْرِهَا مِنْ بَابِ أَوْلَى كَعَشْرِ سِنِينَ.

(ص) وَفِي كَقَنْطَرَةٍ لَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا فِي مِثْلِهَا وَإِلَّا وُقِفَ لَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَبَسَ حَبْسًا عَلَى بِنَاءِ قَنْطَرَةٍ أَوْ فِي مَصَالِحَ مَسْجِدٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَخَرِبَتْ الْقَنْطَرَةُ أَوْ الْمَسْجِدُ مَثَلًا فَإِنْ رُجِيَ عَوْدُهُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَبْسَ يُوقَفُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُرْجَ عَوْدُ ذَلِكَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُصْرَفُ فِي مِثْلِهَا أَيْ: فِي النَّفْعِ لَا الْمُمَاثَلَةِ فِي الشَّخْصِيَّةِ فَقَوْلُهُ فِي مِثْلِهَا أَيْ: فِي مِثْلِ مَقْصِدِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْمُمَاثَلَةَ فِي الشَّخْصِيَّةِ.

(ص) وَصَدَقَةٍ لِفُلَانٍ فَلَهُ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ فُرِّقَ ثَمَنُهَا بِالِاجْتِهَادِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ لِفُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فَإِنَّهَا لَهُ يَصْنَعُ فِيهَا مَا أَحَبَّ فَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ: مِلْكًا وَالْفَاءُ دَاخِلَةٌ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ وَإِنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ لِفُلَانٍ فَهِيَ لَهُ وَإِنْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ لِلْمَسَاكِينِ وَلَمْ يَقُلْ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ وَنَحْوُهُمَا فَإِنَّهَا تَكُونُ لَهُمْ مِلْكًا تُبَاعُ وَيُفَرَّقُ ثَمَنُهَا عَلَيْهِمْ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَتْ تُبَاعُ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْحَاضِرُ مِنْ الْفُقَرَاءِ فِي الْبَلَدِ حَالَ الْوَقْفِ عَشَرَةً مَثَلًا ثُمَّ يَزِيدُونَ فَيُؤَدِّي لِلنِّزَاعِ بِخِلَافِ مَا إذَا بِيعَتْ وَفُرِّقَ ثَمَنُهَا بِالِاجْتِهَادِ فَيَنْقَطِعُ النِّزَاعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ التَّعْمِيمُ.
(ص) وَلَا يُشْتَرَطُ التَّنْجِيزُ وَحُمِلَ فِي الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِ كَتَسْوِيَةِ أُنْثَى بِذَكَرٍ وَلَا التَّأْبِيدُ وَلَا تَعْيِينُ مَصْرِفِهِ وَصُرِفَ فِي غَالِبٍ وَإِلَّا فَالْفُقَرَاءُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَقْفَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّنْجِيزُ بَلْ يَصِحُّ إذَا كَانَ لِأَجَلٍ كَالْعِتْقِ، فَإِذَا قَالَ إذَا جَاءَ الْيَوْمَ الْفُلَانِيَّ أَوْ الشَّهْرَ أَوْ الْعَامَ الْفُلَانِيَّ فَدَارِي مَثَلًا وَقْفٌ عَلَى كَذَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ إذَا جَاءَ ذَلِكَ الْأَجَلُ كَمَا إذَا قَالَ: لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ إلَى أَجَلِ كَذَا فَإِنَّهُ يَكُونُ حُرًّا إذَا جَاءَ الْأَجَلُ الَّذِي عَيَّنَهُ وَلَا إشْكَالَ فِي لُزُومِ الْعَقْدِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِمَا إذَا جَاءَ الْأَجَلُ فَإِنْ حَدَثَ دَيْنٌ عَلَى الْوَاقِفِ أَوْ عَلَى الْمُعْتِقِ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ عَقْدَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ إلَى الْحُرِّيَّةِ وَيَضُرُّ عَقْدَ الْحَبْسِ إذَا لَمْ يَحُزْ عَنْ الْوَاقِفِ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ، أَمَّا إنْ حِيزَ عَنْهُ أَوْ كَانَتْ مَنْفَعَتُهُ لِغَيْرِ الْوَاقِفِ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ حُدُوثُ الدَّيْنِ، وَإِذْ لَمْ يُقَيِّدْ الْوَقْفَ بِزَمَنٍ بَلْ قَالَ: هُوَ وَقْفٌ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى التَّنْجِيزِ كَمَا يُحْمَلُ قَوْلُ الْوَاقِفِ دَارِي وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِي وَلَمْ يُبَيِّنْ تَفْضِيلَ أَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي الْمَصْرِفِ فَإِنْ بَيَّنَ شَيْئًا اُتُّبِعَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ التَّفْضِيلَ فِي مَرْجِعِ الْأَحْبَاسِ لَا يُعْمَلُ بِشَرْطِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ التَّأْبِيدُ أَيْ: التَّخْلِيدُ بَلْ يَصِحُّ وَيَلْزَمُ مُدَّةً كَسَنَةٍ ثُمَّ يَكُونُ بَعْدَهَا مِلْكًا وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ تَعْيِينُ الْمَصْرِفِ بَلْ إذَا قَالَ: دَارِي وَقْفٌ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ صَارَتْ وَقْفًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ تَقْدِيرُهُ وَمَنْ وَقَفَ) أَيْ: وَيُجْعَلُ مَوْصُولًا لَا شَرْطًا وَإِلَّا لَزِمَ عَلَيْهِ حَذْفُ الْفَاءِ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ وَلِذَلِكَ عَدَلَ عَنْ تَقْدِيرِ إنْ كَمَا فِي عب (قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ هَذَا) أَيْ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمَوَّاقِ يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنْ يَرْجِعَ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ كَمَا أَفَادَهُ عج وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ الْمَوَّاقُ كَمَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَإِنَّهُ تَبِعَ جَدّ عج (قَوْلُهُ بَلْ وَحَيَاةَ زَيْدٍ) فَلَوْ حَبَسَ عَلَى عَشَرَةٍ حَيَاةَ زَيْدٍ وَمَاتَ زَيْدٌ قَبْلَهُمْ فَإِنَّهُ يُمْلَكُ بَعْدَهُ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ فَلَا حَاجَةَ لِتَنْظِيرِ عب فِي ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ لَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا) لِخَلَاءِ الْبَلَدِ مَثَلًا وَفَسَادِ مَوْضِعِ الْقَنْطَرَةِ (قَوْلُهُ لَا الْمُمَاثِلَةِ فِي الشَّخْصِيَّةِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَمْكَنَتْ وَفِي عب خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي مِثْلِهَا حَقِيقَةً إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَفِي مِثْلِهَا مِنْ الْقُرَبِ.
(أَقُولُ) وَهُمَا قَوْلَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ إلَّا أَنَّ فِي كَلَامِ عج مَا يُفِيدُ رُجْحَانَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ عب مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُمَاثَلَةُ فِي الشَّخْصِيَّةِ وَكَذَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ (أَقُولُ) وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ لَفْظِ الْمِثْلِ.
(تَنْبِيهٌ) : يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي مِثْلِهَا أَنَّ مَنْ حَبَسَ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ بِمَحَلِّ عَيْنِهِ ثُمَّ تَعَذَّرَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْحَبْسُ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَقُلْ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ فَهُوَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ جِهَةٌ لَا تَنْقَطِعُ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّنْجِيزُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ اشْتِرَاطَ التَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيلِ وَالْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ مَعْمُولٌ بِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ فِي الْمُتَيْطِيِّ مَا يُفِيدُ مَنْعَ ذَلِكَ انْتَهَى أَيْ ابْتِدَاءً عج وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا أَفَادَ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ إذَا جَاءَ الْيَوْمُ الْفُلَانِيُّ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا تَعْلِيقٌ عَلَى مُحَقَّقٍ وَكَذَا إذَا عَلَّقَهُ عَلَى غَيْرِ مُحَقَّقٍ كَأَنْ قُدِّمَ زَيْدٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الشَّارِعَ إلَخْ) وَأَيْضًا فَالْعِتْقُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حِيَازَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ مَنْفَعَتُهُ لِغَيْرِ إلَخْ) أَيْ أَوْ لَمْ يَجُزْ عَنْهُ وَلَكِنَّ مَنْفَعَتَهُ لِغَيْرِ الْوَاقِفِ بِأَنْ جَعَلَ مَنْفَعَتَهُ لِغَيْرِهِ بِأَنْ يُخَزِّنَ فِيهِ حَبًّا مَثَلًا وَالْمِفْتَاحُ بِيَدِ الْوَاقِفِ

الصفحة 91