كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 102 """"""
بيوتهم عن نجف أبوابهم . وقال ابن زيد : كانوا يقتلعون العمد ، وينقضون السقوف وينقبون الجدران ويقلعون الخشب ، حتى الأوتاد ، يخربونها لئلا يسكنها المسلمون حسدا منهم وبغضا . وقال ابن عباس : كلما ظهر المسلمون على دار من دورهم هدموها لتتسع لهم المقاتل ، وجعل أعداء الله ينقبون دورهم من أدبارهم فيخرجون إلى التى بعدها ، فيتحصنون فيها ويكسرون ما يليهم منها ، ويرمون بالتى خرجوا منها أصحاب رسول الله ، ( صلى الله عليه وسلم ) . وقال قتادة : كان المسلمون يحربون ما يليهم من ظاهرها ، وتخربها اليهود من باطنها ، فذلك قوله عز وجل : : يحربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين . " ثم قال تعالى : ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء الآية . الجلاء عن الوطن لعذبهم في الدنيا بالقتل وبالسبى كما فعل ببنى قريظة ولهم في الآخرة عذاب النار . ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله شديد العقاب .
قوله تعالى : " ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزى الفاسقين " قال ابن إسحاق : اللينة : ما خالف العجوة من النخل . وقال ابن هشام : مالم تكن برنية ولا عجوة . وقال عكرمة وزيد بن رومان وقتادة : النخل كله لينة ما خلا العجوة . وعن ابن عباس رضى الله عنهما ، اللينة : النخلة والشجرة . وقال سفيان : هي كرام النخل . وقيل : هي النخلة القريبة من الأرض . وقال مقاتل : هو ضرب من النخل ، يقال لئمرها : اللون ، وهو شديد الصفرة ، يرى نواه من خارج ، يغيب فيه الضرس ، وكان من أجود ثمرهم وأعجبها إليهم ، وكانت النخلة الواحدة ثمنها ثمن وصيف ، وأحب إليهم من وصيف ، فلما رأوا ذلك يقطع شق عليهم . قال : وجمع اللينة لين . وقيل : ليان .
قال الثعلبى : لما نزل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ببنى النضير ، وتحصنوا في حصونهم ، أمر بقطع نخيلهم وإحراقها ، فجزع أعداء الله عند ذلك وقالوا : يا محمد زعمت أنك تريد الصلاح ، أفمن الصلاح قطع النخيل ، وعقر الشجر ؟ وهل وجدت فيما زعمت أنه أنزل عليك الفساد في الأرض ؟ فشق ذلك على النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ، ووجد المسلمون في أنفسهم من قولهم ، وخشوا أن يكون ذلك فسادا ، واختلف المسلمون في ذلك ، فقال بعضهم : لا