كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 122 """"""
تلك الكدية ، فيقول من حضرها : فو الذي بعثه بالحق لآنهالت حتى عادت كالكثيب ، لاترد فأسا ولا مسحاة .
قالوا : وفرغوا من حفر الخندق في ستة أيام ، وكانوا يعلمون فيه نهارا وينصرفون ليلا ، ورفع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) النساء والصبيان في الآطام ، وخرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يوم الآثنين لثمان مضين من ذي القعدة ، وكان يحمل لواء المهاجرين زيد بن حارثة ، ويحمل لواء الأنصار سعد بن عبادة . وأقبلت قريش ومن شايعها وتابعها ، وآجتمع إليها بعد فراغ الخندق ، فصار الخندق بين رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وبينهم ، وظهور المسلمين إلى سلع ، وخرج حي ابن أخطب حتى أتى كعب بن أسد القرظى ، صاحب عقد بنى قريظة ، وكان قد وادع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) على قومه وعاقده ، فأغلق كعب دون حي باب حصنه ، وأبى أن يفتح له ، فناداه حي : ويحك يا كعب افتح لي . قال : ويحك إنك آمرؤ مشئوم ، وإني قد عاهدت محمدا فلست بناقض ما بيني وبينه ، ولم أر منه إلا وفاء وصدقا . فعاوده مرارا ، وهو يأبى عليه حتى قال له حي : والله إن أغلقت دونى إلا عن جشيشتك أن آكل معك . فأحفظه ذلك ، ففتح له ، فقال : ويحك ياكعب جئتك بعز الدهر وببحر طارم ، جئتك بقريش على قادتها وسادتها ، حتى أنزلتهم بمجتمع الأسيال ، ومن دونه غطفان على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم بذنب نقمى على جانب أحد ، وقد عاهدونى وعاقدونى على ألا يبرحوا حتى نستأصل محمدا ومن معه . فقال له كعب : جئتنى والله بذل الدهر ، وبجهام قد هراق ماءه ، يرعد ويبرق ، ليس فيه شئ ، ويحك يا حي فدعنى وما أنا عليه ، فإني لم أر من محمد إلا صدقا ووفاء . فلم يزل به حي حتى سمح له ، أن أعطاه عهدا من الله وميثاقا لئن رجعت قريش وغطفان ولم يصيبوا محمدا أدخل معك في حصنك حتى يصيبنى ما أصابك . فنقض كعب بن أسد عهده ، وبرئ مما كان بينه وبين رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فلما أنتهى الخبر إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وإلى المسلمين وصح ذلك عنده كبر ، وقال : " حسبنا الله ونعم الوكيل " قال : ونجم النفاق وفشل الناس ، وعظم البلاء ، وأشتد الخوف ، وخيف على الذرارى

الصفحة 122