كتاب موسوعة أحكام الطهارة - الدبيان - ط 3 (اسم الجزء: 8)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
= وتابع حماد بن زيد حماد بن سلمة كما في المحلى لابن حزم (مسألة: ١١٩).
فرواه من طريق محمد بن الجارود بن القطان، عن عفان، عن حماد بن زيد، عن قتادة به.
وإسناد ابن حزم بقوله: (حماد بن زيد) خطأ قطعًا، لما يلي:
أولًا: أن الإمام أحمد رواه في مسنده (٦/ ١٥٠) عن أبي كامل وعفان كلاهما، عن حماد، عن قتادة.
والمقصود به حماد بن سلمة؛ لأنه قرنه بأبي كامل، وأبو كامل ليست له رواية عن حماد بن زيد، ولا يروى إلا عن حماد بن سلمة، وهذا من أوضح الأدلة أن عفان في رواية أحمد يروي عن حماد ابن سلمة.
ثانيًا: أن المزي في تهذيب الكمال (٧/ ٢٦٩) قال: «قد اشترك في الرواية عن الحمادين جماعة، وانفرد بالرواية عن كل واحد منهما جماعة، إلا أن عفان لا يروي عن حماد بن زيد إلا وينسبه في روايته عنه، وقد يروي عن حماد بن سلمة فلا ينسبه .... ». إلخ كلامه رحمه الله.
فهنا المزي رحمه الله، وقد عرف بالتتبع، يقول: إن عفان لا يروي عن حماد بن زيد إلا وينسبه، فلما لم ينسبه في رواية أحمد عن عفان عن حماد، علمنا أنه حماد بن سلمة.
وجه ثالث: أن عفان لو رواه عن حماد بن زيد لذكره أصحابه، وأشار إليها العلماء المتقدمون، فكونها لا تأتي إلا في هذا الإسناد النازل، دليل على عدم ثبوتها.
رابعًا: أن حماد بن زيد قد روى الحديث، وروايته مشهورة من غير هذا الطريق، فقد رواه
أبو داود (٦٤٢) قال: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، أن عائشة رضي الله عنها نزلت على صفية أم طلحة الطلحات، فرأت بنات لها فقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل، وفي حجرتي جارية، فألقى إليها حقوه، وقال لي: شقيه بشقتين، فأعطي هذه نصفًا، والفتاة التي عند أم سلمة نصفًا، فإني لا أراهما إلا وقد حاضتا.
وهذا إسناد منقطع؛ ابن سيرين لم يسمع من عائشة.
وجاءت لهذا الطريق متابعة من هشام بن حسان:
فرواه ابن أبي شيبة (٦٢١٤)، قال: حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن محمد، أن عائشة قالت: وذكر القدر المرفوع من الحديث.
فهنا أيوب، وهشام بن حسان يخالفان قتادة، فيرويانه عن ابن سيرين، عن عائشة منقطعًا.
بينما حماد بن سلمة، رواه عن قتادة، عن ابن سيرين، عن صفية بنت الحارث، عن عائشة متصلًا، ولا أراه إلا من حماد بن سلمة، ورواية هشام وأيوب عن ابن سيرين أرجح، لما يلي:
أولًا: أن هشام بن حسان من أثبت الناس في ابن سيرين، وقد تابعه ثقة (أيوب).
ثانيًا: أن حماد بن سلمة قد تغير حفظه، ولذلك قال البيهقي كما في التهذيب: «هو من أئمة المسلمين، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، فلذا تركه البخاري -يعني: في الاحتجاج- وأما مسلم فاجتهد، فأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره، وما سوى حديثه عن ثابت لا =

الصفحة 31