كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 104 """"""
أراد ، فاحتواها كلها ، فقال ناس : هلا قسمها ؟ فأنزل الله عز وجل هذه الآية . قال : ولقربى قرابة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وهم بنو هاشم وبنو المطلب . وقوله : كى لا يكون دولة بين الأغبياء منكم أي بين الرؤساء والأغنياء والأقوياء ، فيغلبوا عليه الفقراء والضعفاء ، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا إذا غنموا غنيمة أخذ الرئيس ربعها لنفسه ، وهو المرباع ، ثم يصطفى منها أيضا بعد المرباع ما شاء ، وفيه يقول شاعرهم :
لك المرباع منها والصفايا . . . وحكمتك والنشيطة والفضول
فجعل الله تعالى هذا لرسوله عليه السلام يقسمه في المواضع التى أمر بها .
وقوله تعالى : " وما آتاكم الرسول فخذوه " أي ما أعطاكم من الفئ و الغنيمة وما نهاكم عنه من الغلول وغيره فانتهوا . " قوله تعالى : للفقراء يعنى كى لا يكون ما أفاء الله على رسوله دولة بين الأغبياء منكم ولكن يكون للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون أي في إيمانهم .
قال قتادة : هم المهاجرون الذين تركوا الديار والأموال والأهلين والعشائر ، وخرجوا حبا لله ورسوله ، واختاروا الإسلام على ما كانت فيه من شديد ، حتى ذكر لنا أن الرجل كان يعصب الحجر على بطنه ليقيم به صلبه من الجوع ، وكان الرجل يتخذ الحفيرة في الشتاء ماله دثار غيرها .
وعن سعيد بن جبير ، وسعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ، قالا : كان ناس من المهاجرين لأحدهم الدار والزوجة والعبد والناقة ، يحج عليها ويغزو ، فنسبهم الله تعالى إلى أنهم فقراء ، وجعل لهم سهما في الزكاة .

الصفحة 104