كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 110 """"""
يقول الله تعالى : فكان عاقبتهما يعنى الشيطان وذلك اإنسان .
" أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين . " قال أبن عباس رضى الله عنهما : فضرب الله هذا المثل ليهود بنى النضير والمنافقين من أهل المدينة ، وذلك أن الله تعالى أمر نبيه ( صلى الله عليه وسلم ) ، أن يحل بنى النضير من المدينة ، فدس المنافقون إليهم فقالوا : لا تجيبوا محمدا إلى ما دعاكم ولا تخرجوا من دياركم ، فإن قاتلكم كنا معكم ، وإن آخرجتم خرجنا معكم .
قال : فأطاعوكم ؛ فدربوا على حصونهم وتحصنوا في ديارهم رجاء نصر المنافقين حتى جاءهم النبى ( صلى الله عليه وسلم ) ، فناصبوه الحرب ، يرجون نصر المنافقين ، فخذلوهم وتبرءوا منهم كما تبرأ الشيطان من برصيصا وخذله . قوله تعالى : " يأيها الذين أمنوا آتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد وآتقوا الله إن الله خبير بما تفعلون " قوله : آتقوا الله أي في أداء فرائضه واجتناب معاصيه ولتنظر نفس ما قدمت لغد يعنى يوم القيامة .
قوله : " ولاتكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون " نسوا الله أي نسوا حق الله وتركوا أوامره فأنساهم أنفسهم يعنى حظ أنفسهم أن يقدموا لها خبرا أولئك هم الفاسقون . لا يستوى أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون .
فقد أتينا - أكرمك الله - على تفسير ما أنزل من القرآن في شأن بنى النضير مما يتعلق بشرح أخبارهم خاصة على حكم الآختصار ، ولم نتعرض إلى ما سوى ذلك من التفسير .
ذكر غزوة بدر الموعد
غزاها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، لهلال ذي القعدة ، على رأس خمسة وأربعين شهرا من مهاجره ( صلى الله عليه وسلم ) . حكاه محمد بن سعد .
وقال محمد بن إسحاق : كانت في شعبان . وجعلها بعد غزوة ذات الرقاع ، فتكون على رأس اثنتين وأربعين شهرا من الهجرة ، والأشبه ما قاله ابن سعد ، لأن الميعاد كان على رأس الحول من غزوة أحد ، وغزوة أحد كانت في شوال على ما اتفقا عليه ، ولم يختلفا في الشهر وإنما في أيام ذكرناها هناك .
قال محمد بن سعد : لما دنا الموعد كره أبو سفيان الخروج ، وقد نعيم بن

الصفحة 110