كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 120 """"""
قالت اليهود ذلك لقريش سرهم ونشطوا لما دعوهم إليه من حرب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فآجتمعوا لذلك ، ثم خرج أولئك النفر من يهود حتى جاءوا غطفان وسليما ، ودعوهم إلى حرب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأعلموهم أن قريشا قد بايعوهم على ذلك ، فأجابوهم وأجتمعوا معهم ؛ فتجهزت قريش وجمعوا أحابيشهم ومن تبعهم من العرب ، وكانوا أربعة آلاف ، وعقدوا اللواء في دار الندوة ، وحمله عثمان بن طلحة بن أبى طلحة ، وقادوا معهم ثلثمائة فرس ، وكان معهم ألف وخمسمائة بعير ، وخرجوا يقودهم أبو سفيان بن حرب ، ووافتهم بنو سليم بمر الظهران ، وهم سبعمائة ، يقودهم سفيان بن عبد شمس ، حليف حرب بن أمية ، وهو أبو أبى الأعور السلمى الذي كان مع معاوية بصفين ، وخرجت بنو أسد يقودهم طليحة بن خويلد الأسدى ، وخرجت غطفان وفزارة ، معهما ألف بعير ، يقودهم عيينة بن حصن بن حذيفة ابن بدر ، وخرجت بنو مرة وهم أربعمائة يقودهم الحارث بن عوف بن أبى حارثة المرى ، وخرجت أشجع وهم أربعمائة يقودهم مسعر بن رخيلة بن نويرة بن طريف ، وخرج معهم غيرهم .
فكان جميع من وافى الخندق عشرة آلاف ، وهم الأحزاب ، وكانوا ثلاثة عساكر ، ومرجع أمرهم إلى أبى سفيان بن حرب ، فلما بلغ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فصولهم من مكة ندب الناس ، وأخبرهم خبر عدوهم ، وشاورهم في أمرهم ، فأشار عليه سلمان الفارسى بالخندق ، فأعجب ذلك المسلمين ، وعسكر بهم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى سفح سلع ، وجعل سلعا خلف ظهره ، وكان المسلمون يومئذ ثلاثة آلاف ، واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم ، ثم ضرب الخندق على المدينة ، وعمل فيه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ترغيبا للمسلمين في الأجر ، فعملوا وجدوا في العمل ودأبوا ، وأبطأ عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وعن المسلمين في ذلك العمل رجال من المنافقين ، وجعلوا يورون بالضعف من العمل ، ويتسللون إلى أهليهم بغير إذن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وجعل الرجال من المسلمين إذا نابته النائبة من الحاجة ، ذكرها لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) واستأذنه ، فيأذن له ، فإذا قضى حاجته رجع إلى عمله في الخندق ، فأنزل الله تعالى في أولئك من المؤمنين قوله تعالى : " إنما