كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

مُعَيَّنٍ مِنْ غَيْرِ عَقَارٍ إذَا صَارَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْوَجْهِ الَّذِي وُقِفَ فِيهِ كَالثَّوْبِ يَخْلَقُ وَالْفَرَسُ يُكْلَبُ وَالْعَبْدُ يَعْجِزُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مِثْلُهُ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْوَجْهِ الَّذِي وُقِفَ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنُهُ مَا يُشْتَرَى بِهِ مِثْلُهُ فَإِنَّهُ يُسْتَعَانُ بِهِ فِي شِقْصِ مِثْلِهِ وَقَوْلُهُ وَبِيعَ أَيْ وُجُوبًا وَقَوْلُهُ مِمَّا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ الْمَنْفِيُّ هُوَ النَّفْعُ الْمَقْصُودُ لِلْوَاقِفِ وَلَكِنْ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ كَوْنُ الْمَبِيعِ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يَشْمَلُ الْحُصْرَ وَالزَّيْتَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي مِثْلِهِ أَوْ شِقْصِهِ يُخْرِجُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ عَقَارٍ فِي مَحَلِّ تَقْدِيرِهِ وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ حَالَةَ كَوْنِهِ غَيْرَ عَقَارٍ إلَخْ.
(ص) كَأَنْ أُتْلِفَ (ش) أَيْ: كَأَنْ أَتْلَفَ الْمَوْقُوفُ غَيْرَ الْعَقَارِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَى بِالْقِيمَةِ مَا يُشْتَرَى بِثَمَنِهِ إذَا بِيعَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُتْلَفُ عَقَارًا لَكَانَ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ كَمَا يَأْتِي.

(ص) وَفَضْلُ الذُّكُورِ وَمَا كَبِرَ مِنْ الْإِنَاثِ فِي إنَاثٍ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ وَلَدَ الْحَيَوَانِ الْمُحْبَسِ مِثْلُ أَصْلِهِ فِي التَّحْبِيسِ، فَإِذَا وَلَدَتْ الْبَقَرَاتُ أَوْ الْإِبِلُ أَوْ الْغَنَمُ ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَمَا فَضَلَ مِنْ الذُّكُورِ عَنْ النَّزْوِ وَمَا كَبِرَ مِنْ الْإِنَاثِ وَانْقَطَعَ لَبَنُهُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ إنَاثٌ تُحْبَسُ كَأَصْلِهَا فَقَوْلُهُ وَفَضْلُ عَطْفٌ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ بِيعَ أَيْ وَبِيعَ فَضْلُ الذُّكُورِ وَمَا كَبِرَ بِكَسْرِ الْبَاءِ مِنْ الْإِنَاثِ وَقَوْلُهُ فِي إنَاثٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: وَجُعِلَ ثَمَنُهُ فِي إنَاثٍ وَمِثْلُ مَا كَبِرَ مِنْ الْإِنَاثِ مَا كَبِرَ مِنْ الذُّكُورِ مِمَّا لَا يُبَاعُ مِنْهَا لِكَوْنِهِ مُحْتَاجًا إلَيْهِ ثُمَّ طَرَأَ عَدَمُ الْحَاجَةِ لَهُ لِعَدَمِ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَلَكِنَّهُ يُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مِثْلُهُ أَوْ شِقْصُهُ لِحَاجَةِ الْإِنَاثِ لَهُ فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ وَفَضْلُ الذُّكُورِ إلَخْ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ عَقَارٍ إلَخْ قُلْت ذَكَرَهُ لِقَوْلِهِ فِي إنَاثٍ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَتَوَهَّمَ أَنَّ ثَمَنَ فَضْلِ الذُّكُورِ إنَّمَا يُجْعَلُ فِي مِثْلِهِ أَوْ شِقْصِهَا.
(ص) لَا عَقَارٌ وَإِنْ خَرِبَ (ش) عَطْفٌ عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ عَقَارٍ صَرَّحَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَفْهُومِ شَرْطٍ وَلِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ الْمُبَالَغَةَ وَالْعَطْفَ قَالَ مَالِكٌ لَا يُبَاعُ الْعَقَارُ الْحَبْسُ وَلَوْ خَرِبَ وَبَقَاءُ إحْبَاسِ السَّلَفِ دَاثِرَةً دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ.

(ص) وَنُقِضَ وَلَوْ بِغَيْرِ خَرِبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ نَقْضَ الْحَبْسِ بِمَعْنَى مَنْقُوضِهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبْدَلَ رَبْعٌ خَرِبٌ بِرَبْعٍ غَيْرِ خَرِبٍ وَفِي ابْنِ غَازِيٍّ مَا نَصُّهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِغْيَاءَ رَاجِعٌ لِلرَّبْعِ الْخَرِبِ وَالنَّقْضِ وَلَمْ أَرَاهُ مَنْصُوصًا إلَّا فِي الرَّبْعِ الْخَرِبِ انْتَهَى.
(ص) إلَّا لِتَوْسِيعٍ كَمَسْجِدٍ وَلَوْ جَبْرًا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَبْسَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَوْ صَارَ خَرِبًا إلَّا الْعَقَارَ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ مَا إذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ بِأَهْلِهِ وَاحْتَاجَ إلَى تَوْسِعَةٍ وَبِجَانِبِهِ عَقَارٌ حَبْسٌ أَوْ مِلْكٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْحَبْسِ لِأَجْلِ تَوْسِعَةِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ أَبَى صَاحِبُ الْحَبْسِ أَوْ صَاحِبُ الْمِلْكِ عَنْ بَيْعِ ذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُمْ يُجْبَرُونَ عَلَى بَيْعِ ذَلِكَ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِ الْحَبْسِ مَا يُجْعَلُ حَبْسًا كَالْأَوَّلِ وَمِثْلُ تَوْسِعَةِ الْمَسْجِدِ تَوْسِعَةُ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَمَقْبَرَتِهِمْ وَأَخَلَّ الْمُؤَلِّفُ بِتَقْيِيدِ الْمَسْجِدِ بِكَوْنِهِ لِلْجَمَاعَةِ وَظَاهِرُهُ كَانَ الْمَسْجِدُ مُتَقَدِّمًا أَوْ مُتَأَخِّرًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي مِثْلِهِ أَوْ شِقْصِهِ يُخْرِجُ ذَلِكَ) أَيْ: لِأَنَّ الشِّقْصِيَّةَ لَا تُعْقَلُ فِي الْحَصِيرِ بِحَيْثُ تَكُونُ الْحَصِيرُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ، وَأَقُولُ حَيْثُ كَانَ الْمُصَنِّفُ يُخْرِجُ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ مَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فَإِنَّهُ قَالَ بَيْعُ حُصُرِ الْمَسْجِدِ جَائِزٌ إذَا اُسْتُغْنِيَ عَنْهَا وَكَذَا أَنْقَاضُهُ وَتَصَرُّفٌ فِي مَصَالِحِهِ انْتَهَى أَيْ: وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الزَّيْتِ إذَا صَارَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي خُصُوصِ مَا وُقِفَ لَهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَلِلشُّيُوخِ خِلَافٌ فِي حُصُرِهِ الْعَتِيقَةِ هَلْ تُبَاعُ فِي مَصَالِحِهِ وَكَذَا بُسُطِهِ وَفَضَلَاتِ تَرْمِيمِهِ وَقَنَادِيلِهِ الْمَكْسُورَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَذُكِرَ فِي الْمِعْيَارِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ أَجَابَ بِقَوْلِهِ الْحُصُرُ الْبَالِيَةُ الَّتِي كَانَتْ فِي مَسْجِدٍ وَإِنْ بُلِيَتْ وَجَعَلَ النَّاسُ فِيهَا حُصُرًا جُدُدًا لَا تُبَاعُ تِلْكَ الْحُصُرُ الْبَالِيَةُ وَتَبْقَى مَرْمُومَةً حَتَّى يَفْتَقِرَ لَهَا الْمَسْجِدُ فِيمَا بَعْدُ هَذَا وَجْهُ الْفِقْهِ وَإِنْ نُقِلَتْ لِمَسْجِدٍ آخَرَ دُونَ بَيْعٍ مَعَ غِنَى هَذَا الْمَسْجِدِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ مَعَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ فَيَجُوزُ عَلَى قَوْلٍ أَفْتَى بِهِ بَعْضُ مَنْ تَقَدَّمَنَا مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ عِلْمًا وَعَمَلًا فَمَنْ عَمِلَ بِهِ صَحَّ عَمَلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى انْتَهَى فَظَهَرَ مِمَّا قُلْنَاهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ.

(قَوْلُهُ وَمَا كَبِرَ مِنْ الْإِنَاثِ) أَيْ وَلَوْ فِي الْغَنَمِ فَإِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ فِيهَا مَنْفَعَةُ الصُّوفِ لَكِنَّهَا قَلِيلَةٌ فَتُبَاعُ وَيُعَوَّضُ بِهَا صَغِيرَةٌ فِيهَا اللَّبَنُ (قَوْلُهُ لَا عَقَارٌ إلَخْ) الْأَحْسَنُ عَطْفُهُ بِالرَّفْعِ عَلَى قَوْلِهِ وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَإِنَّهُ إنْ عُطِفَ بِالْجَرِّ عَلَى قَوْلِهِ غَيْرِهِ كَانَ مُخْتَصًّا بِمَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ وَإِنْ خَرِبَ وَرُدَّ بِقَوْلِهِ وَإِنْ خَرِبَ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِجَوَازِهِ وَكَذَا رِوَايَةُ أَبِي الْفَرَجِ عَنْ مَالِكٍ إنْ رَأَى الْإِمَامُ بَيْعَ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةٍ جَازَ وَيُجْعَلُ فِي مِثْلِهِ.

وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ خَرْبٍ مُقَابِلُهُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ رُشْدٍ بِجَوَازِهِ بِشُرُوطٍ رَاجِعْ الْبَدْرَ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ لَا عَقَارٌ مَعَ اسْتِفَادَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ غَيْرِ عَقَارٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَفْهُومِ شَرْطٍ وَلِيُرَتَّبَ عَلَيْهِ الْمُبَالَغَةُ (قَوْلُهُ إلَّا لِتَوْسِيعٍ كَمَسْجِدٍ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْجَامِعِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْجُمُعَةِ وَيُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ بَعْدَ بِنَائِهِ ثُمَّ يُرَادُ تَوْسِيعُهُ، وَأَمَّا لَوْ أُرِيدَ بِنَاءُ الْمَسْجِدِ أَوْ لَا فَلَا يُبَاعُ وَقْفٌ وَلَا مِلْكٌ لِأَجْلِ تَوْسِعَتِهِ اهـ. الْبَدْرُ (قَوْلًا وَجَبْرًا) مُبَالَغَةٌ فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْجَوَازِ الشَّامِلِ لِلْوُجُوبِ إذْ هُوَ بِمَعْنَى الْمَأْذُونِ فِيهِ (قَوْلُهُ تَوْسِعَةُ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ) فِي عج وَتَبِعَهُ عب وَسَكَتَ عَنْ تَوْسِيعِ بَعْضِ الثَّلَاثَةِ مِنْ بَعْضٍ وَهُوَ وَسِتُّ صُوَرٍ وَيُؤْخَذُ الْجَوَازُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاتَّبَعَ شَرْطَهُ إنْ جَازَ أَنَّ مَا كَانَ لِلَّهِ فَلَا بَأْسَ فِيهِ أَنْ يُسْتَعَانَ بِبَعْضِهِ فِي بَعْضٍ انْتَهَى إلَّا أَنَّ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ التَّنْصِيصَ بِأَنَّهُ لَا يُهْدَمُ الْمَسْجِدُ لِتَوْسِيعِ الطَّرِيقِ بِخِلَافِ الدَّفْنِ فِيهِ لِضِيقِ الْمَقْبَرَةِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ بَاقٍ بِحَالِهِ (قَوْلُهُ بِكَوْنِهِ لِلْجَمَاعَةِ) تَبِعَ عج فِيهِ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ مَسْجِدٍ لِصَلَاةِ الْمُنْفَرِدِينَ هَذَا وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ وَالْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ وَابْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ

الصفحة 95