كتاب روضة الطالبين- الكتب العلمية (اسم الجزء: 7)
عدم الخسق، قال الشيخ أبو حامد: هذا إذا لم نجعل الثبوت في الهدف كالثبوت في الغرض، فإن جعلناه، فلا معنى لهذا الاختلاف. المسألة الثالثة: إذا تناضلا مبادرة، وشرطا المال لمن سبق إلى إصابة عشرة من مائة مثلا، فسبق أحدهما إلى الاصابة المشروطة قبل كمال عدد الارشاق، بأن رمى كل واحد منهما خمسين، وأصاب أحدهما منها عشرة والآخر دونها، فالاول ناضل وقد استحق المال، وهل يلزمه إتمام العمل ؟ فيه طريقان، المذهب وبه قطع الجمهور: لا يلزم، لانه تم العمل الذي تعلق به الاستحقاق، فلا يلزمه عمل آخر، والثاني: فيه وجهان حكاهما الامام والغزالي، ثانيهما: يلزمه لينتفع صاحبه بمشاهدة رميه ويتعلم منه، ولو تناضلا محاطة وشرطا المال لمن خلص له عشرة من مائة، فرمى كل واحد خمسين، وأصاب أحدهما في خمسة عشر، والآخر في خمسة، فقد خلص للاول عشرة هل يستحق بها المال، أم يتوقف الاستحقاق على استكمال الارشاق ؟ وجهان، أحدهما: يستحق بها كالمبادرة، والثاني وهو الصحيح: لا يستحق، لان الاستحقاق منوط بخلوص عشرة من مائة، وقد يصيب الآخر فيما بقي ما يمنع خلوص عشرة للاول بخلاف المبادرة، فإن الاصابة بعدها لا ترفع ابتدار الاول إلى ذلك العدد، فإن قلنا بهذا، وجب إتمام الارشاق، وإن قلنا بالاول وأنه لا حط بعد خلوص العدد المشروط، فهل للآخر أن يكلفه إتمام العمل ؟ فيه الطريقان في المبادرة، ويجري الخلاف في كل صورة يتوقع الآخر منع الاول من خلوص المشروط أو نصله، كما إذا شرطا خلوص خمسة من عشرين، فرمى كل واحد خمسة عشر، وأصاب أحدهما عشرة والآخر ثلاثة، لانهما إذا استكملا الارشاق، فقد يصيب الآخر في الخمسة الباقية، ولا يصيب الاول في شئ منها، فلا يخلص له عشرة، فلو كانت الصورة بحالها، وأصاب الاول في عشرة من خمسة عشر، ولم يصب الآخر في شئ منها، فلا يرجو الآخر منع الاول من الخلوص، فيثبت له استحقاق المال في الحال قطعا، قال البغوي وغيره: ولا يلزمه إتمام الارشاق، ولا يشك أنه يجئ فيه الخلاف المذكور في المبادرة، ولو رمى أحدهما والشرط المبادرة في المثال المذكور خمسين، وأصاب عشرة، ورمى الآخر تسعة وأربعين، وأصاب تسعة، فالاول ليس بناضل، بل يرمي الآخر سهما آخر فإن إأصاب، فقد تساويا وإلا فقد ثبت الاستحقاق للاول، ولو أصاب الاول من خمسين
الصفحة 554
576