كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 118 """"""
وكان سبب هذه الغزوة أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بلغه أن الحارث بن أبى ضرار سيد بنى المصطلق سار في قومه ومن قدر عليه من العرب ، ودعاهم إلى حرب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فأجابوه وتهيئوا للمسير ، فبعث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بريدة بن الحصيب الأسلمى للوقوف على حقيقة الخبر ، فأتاهم وكلم الحارث ورجع إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بالخبر ، فندب ( صلى الله عليه وسلم ) الناس ، فأسرعوا في الخروج ، وقادوا الخيول ، وهي ثلاثون فرسا ، عشرة منها للمهاجرين وعشرون للأنصار ، وخرج معه خلق كثير من المنافقين ، لم يجتمعوا في غزاة قط مثلها ، واستخلف ( صلى الله عليه وسلم ) على المدينة زيد بن حارثة . وقال ابن هشام : استعمل عليها أبا ذو الغفارى . قال : ويقال : نميلة بن عبد الله الليثى . قال ابن سعد : وكان معه ( صلى الله عليه وسلم ) فرسان : لزاز ، والظرب ، وخرج يوم الآثنين لليلتين خلتا من شعبان ، فبلغ الحارث بن أبى ضرار ومن معه مسير رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فتفرق عنه من كان معه من العرب وخافوا خوفا شديدا ، وانتهى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى المريسيع - وهو ماء لبنى المصطلق بينه وبين الفرع نحو من يوم ، وبين الفرع والمدينة ثمانية برد - فنزل به وضرب قبته ، ومعه ( صلى الله عليه وسلم ) من نسائه أمهات المؤمنين رضى الله عنهن عائشة ، وأم سلمة ، وتهيئوا للقتال ، وصف رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه ، ودفع راية المهاجرين إلى أبى بكر الصديق رضى الله عنه ، وراية الأنصار إلى سعد بن عبادة ، فتراموا بالنبل ساعة ، ثم أمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أصحابه فحملوا حملة رجل واحد ، فما أفلت من القوم إنسان ، قتل منهم عشرة ، وأسر سائرهم ، وسبيت النساء والذرارى ، وغنمت النعم والشاء ، ولم يستشهد من المسلمين إلا رجل واحد ، وأمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بالأسارى فكتفوا ، واستعمل عليهم بريدة بن الحصيب ، وأمر بجمع الغنائم فجمعت ، واستعمل عليها شقران مولاه ، وقسم السى والنعم والشاء ، فعدلت الجزور بعشر من الغنم ، وبيعت الرثة فيمن يريد ، قال : وكانت الإبل ألفى بعير والشاء خمسة آلاف شاة ، والسبى مائتى أهل بيت ، وصارت جويرية بنت الحارث ابن أبى ضرار في سهم ثابت بن قيس بن شماس وابن عم له ، فكاتباها على تسع أواق من ذهب ، فسألت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في