كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 116 """"""
رسول الله ، بل أهبه لك ؛ قال : لا ، ولكن بعنيه ؛ قال : قلت : فسمنيه ؛ قال : قد أخذته بدرهم ؛ قلت : لا ، إذا تغبنى يا رسول الله قال : فبدرهمين ؛ قلت : لا . فلم يرفع لي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حتى بلغ الأوقية ؛ قلت : فقد رضيت ؟ قال : نعم ؛ قلت : هو لك ؛ قال : أخذته .
ثم قال : يا جابر ، هل تزوجت بعد ؟ قلت : نعم يا رسول الله ؛ قال : أثيبا أم بكرا ؟ قلت : بل ثيبا ؛ قال : أفلا جارية تلاعبها وتلاعبك ؟ قلت : يا رسول الله ، إن أبي أصيب يوم أحد ، وترك بنات له سبعا ، فنكحت آمرأة جامعة ، تجمع رءوسهن وتقوم عليهن ؛ قال : أصبت إن شاء الله ، أما إنا لو جئنا صرارا أمرنا بجزور فنحرت ، وأقمنا عليها يومنا ذلك ، وسمعت بنا ، فنفضت نمارقها . قلت : يا رسول الله ما لنا من نمارق ؛ قال : إنها ستكون ، فإذا أنت قدمت فاعمل عملا كيسا .
فلما جئنا صرارا أمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بجزور فنحرت ، وأفمها عليها يومنا ذاك ، فلما أمسى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) دخل ودخلنا ؛ قال : فحدثت المرأة الحديث وما قال لي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، قالت : فدونك ، فسمع وطاعة . قال : فلما أصبحت أخذت برأس الجمل ، فأقبلت به حتى أنحته على باب مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ثم جلست في المسجد قريبا منه ، وخرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فرأى الجمل ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : هذا جمل جاء به جابر ؛ قال : فأين جابر ؟ فدعيت له ، فقال : يأبن أخى خذ برأس جملك فهو لك ودعا بلالا فقال له : اذهب بجابر فأعطه أوقية . قال : فذهبت معه فأعطاني أوقية وزادني شيئا يسيرا . قال : فو الله ما زال ينمى عندي ونرى مكانه من بيتنا حتى أصيب أمس فيما أصيب لنا ؛ يعنى يوم الحرة . وقال محمد بن سعد : إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) سأل جابرا عن دين أبيه فأخبره ، فاستغفر له رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في تلك الليلة خمسا وعشرين مرة .
قال : وبعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) جعال بن سراقة بشيرا إلى المدينة بسلامته وسلامة المسلمين ، وقدم صرارا يوم الأحد لخمس بقين من المحرم - وصرار على ثلاثة أميال من المدينة ، وهي بئر جاهلية على طريق العراق - وغاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) خمس عشرة ليلة .

الصفحة 116