كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 103 """"""
تقطعوا ، فإنه مما أفاء الله علينا . وقال بعضهم : بل نغيظهم بقطعها . فأنزل الله تعالى الآية بتصديق من نهى عن قطعه ، وتحليل من قطع من الإثم ، وأخبر أن قطعه وتركه بإذنه تعالى .
وفي قطع نخيل بنى النضير يقول حسان بن ثابت :
وهان على سراة بنى لؤي . . . حريق بالبويرة مستطير
وقوله تعالى : وليخزى الفاسقين أي وليذل اليهود ويخزيهم ويغيظهم .
قوله تعالى : " وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوحفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير " أفاه الله أي رد على رسوله ورجع إليه ، ومنه فئ الظل منهم أي من بنى النضير من الأموال فما أوجفتم أو ضعتم عليه من خيل ولا ركاب وهي الإبل ، يقول : لم تقطعوا إليها مشقة ، ولم تكلفوا مؤنة ، ولم تلقوا حربا .
وإنما كانت بالمدينة فمشوا إليها مشيا ، ولم يركبوا خيلا ولا إبلا إلا النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ، فإنه ركب حملا فافتتحها صلحا ، وأجلاهم عنها وخزن أموالهم فسأل المسلمون النبى ( صلى الله عليه وسلم ) القسمة ، فأنزل الله عز وجل الآية ، فجعل أموال بنى النضير خاصة لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، بضعها حيث يشاء ، فقسمها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بين المهاجرين ولم يعط الأنصار منها شيئا إلا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة ، وهم : أبو دجانة سماك بن خرشة ، وسهل بن حنيف ، والحارث بن الصمة . قال : ولم يسلم من بنى النضير إلا رجلان ، أحدهما سفيان ابن عمير بن وهب ، والثانى سعد بن وهب ، أسلما على أموالهما فأحرزاها . روى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنه قال : إن أموال بنى النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب ، فكانت لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) خالصا ، فكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ينفق على أهله منه نفقة سنته ، وما بقى جعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله .
قوله تعالى : " ما أفاه الله على رسوله من أهل القرى ذلله و للرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وأبن السبيل كى لا يكون دولة بين الأغبياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وآتقوا الله إن الله شديد العقاب " قال ابن عباس رضى الله عنهما : القرى هي قريظة والنضير ، وهما بالمدينة ، وفدك ، وهي من المدينة على ثلاثة أميال ، وخيبر ، وقرى عرينة وينبع جعلها الله تعالى لرسوله ( صلى الله عليه وسلم ) ، يحكم فيها ما

الصفحة 103