كتاب شرح مختصر خليل للخرشي (اسم الجزء: 7)

الزِّيَادَةَ فَهُوَ أَحَقُّ وَمَا لَمْ يَزِدْ الْآخَرُ فَيَتَزَايَدَانِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ حِينَئِذٍ انْحَلَّ وَإِثْبَاتُ كَوْنِ كِرَاءِ الْأَوَّلِ فِيهِ غَبْنٌ عَلَى الثَّانِي حَيْثُ وَقَعَ الْعَقْدُ أَوَّلًا بِالنِّدَاءِ وَالِاسْتِقْصَاءِ وَعَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ غَبْنٌ حَيْثُ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ مُنَادَاةٍ عَلَيْهِ وَنَحْوِهِ فَيَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ وَبِعِبَارَةٍ وَإِنْ وَقَعَ كِرَاءُ الْوَقْفِ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَزَادَ آخَرُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ لِلزِّيَادَةِ فَإِنْ طَلَبَ مَنْ زِيدَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْقَى بِيَدِهِ وَيَدْفَعَ الزِّيَادَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَنْ زَادَ حَيْثُ لَمْ تَبْلُغْ زِيَادَةُ مَنْ زَادَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَإِنْ بَلَغَتْهَا فَلَا يُلْتَفَتُ لِزِيَادَةِ مَنْ زَادَ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُعْتَدَّةِ فَإِنَّهَا إذَا كَانَتْ بِمَحَلِّ وَقْفٍ وَقَعَتْ إجَارَتُهُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ثُمَّ زَادَ عَلَيْهَا شَخْصٌ وَطَلَبَتْ الْبَقَاءَ بِالزِّيَادَةِ فَإِنَّهَا تُجَابُ إلَى ذَلِكَ.

(ص) وَلَا يُقْسَمُ إلَّا مَاضٍ زَمَنُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَبْسَ إذَا كَانَ عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ وَأَوْلَادِهِمْ فَإِنَّ النَّاظِرَ عَلَيْهِ لَا يَقْسِمُ مِنْ غَلَّتِهِ إلَّا مَا مَضَى زَمَنُهَا وَوَجَبَتْ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ عَنْ مَنَافِعَ مُسْتَقْبَلَةٍ كَسُكْنَى أَوْ زِرَاعَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ ذَلِكَ قَبْلَ وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إحْرَامِ الْمَوْلُودِ وَالْغَائِبِ وَإِعْطَاءِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ إذَا مَاتَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْحَبْسُ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ كَالْفُقَرَاءِ وَالْغُزَاةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ عَلَى الْوَقْفِ أَنْ يُكْرِيَهُ بِالنَّقْدِ وَيُقْسِمَ غَلَّتَهُ عَلَى أَهْلِهَا لِلْأَمْنِ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ إلَّا مَاضٍ زَمَنُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ أَيْ: وَلَا يُقْسَمُ غَلَّةُ زَمَنٍ مِنْ الْأَزْمِنَةِ إلَّا غَلَّةَ زَمَنٍ مَاضٍ فَحُذِفَ الْمُضَافُ مِنْ الْأَوَّلِ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ فَصَارَ وَلَا يُقْسَمُ زَمَنٌ إلَّا غَلَّةَ زَمَنٍ مَاضٍ فَحُذِفَ الْمُضَافُ مِنْ الثَّانِي وَأُخِّرَ الْمُضَافُ إلَيْهِ وَأُقِيمَتْ صِفَتُهُ مَقَامَهُ فَصَارَ مَاضٍ زَمَنُهُ وَزَمَنُهُ مَرْفُوعٌ بِمَاضٍ.

(ص) وَأَكْرَى نَاظِرُهُ إنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ كَالسَّنَتَيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَقْفَ إذَا كَانَ عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ وَأَوْلَادِهِمْ فَإِنَّ النَّاظِرَ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يُفْسَخُ إلَّا اللَّازِمُ، وَأَمَّا بِدُونِ نَقْدٍ فَلَهُ الْفَسْخُ وَلَوْ كَانَ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَمَا لَمْ يَزِدْ الْآخَرُ فَيَتَزَايَدَانِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَأْجِرُ يَدْفَعُ الزِّيَادَةَ فَهُوَ أَحَقُّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ يَقُولَ وَمَا لَمْ يَزِدْ الْآخَرُ وَيَرْضَى بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَمَا لَمْ يَزِدْ الْآخَرُ أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَأْجِرُ يَزِيدُ.
(قَوْلُهُ حَيْثُ وَقَعَ الْعَقْدُ أَوْ وَبِالنِّدَاءِ) أَيْ: فَصَارَ الْأَصْلُ عَدَمَ الْغَبْنِ (قَوْلُهُ حَيْثُ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ نِدَاءٍ) أَيْ: فَصَارَ الْأَصْلُ الْغَبْنَ (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذِهِ عِبَارَةُ عج وَالْأُولَى لِلْجِيزِيِّ (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ) بِذَلِكَ وَقَعَتْ الْمُغَايَرَةُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ فَإِنْ بَلَغَتْهَا فَلَا يُلْتَفَتُ لِزِيَادَةِ مَنْ زَادَ) أَيْ: فَالْحَقُّ لِهَذَا الَّذِي زَادَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَلَا عِبْرَةَ بِزِيَادَةِ السَّاكِنِ وَلَوْ زَادَ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا صَدَرَتْ إجَارَتُهُ أَوَّلًا بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَبَلَغَ شَخْصٌ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فُسِخَتْ إجَارَةُ الْأَوَّلِ وَلَوْ الْتَزَمَ تِلْكَ الزِّيَادَةَ الَّتِي هِيَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِوَضْعِ يَدِهِ وَلَوْ زَادَهُ عَلَى مَنْ بَلَغَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ هَذَا مَعْنَاهُ عَلَى فَهْمِ عب عِبَارَةَ عج وَلَا يَخْفَى بَعْدَهُ؛ إذْ يُقَالُ كَيْفَ يَكُونُ الطَّارِئُ الزَّائِدُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ أَحَقَّ بِمُجَرَّدِ الزِّيَادَةِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ عَقْدُ إيجَارٍ مَعَ النَّاظِرِ أَقُولُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُحْمَلَ عِبَارَةُ عج الْمَذْكُورَةُ عَلَى خِلَافِ مَا فَهِمَ عب أَنَّ الْمَعْنَى، فَإِذَا بَلَغَتْهَا أَيْ: وَالْتَزَمَ السَّاكِنُ الزِّيَادَةَ كَانَ أَحَقَّ وَلَا يُلْتَفَتُ لِزِيَادَةِ مَنْ زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَقُول حَيْثُ إنَّ الْوَاقِفَ لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا فَيُقَلْ فَإِنْ زَادَ الْغَيْرُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَالْتَزَمَهَا السَّاكِنُ كَانَ أَحَقَّ لِوُقُوعِ عَقْدٍ عُقِدَ مَعَهُ فِي الْجُمْلَةِ مَا لَمْ يَزِدْ الْآخَرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا كَانَ أَحَقَّ لِوُقُوعِ الْخَلَلِ فِي الْعَقْدِ مَا لَمْ يَلْتَزِمْ السَّاكِنُ تِلْكَ الزِّيَادَةَ أَيْ لِمَا قُلْنَا فَهَذَا الَّذِي يَظْهَرُ؛ إذْ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الطَّرِيقَتَيْنِ فِي الْجُمْلَةِ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت عِنْدِي مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَلَا يُفْسَخُ أَيْ: إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ، وَأَمَّا لَوْ أَعْطَاهُ إنْسَانٌ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَأَعْطَى غَيْرُهُ أَكْثَرَ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ تُقْبَلُ بِلَا شَكٍّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ عَقْدٌ فَتَأَمَّلْ انْتَهَى فَهَذَا الْكَلَامُ مِمَّا يُقَوِّي الْبَحْثَ الْمَذْكُورَ مَعَ عب (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تُجَابُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ وَلَوْ لَمْ تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا قَبْلُ إلَخْ قَالَ عج بَعْدَ عِبَارَتِهِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا وَانْظُرْ وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا تَفِي بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَتَزِيدُ عَلَيْهَا وَطَلَبَتْ الْبَقَاءَ بِقَدْرِ مَا يَفِي بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَهَلْ تُجَابُ إلَى ذَلِكَ أَوْ لَا تُجَابُ إلَى ذَلِكَ إلَّا إذَا رَضِيَتْ الْبَقَاءَ بِكُلِّ الزِّيَادَةِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ.

(تَنْبِيهٌ) إذَا أَكْرَى النَّاظِرُ بِغَيْرِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ضَمِنَ تَمَامَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ مَلِيئًا وَإِلَّا رَجَعَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ وَكُلُّ مَنْ رُجِعَ عَلَيْهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ هَذَا مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُسْتَأْجِرُ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ غَيْرُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنْ كَانَ كُلًّا مِنْهُمَا ضَامِنٌ فَيُبْدَأُ بِهِ انْتَهَى وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهُ بِالنَّقْدِ) أَيْ أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ وَنَحْوَهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ نَائِبِ الْفَاعِلِ) أَيْ: بِحَسْبِ التَّقْدِيرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ هُوَ نَائِبُ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ وَأُقِيمَتْ الصِّفَةُ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ حُذِفَ نَائِبُ الْفَاعِلِ فَصَارَ وَلَا يُقْسَمُ إلَّا مَاضٍ زَمَنُهُ كَمَا نَطَقَ بِهِ الْمُصَنِّفُ.

(قَوْلُهُ كَالسَّنَتَيْنِ) كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ إسْقَاطُ الْكَافِ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ يَجُوزُ كِرَاءُ مَنْ حُبِسَ عَلَيْهِ رِيعٌ مِنْ الْأَعْيَانِ أَوْ الْأَعْقَابِ لِعَامَيْنِ لَا أَكْثَرَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِهِ الْقَضَاءُ كَمَا أَفَادَهُ الْمَوَّاقُ، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَنَحْوِهِمَا أَيْ: عَلَى أَنَّ الْكَافَ لِلْإِدْخَالِ أَيْ: إدْخَالِ سَنَةٍ فَقَطْ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُنَاسِبَ حَذْفُهَا فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا ثُمَّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَالسَّنَتَيْنِ ظَاهِرُهُ بِالنَّقْدِ أَوْ بِغَيْرِهِ لَكِنْ بِغَيْرِهِ بِاتِّفَاقٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ قَرِيبٌ وَمَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهُ بِنَقْدٍ وَلَا غَيْرِهِ لَكِنْ بِهِ بِاتِّفَاقٍ وَبِغَيْرِهِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ بَعِيدٌ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ رُشْدٍ إلَّا أَنَّ قَضِيَّةَ الْمُصَنِّفِ تَرْجِيحُ ذَلِكَ الْقَوْلِ

الصفحة 99