كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 125 """"""
ولم تلق ظهرك مستأنسا . . . كأن قفاك قفا فرعل
قال ابن سعد : وحمل الزبير بن العوام على نوفل بن عبد الله بالسيف فضربه فشقه بآثنين ، ثم اتعدوا أن يغدوا من الغد ، فباتوا يعبئون أصحابهم ، وفرقوا كتائبهم ، ونحوا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) كتيبة غليظة فيها خالد بن الوليد ، فقاتلوهم يومهم ذاك إلى هوى من الليل ، ما يقدرون أن يزولوا من موضعهم ، ولم يصل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ولا أصحابه ظهرا ولا عصرا ولا مغربا ولا عشاء حتى كشفهم الله تعالى ، فرجعوا متفرقين إلى منازلهم وعسكرهم ، وانصرف المسلمون إلى قبة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأقام أسيد بن حضير على الخندق في مائتين من المسلمين ، وكر خالد بن الوليد في خيل من المشركين يطلبون غرة من المسلمين فناوشوهم ساعة ومع المشركين وحشى ، فزرق الطفيل بن النعمان بمزراقه فقتله وانكشفوا ، وصار رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى قبته فأمر بلالا فأذن وأقام للظهر فصلى ، ثم بعد ذلك لكل صلاة إقامة ، وصلى هو وأصحابه ما فاتهم من الصلوات ، وقال : شغلونا عن الصلاة الوسطى - صلاة العصر - ملا الله أجوافهم وقبورهم نارا .
ولم يكن لهم بعد ذلك قتال جميعا حتى انصرفوا ، إلا أنهم لا يدعون الطلائع بالليل طمعا في الغرة ، قال : وحصر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأصحابه بضع عشرة ليلة . وقال ابن إسحاق : أقام عليه المشركون بضعا وعشرين ليلة قريبا من شهر . ثم إن نعيم بن مسعود بن عامر بن أنيف بن ثعلبة بن هلال بن حلاوة بن الأشجع ابن ريث بن غطفان أتى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : يا رسول الله إني قد أسلمت ، وإن قومي لم يعملوا بإسلامي ، فمرني بما شئت ؛ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " إنما أنت فينا رجل واحد ، فخذل عنا إن استطعت ، فإن الحرب خدعة . " فخرج نعيم بن مسعود حتى أتى بنى قريظة ، وكان لهم نديما في الجاهلية ، فقال : يابنى قريظة ، قد عرفتم ودى إياكم ، وخاصة ما بينى وبينكم ؛ قالوا : صدقت ، لست عندنا بمتهم ؛ فقال : إن

الصفحة 125