الامام: وهذه زلة، ولم أر ما قاله لاحد من الاصحاب، والصواب أنه يعزر، ولا يكفر، ولا يقتل، وما روي أن رجلا أتى قوما، وزعم أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأكرموه، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بقتله، محمول على أن الرجل كان كافرا، ومن قذف النبي - صلى الله عليه وسلم - وصرح بنسبته إلى الزنى، فهو كافر باتفاق الاصحاب، فإن عاد إلى الاسلام فثلاثة أوجه، أحدها: قال الاستاذ أبو إسحق: لا شئ عليه، لانه مرتد أسلم، والثاني قال أبو بكر الفارسي يقتل حدا، لانه حد قذف، فلا يسقط بالتوبة، والثالث قال الصيدلاني: يجلد ثمانين جلدة، ثم في كلام الامام والغزالي أنا إذا قلنا: يقبت حد القذف، فعفا أحد بني أعمامه، فينبغي أن يسقط، أو يقول: هم لا ينحصرون، فهو كقذف ميت ليس له ورثة خاصون، ولا يبعد تخريج وجوب الحد على القولين في وجوب القصاص بقتل مثل هذا الشخص، وقد يقال: كل واحد من بني الاعمام غير وارث، بل الارث للاقرب، ولا يكاد يعرف الاقرب ممن في الدنيا، ويقع النظر في أن عفو بعض الورثة هل يؤثر ؟ ووراءه نظر آخر، وهو حد قذفه هل يورث ؟ فيجوز أن يقال: لا يورث، كما لا يورث المال، أما إذا لم يقذف صريحا، لكن عرض، فقال الامام: الذي أراه أنه كالسب الصريح في اقتضاء الكفر لما فيه من الاستهانة. قلت: هذا الذي قاله الامام متعين، وقد قاله آخرون، ولا نعلم فيه خلافا. والله أعلم. ولو قذف نبيا غير نبينا، فهو كقذف نبينا - صلى الله عليه وسلم -.
فصل في مسائل تتعلق بالباب يؤخذ على أهل الذمة أن يخفوا دفن موتاهم، ولا يخرجوا جنائزهم ظاهرا، ولا يظهروا على موتاهم لطما ولا نوحا، ولا يسقوا المسلمين خمرا، ولا يطعموهم خنزيرا، وإذا شرط ذلك عليهم فعرض بعضهم خمرا على مسلم، فشربها اختيارا، حد المسلم وعزر الذمي، وكذا لو ابتدأ المسلم بطلبها فأجابه، لكن تعزيره هنا أخف، وأن لا يعلوا أصواتهم على