كتاب روضة الطالبين- الكتب العلمية (اسم الجزء: 7)

صاحب الحاوي: لا تخف، لا تفزع. كناية. والكناية، كقوله: أنت على ما تحب، أو كن كيف شئت، وتنعقد بالكتابة والرسالة، سواء كان الرسول مسلما أو كافرا، وبالاشارة المفهمة من قادر على العبارة. وبناء الباب على التوسعة. فأما الكافر المؤمن فلا بد من علمه وبلوغ خبر الامان إليه، فإن لم يبلغه، فلا أمان، فلو بدر مسلم فقتله، جاز وإذا خاطبه بالامان، أو بلغه الخبر، فرده، بطل، وإن قبل، أو كان قد استجار من قبل، تم الامان، ولا يشترط قبوله لفظا، بل تكفي الاشارة والامارة المشعرة بالقبول، فإن كان في القتال، فينبغي أن يترك القتال، فلو سكت، فلم يقبل ولم يرد، قال الامام: فيه تردد، والظاهر: اشتراط قبوله، وبه قطع الغزالي، واكتفى البغوي بالسكوت، ولو قال الكافر: قبلت أمانك، ولست أؤمنك فخذ حذرك، قال الامام: هو رد للامان، لان الامان لا يثبت في أحد الطرفين دون الآخر، ويصح تعليق الامان بالاعذار، ولو أشار مسلم إلى كافر في القتال، فانحاز إلى صف المسلمين، وتفاهما الامان، فهو أمان، وإن قال الكافر: ظننت أنه يؤمنني، وقال المسلم: لم أرده، فالقول قول المسلم ولا أمان، ولكن لا يغتال، بل يلحق بمأمنه، وكذا لو دخل بأمان صبي أو مجنون أو مكره، وقال: ظننت صحته، أو ظننته بالغا، أو عاقلا، أو مختارا، ولو قال: علمت أنه لم يرد الامان، فقد دخل بلا أمان، وكذا لو قال: علمت أنه كان صبيا وأنه لا أمان للصبي، ولو مات المسلم المشير قبل البيان، فلا أمان ولا اغتيال.
فرع ما ذكرناه من اعتبار صيغة الأمان هو فيما إذا دخل الكافر بلادنا بلا سبب، فلو دخل رسولا، فقد سبق أن الرسول لا يتعرض له، ولو دخل ليسمع الذكر، وينقاد للحق إذا ظهر له، فكذلك، وقصد التجارة لا يفيد الامان، ولكن لو رأى الامام مصلحة في دخول التجار، فقال: من دخل تاجرا، فهو آمن، جاز، ومثل هذا الامان لا يصح من الآحاد، ولو قال: ظننت أن قصد التجارة يفيد الامان، فلا أثر لظنه ويغتال إذ لا مستند له، ولو سمع مسلما يقول: من دخل تاجرا، فهو آمن، فدخل وقال: ظننت صحته، فالاصح أنه لا يغتال. الرابعة: شرط الامان أن لا يزيد على أربعة أشهر، وفي قول: يجوز ما لم يبلغ سنة، فلو زاد على الجائز، بطل الزائد، ولا يبطل في الباقي على الاصح

الصفحة 473