كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 113 """"""
فاخشوهم ؛ فقالوا : " حسبنا الله ونعم الوكيل . " فأنزل الله عز وجل الذين قال لهم الناس إن الناس يعنى أبا سفيان وأصحابه قد جمعوا لكم فاخشوهم فخافوهم واحذروهم فإنه لاطاقة لكم بهم فزادهم إيمانا يعنى تصديقا ويقينا وجرأة وقوة . وقوله : فانقلبوا فانصرفوا ورجعوا بنعمة من الله أي بعافية لم يلقوا بها عدوا ، وبرأت جراحتهم وفضل أي ربح وتجارة ، وهو ما أصابوا من السوق فربحوا لم يمسسهم سوء لم يصبهم قتل ولا جرح ولم ينلهم أذى ولا مكروه واتبعوا رضوان الله في طاعة الله وطاعة رسوله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وذلك أنهم قالوا : هل يكون هذا غزوا ؟ فأعطاهم الله تعالى ثواب الغزو ورضى عنهم . والله ذو فضل عظيم .
ثم قال تعالى : " إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين " يعنى ذلك الذي قال لكم : إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ؛ من فعل الشيطان ألقى في أفواههم لترهبونهم وتجبنوا عنهم يخوف أولياءه أي يخوفكم بأوليائه ، يعنى يخوف المؤمنين بالكافرين ، قال السدى : يعظم أولياءه في صدوركم لتخافوهم . وقرأ عبد الله بن مسعود يخوفكم أولياءه قال : وكان أبى بن كعب يقرأ يخوفكم بأوليائه فلا تخافوهم وخافون في ترك أمرى إن كنتم مؤمنين مصدقين بوعدى فإنى متكفل بالنصر والظفر .
ذكر غزوة ذات الرقاع وخبر صلاة الخوف وقصة غورث بن الحارث المحاربى ، وخبر جابر بن عبد الله
واختلف في تسمية ذات الرقاع ، فقيل : جبل فيه بقع حمر وبيض وسود .
وقيل : لأنهم رقعوا راياتهم . وقيل : ذات الرقاع ، شجرة بذلك الموضع . وفي صحيح البخارى أنهم نقبت أقدامهم ، فلفوا عليها الخرق ، فسميت غزوة ذات الرقاع .
والله أعلم .
قال محمد بن سعد : كانت في المحرم على رأس سبعة وأربعين شهرا من مهاجره ( صلى الله عليه وسلم ) . وقال ابن إسحاق : كانت غزوة ذات الرقاع بعد غزوة بنى النضير في