كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ كَمَسْجِدٍ مِنْ الْمِيضَأَةِ (ص) وَأُمِرُوا بِجَعْلِ ثَمَنِهِ لِغَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَقَارَ الْحَبْسَ إذَا بِيعَ لِأَجْلِ تَوْسِعَةِ مَسْجِدٍ أَوْ طَرِيقٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ كَمَا مَرَّ فَإِنَّ ثَمَنَهُ يُشْتَرَى بِهِ عَقَارٌ مِثْلُهُ يُجْعَلُ حَبْسًا مَكَانَهُ وَهَلْ يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى الْبَدَلِ أَوْ لَا يُجْبَرُ فِيهِ خِلَافٌ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْجَبْرِ عَلَى جَعْلِ الثَّمَنِ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ لَهُمْ الْبَيْعُ اخْتَلَّ حُكْمُ الْوَقْفِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ فَقَوْلُهُ وَأُمِرُوا أَيْ: الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ.

(ص) وَمَنْ هَدَمَ وَقْفًا فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَعَدَّى عَلَى حَبْسٍ وَهَدَمَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْهَدْمِ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ كَبَيْعِهِ لَكِنْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ أَخْذِ الْقِيمَةِ فِي الشَّيْءِ جَوَازُ بَيْعِهِ كَكَلْبِ الصَّيْدِ وَجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَالْمَذْهَبُ هُنَا لُزُومُ الْقِيمَةِ فِي الْوَقْفِ إذَا أُتْلِفَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْهَدْمِ الْقِيمَةُ مِلْكًا أَوْ وَقْفًا مُطْلَقًا انْتَهَى أَيْ: عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ وَبِعِبَارَةٍ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُتْلَفَاتِ فَيَقُومُ قَائِمًا وَمَهْدُومًا وَيُؤْخَذُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَالنَّقْضُ بَاقٍ عَلَى الْوَقْفِيَّةِ.

(ص) وَتَنَاوَلَ الذُّرِّيَّةُ وَوَلَدِي فُلَانٌ وَفُلَانَةُ أَوْ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ وَأَوْلَادُهُمْ الْحَافِدَ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ أَلْفَاظِ الْوَاقِفِ بِاعْتِبَارِ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا قَالَ هَذَا وَقْفٌ عَلَى ذُرِّيَّتِي أَوْ عَلَى وَلَدِي فُلَانٍ وَفُلَانَةَ وَأَوْلَادِهِمْ أَوْ عَلَى أَوْلَادِي الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ وَلَدَ الْبِنْتِ فَقَوْلُهُ الذُّرِّيَّةُ فَاعِلُ يَتَنَاوَلُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَتَنَاوَلَ لَفْظُ الذُّرِّيَّةِ إلَخْ وَمَا بَعْدَهُ كُلُّهُ مَرْفُوعٌ بِالْعَطْفِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ إلَّا مَا كَانَ مَجْرُورًا مِنْ قَوْلِهِ وَبَنِي بَنِيَّ وَمِنْ قَوْلِهِ وَبَنِي أَبِي إلَخْ فَهُوَ عَلَى حِكَايَةِ لَفْظِ الْوَاقِفِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ هُوَ وَقْفٌ عَلَى بَنِي بَنِيَّ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَوَلَدِي فُلَانٌ وَفُلَانَةُ أَيْ: وَأَوْلَادُهُمَا وَهَذَا هُوَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ وَقَوْلُهُ وَأَوْلَادُهُمْ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ مُقَدَّرٌ فِي الثَّانِيَةِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ فِي الثَّالِثَةِ انْتَهَى، وَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي تَنَاوُلِ الْحَافِدِ، وَأَمَّا فِي الذُّرِّيَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِذِكْرِ الذُّرِّيَّةِ وَقَوْلُهُ الْحَافِدَ هُوَ وَلَدُ الْبِنْتِ وَإِنْ سَفَلَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى.
(ص) لَا نَسْلِي وَعَقِبِي وَوَلَدِي وَوَلَدُ وَلَدِي وَأَوْلَادِي وَأَوْلَادُ أَوْلَادِي وَبَنِي وَبَنِي بَنِيَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَافِدَ وَهُوَ وَلَدُ الْبِنْتِ لَا يَدْخُلُ فِي لَفْظٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الثَّمَانِيَةِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الذُّرِّيَّةِ وَبِعِبَارَةِ وَأَوْلَادِي وَأَوْلَادُ أَوْلَادِي الْأُولَى حَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا جُمِعَ فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي صُورَةِ الْجَمْعِ قَوِيٌّ وَمِنْهُ يُعْلَمُ حُكْمُ مَا إذَا أُفْرِدَ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا لَوْ حُمِلَ عَلَى الْإِفْرَادِ كَانَ ضَائِعَ الْفَائِدَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَجُوزُ فِي مَسَاجِدِ الْجَوَامِعِ لَا فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ؛ إذْ لَيْسَتْ الضَّرُورَةُ فِيهَا كَالْجَوَامِعِ انْتَهَى وَصَوَّبَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مُعْرِضًا عَنْ كَلَامِ عج (قَوْلُهُ مِنْ الْمِيضَأَةِ) أَيْ: فَلَا يُبَاعُ حَبْسٌ لِتَوْسِعَتِهَا قَالَ عج وَالْفَرْقُ أَنَّ إقَامَةَ الْجَمَاعَةِ فِيهِ سُنَّةٌ يُقَاتَلُ عَلَى تَرْكِهَا عَلَى الْأَظْهَرِ أَوْ وَاجِبَةٌ وَالْوُضُوءُ مِنْ الْمِيضَأَةِ لَا فَضْلَ فِيهِ انْتَهَى وَقَالَ الرَّمَّاحُ لَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الْأَرْضِ عَلَى بَيْعِ أَرْضِهِ لِيُزَادَ فِي الْمِيضَأَةِ انْتَهَى بَلْ الْوُضُوءُ فِي الْبَيْتِ أَفْضَلُ.
(فَرْعٌ) لِلنَّاظِرِ هَدْمُ مِيضَأَتِهِ وَجَعْلُهُ بُيُوتًا مَكَانَهَا لِمَصْلَحَةٍ (قَوْلُهُ وَأُمِرُوا) أَيْ: الْمُحْبَسُ عَلَيْهِمْ وُجُوبًا.

. (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَعَدَّى) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا حَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى التَّعَدِّي أَيْ، وَأَمَّا إذَا هَدَمَهُ خَطَأً فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَوْ يُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ وَإِذَا هَدَمَهُ يَظُنُّهُ غَيْرَ وَقْفٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَقْفٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ أَيْضًا قَالَهُ عج ثُمَّ وَجَدْت عِنْدِي مَا نَصُّهُ فَالْمَذْهَبُ هُنَا لُزُومُ الْقِيمَةِ أَيْ: قِيمَتِهِ بِتَمَامِهِ إنْ فُوِّتَ النَّقْضُ أَوْ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ إنْ لَمْ يُفَوَّتْ النَّقْضُ وَقَرَّرَهُ عَجَّ فَقَالَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا هَدَمَ وَقْفًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ أَيْ: قِيمَةُ مَا نَقَصَ وَيَأْخُذُ رَبُّهُ النَّقْضَ وَمَا نَقَصَ وَإِنْ تَصَرَّفَ الْهَادِمُ فِي الْأَنْقَاضِ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْبِنَاءِ قَائِمًا (قَوْلُهُ فَالْمَذْهَبُ إلَخْ) أَيْ: وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُتَعَدِّي وَاقِفَهُ أَوْ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ مُعَارَضٌ بِنَقْلِ النَّوَادِرِ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ وَجَمَعَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ إنْ كَانَتْ الْأَنْقَاضُ بَاقِيَةً وَقِيمَتُهُ إنْ أَزَالَ الْهَادِمُ أَنْقَاضَهُ بِحَرْقٍ وَنَحْوِهِ وَعَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ لَوْ أَعَادَهُ عَلَى غَيْرِ صِفَتِهِ حُمِلَ عَلَى التَّبَرُّعِ إنْ زَادَهُ فَإِنْ نَقَضَهُ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ كَمَا كَانَ أَوْ يُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَةُ النَّقْضِ تَرَدَّدَ فِيهِ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ الْقِيمَةُ مِلْكًا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَلَى كُلِّ حَالٍ لُزُومُ الْقِيمَةِ لِمَنْ هَدَمَ الْمِلْكَ، وَأَمَّا الْوَقْفُ فَفِيهِ مَا عَلِمْت.
(قَوْلُهُ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ قَوْلِهِ أَوْ غَيْرَهُ؛ إذْ الْهَدْمُ لَا يَكُونُ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ) كَمَا إذَا قَوَّمَ قَائِمًا بِعَشَرَةٍ وَمَهْدُومًا بِسِتَّةٍ فَمَا بَيْنَهُمَا أَرْبَعَةٌ فَيُعْطَاهَا وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ كُلَّ عِبَارَةٍ يُقَالُ فِيهَا مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ الذُّرِّيَّةُ) بِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا مِنْ ذَرَأَ اللَّهُ الْخَلْقَ أَيْ: خَلَقَهُمْ.
(قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ: لَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا أَلْفَاظًا تَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْوَقْفِ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ وَأَوْلَادُهُمْ) مُقَدَّرٌ فِي الثَّانِيَةِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ فِي الثَّالِثَةِ، وَأَمَّا فِي الذُّرِّيَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِذِكْرِ الذُّرِّيَّةِ وَلَمْ يَقُلْ وَأَوْلَادُهُمَا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ لِتَأْوِيلِهِ بِمَنْ ذُكِرَ (قَوْلُهُ وَوَلَدِي إلَخْ) يُدْخِلُ وَلَدَهُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَأَوْلَادَ وَلَدِهِ الذَّكَرِ وَلَا يُدْخِلُ أَوْلَادَ وَلَدِهِ الْأُنْثَى وَحَيْثُ يَأْتِي بِالْوَاوِ وَيُدْخِلُ وَلَدَ وَلَدِهِ مَعَ وَلَدِهِ وَيُسَوِّي بَيْنَهُمْ فِي الْقَسْمِ (قَوْلُهُ هُوَ وَلَدُ الْبِنْتِ) هَذَا تَخْصِيصٌ لِلَّفْظِ بِبَعْضِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ لُغَةً إذْ هُوَ يُطْلَقُ لُغَةً عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَإِنْ سَفَلَ) الْمُتَبَادَرُ بِنْتُ الْوَاقِفِ وَأَنَّ الْمَعْنَى وَإِنْ سَفَلَ أَيْ الْوَلَدُ بِأَنْ كَانَ وَلَدَ وَلَدِ بِنْتِ الْوَاقِفِ وَهَكَذَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِالْبِنْتِ مَا يَشْمَلُ بِنْتَ الْوَاقِفِ وَبِنْتَ ابْنِ الْوَاقِفِ وَهَذَا الِاحْتِمَالُ أَفْيَدُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَبَادَرٍ (قَوْلُهُ وَعَقِبِي) لَا يَخْفَى أَنَّهُ جَرَى الْعَمَلُ بِدُخُولِهِ فِيهِ إلَى آخِرِ طَبَقَةٍ وَمَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ يُقَدَّمُ؛ لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْوَاقِفِينَ تَجْرِي عَلَى الْعُرْفِ

الصفحة 96