كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 124 """"""
لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قراء أو بيعا ، أفحين أكرمنا الله بالإسلام ، وهدانا وأعزنا بك وبه ، نعطيهم أموالنا 1 والله ما لنا بهذا من حاجة ، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم ؛ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : فأنت وذاك . فتناول سعد بن معاذ الصحيفة ، فمحا ما فيها من الكتاب ، ثم قال : ليجهدوا علينا .
قال ابن سعد : ثم اجتمع رؤساؤهم أن يغدوا يوما ، فغدوا جميعا ومعهم رؤساء سائر الأحزاب ، وطلبوا مضيقا من الخندق يقتحمون خيلهم إلى النبى ( صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه فلم يجدوا ذلك وقالوا : إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تصنعها ؛ فقيل لهم : إن معه رجلا فارسيا ، فهو أشار عليه بذلك ؛ قالوا : فمن هناك إذا ، فصاروا إلى مكان ضيق أغفلة المسلمون ، فعبر منه عكرمة بن أبى جهل ، ونوفل بن عبد الله ، وضرار بن الخطاب ، وهبيرة بن أبى وهب ، وعمرو بن عبد ود فجعل عمرو بن عبد ود يدعو إلى البراز ، ويقول :
ولقد بححت من الندا . . . لجمعهم هل من مبارز وكان ابن تسعين سنة ، فبرز إليه علي بن أبي طالب رضى الله عنه ، وقال له : يا عمرو ، إنك قد كنت عاهدت الله ألا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خلتين إلا أخذتها منه ؛ قال له : أجل . قال له : أجل . قال له : فإنى أدعوك إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام ؛ قال : لا حاجة لى بذلك ؛ قال : فإني أدعوك إلى النزال ؛ قال : يابن أخي ، فو الله ما أحب أن أقتلك ؛ فقال له علي : ولكنى والله أحب أن أقتلك ؛ فحمى عمرو عند ذلك ، فاقتحم عن فرسه فعقره وضرب وجهه ، ثم أقبل على علي فتنازلا وتجاولا ، فقتله علي رضى الله عنه ، وخرجت خيلهم منهزمة حتى اقتحمت من الخندق . وألقى عكرمة بن أبى جهل يومئذ رمحه وهو منهزم عن عمرو . فقال حسان بن ثابت :
فر وألقى لنا رمحه . . . لعلك عكرم لم تفعل
ووليت تعدو كعدو الظاي . . . م ما إن تجور عن المعدل

الصفحة 124