كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

الْإِصْلَاحِ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ الْإِنْفَاقَ مَعَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْإِصْلَاحِ التَّرْمِيمُ بِالْبِنَاءِ وَنَحْوِهِ فَذِكْرُهُ بَعْدَهُ لِفَائِدَةٍ وَقَالَ بَعْضٌ وَنَفَقَتُهُ أَيْ: فِيمَا يَحْتَاجُ لِنَفَقَةٍ كَالْحَيَوَانِ.

(ص) وَأَخْرَجَ السَّاكِنَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ لِلسُّكْنَى إنْ لَمْ يَصْلُحْ لِتُكْرَى لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَقَفَ دَارًا أَوْ نَحْوَهَا عَلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ لِأَجْلِ أَنْ يَسْكُنَ فِيهَا فَاحْتَاجَ إلَى إصْلَاحٍ فَإِنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُصْلِحَ مَنْ عِنْدَهُ مَا تَهَدَّمَ مِنْهَا وَبَيْنَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا لِأَجْلِ أَنْ تُكْرَى تِلْكَ الدَّارُ وَنَحْوُهَا لِأَجْلِ الْإِصْلَاحِ، فَإِذَا حَصَلَ الْإِصْلَاحُ وَانْقَضَى أَجَلُ الْكِرَاءِ رَجَعَ إلَيْهَا مَنْ حُبِسَتْ عَلَيْهِ فَسَكَنَهَا فَقَوْلُهُ لِتُكْرَى غَايَةٌ لِأَخْرَجَ وَلَهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِتُكْرَى وَالضَّمِيرُ لِلْإِصْلَاحِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَأَخْرَجَ إلَخْ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ مِنْ قَوْلِهِ لَا شَرْطِ إصْلَاحِهِ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ فَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ فَإِنْ سَكَتَ الْوَاقِفُ مَا الْحُكْمُ فَأَجَابَ بِمَا ذُكِرَ.

(ص) وَأُنْفِقَ فِي فَرَسٍ لِكَغَزْوٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَقَفَ فَرَسًا لِغَزْوٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ وَقَفَهُ فِي رِبَاطٍ مِنْ أَرْبَاطِ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ تَكُونُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَ يُوصَلُ إلَيْهِ فَإِنْ وَقَفَهُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ عِنْدِهِ إنْ قَبِلَهُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ.
(ص) فَإِنْ عُدِمَ بِيعَ وَعُوِّضَ بِهِ سِلَاحٌ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْفَرَسَ الْمَوْقُوفَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ عُدِمَ أَوْ لَمْ يُوصَلْ إلَيْهِ فَإِنَّ الْفَرَسَ يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ كَالسِّلَاحِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ وَالْأَوْلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي عُدِمَ يَرْجِعُ لِلْإِنْفَاقِ الْمَفْهُومِ مِنْ أَنْفَقَ لِيَشْمَلَ مَا إذَا وُجِدَ بَيْتُ الْمَالِ وَلَمْ يُمْكِنْ الْوُصُولُ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ وَلَوْ رَجَعَ الضَّمِيرُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يُحْزَرُ هَذَا الْمَعْنَى وَيُرَادُ بِالْعَدَمِ وَلَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَتَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ.
(ص) كَمَا لَوْ كَلِبَ (ش) كَلِبَ بِكَسْرِ اللَّامِ إذَا أَصَابَهُ الْكَلَبُ الَّذِي يَعْتَرِي الْكِلَابَ فَلَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَتَحْمَرُّ عَيْنَاهُ وَيَعَضُّ كُلَّ شَيْءٍ قَابَلَهُ حَتَّى يَمُوتَ وَرُبَّمَا مَاتَ الْمَعْضُوضُ وَرُبَّمَا عَاشَ أَيَّامًا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْفَرَسَ الْمَوْقُوفَ إذَا أَصَابَهُ الْكَلَبُ وَهُوَ شَيْءٌ يَعْتَرِي الْخَيْلَ كَالْجُنُونِ وَصَارَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي خُصُوصِ مَا وُقِفَ فِيهِ وَهُوَ الْغَزْوُ مَثَلًا لَكِنْ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي نَحْوِ الطَّاحُونِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فَالتَّشْبِيهُ فِي الْبَيْعِ فَقَطْ لَا أَنَّهُ تَشْبِيهٌ تَامٌّ فِي الْبَيْعِ وَالِاشْتِرَاءِ بِثَمَنِهِ سِلَاحًا؛ لِأَنَّهُ سَيَقُولُ عَقِبَهُ وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَحِينَئِذٍ انْدَفَعَ مَا عَسَاهُ يَرِدُ مِنْ التَّدَافُعِ بَيْنَ كَلَامَيْهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ كَمَا لَوْ كَلِبَ أَنَّهُ يُبَاعُ وَيُعَوَّضُ بِهِ سِلَاحٌ كَمَا هُوَ حَقِيقَةُ التَّشْبِيهِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ يَشْمَلُ الْفَرَسَ وَالْكَلْبَ وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنَّهُ يُبَاعُ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ أَوْ شِقْصِهِ لَا أَنَّهُ يُشْتَرَى بِهِ سِلَاحٌ.

(ص) وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ عَقَارٍ فِي مِثْلِهِ أَوْ شِقْصِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّيْءَ الْمَوْقُوفَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ لَا الشُّمُولَ.

(قَوْلُهُ (3) لِيَصْلُحَ إلَخْ) ، فَإِذَا احْتَاجَ الْخُلُوُّ لِعِمَارَةٍ فَإِنَّهَا تَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الْخُلُوِّ وَعَلَى نَاظِرِ الْوَقْفِ لَا عَلَى صَاحِب الْخُلُوّ فَقَطْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا صَارَا شَرِيكَيْنِ أَمَّا لَوْ كَانَ جَمِيعُ الْبِنَاءِ خُلُوًّا لَكَانَ عَلَى صَاحِبِ الْخُلُوِّ وَحْدَهُ أَوْ كَانَ الْبِنَاءُ الْمُهْدَمُ وَقْفًا مَحْضًا وَالْخُلُوُّ فَوْقَهُ وَانْهَدَمَ الْأَسْفَلُ لَكَانَ عَلَى الْوَقْفِ فَقَطْ (قَوْلُهُ غَايَةٌ لِأَخْرَجَ) مُنَافٍ لِقَوْلِهِ لِأَجْلِ أَنْ تُكْرَى الْمُفِيدُ أَنَّ اللَّامَ لِلتَّعْلِيلِ لَا غَايَةَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ جَعْلُهَا غَايَةً لِأَخْرَجَ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ وَأُخْرِجَ السَّاكِنُ إخْرَاجًا مُسْتَمِرًّا نِهَايَتُهُ الْإِكْرَاءُ مَعَ أَنَّ نِهَايَةَ الْإِخْرَاجِ إنَّمَا هُوَ الْإِصْلَاحُ وَانْقِضَاءُ مُدَّةِ الْكِرَاءِ لَا الْإِكْرَاءُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَإِنْ سَكَتَ إلَخْ) أَيْ: سَكَتَ الْوَاقِفُ عَنْ اشْتِرَاطِ إصْلَاحِهِ مِنْ غَلَّتِهِ أَوْ غَيْرِهَا كَبَعْضِ مَالِهِ قَالَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ فَإِنْ قُلْت إكْرَاؤُهَا مِنْ غَيْرِهِ تَغْيِيرٌ لِلْحَبْسِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُحْبَسْ إلَّا لِلسُّكْنَى لَا لِلْكِرَاءِ قُلْت لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا لَمْ تُحْبَسْ إلَّا لِلسُّكْنَى؛ لِأَنَّ الْمُحْبِسَ قَدْ عَلِمَ إنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى الْإِصْلَاحِ وَلَمْ يُوقِفْ لَهَا مَا تُصْلَحُ بِهِ فَبِالضَّرُورَةِ يَكُونُ قَدْ أَذِنَ فِي كِرَائِهَا مِنْ غَيْرِ مَنْ حُبِسَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ اهـ. .

(قَوْلُهُ لِكَغَزْوٍ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَقَوْلُهُ أَوْ وَقَفَهُ فِي رِبَاطٍ هَذَا مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَيْ: كَأَنْ وَقَفَهَا لِقِتَالِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ يُوصَلُ إلَيْهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إنْ كَانَ وَيُوصَلُ لَهُ وَقَوْلُهُ فَإِنْ وَقَفَهُ عَلَى مُعَيَّنٍ أَيْ: بِغَيْرِ جِهَادٍ هَكَذَا الْمَفْهُومُ مِنْ النُّقُولِ وَأَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ فَقَوْلُ عب وَخَرَجَ بِكَغَزْوِ الْمَوْقُوفِ عَلَى مُعَيَّنٍ لِلْجِهَادِ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ غَيْرُ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ عِنْدِهِ إنْ قَبِلَهُ عَلَى ذَلِكَ) كَذَا رَأَيْت نَقْلَ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ بِخِلَافِ مَا فِي عب وشب أَمَّا عِبَارَةُ عب فَقَدْ تَقَدَّمَتْ، وَأَمَّا عِبَارَةُ شب فَقَالَ مَا نَصُّهُ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ لِكَغَزْوٍ مِمَّا إذَا كَانَ وَقْفًا عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ: وَيَرْجِعُ لِرَبِّهِ وَيَبْطُلُ وَقْفُهُ.
(قَوْلُهُ كَالسِّلَاحِ) أَيْ وَلَا يُعَوَّضُ بِهِ مِثْلُ مَا بِيعَ وَلَا شِقْصُهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِنَفَقَةٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَخْ فِي غَيْرِ مَا بِيعَ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ بَقِيَ مَا كَانَ مِثْلَ الْقَنْطَرَةِ وَالْمَسْجِدِ إذَا حَصَلَ خَلَلٌ فَإِنْ تَطَوَّعَ أَحَدٌ أَوْ لَهُمَا غَلَّةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِمَا أَوْ بَيْتِ الْمَالِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِلَّا بَقِيَا حَتَّى يَهْلِكَا (قَوْلُهُ فَلَا يَأْكُلُ إلَخْ) أَيْ الْكَلِبُ الَّذِي هُوَ لَا مُفْرَدَ الْكِلَابِ أَيْ: وَالْكَلَبُ فِي الْفَرَسِ لَا يَصِلُ لِتِلْكَ الْحَالَةِ وَإِلَّا لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِ وَشَرْطُ الْبَيْعِ أَنْ يُنْتَفَعَ بِهِ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَالْمَعْنَى (قَوْلُهُ أَوْ شِقْصِهِ) أَيْ: إنْ وَجَدَ مَنْ يُشَارِكُ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ

الصفحة 94