كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 13 """"""
أسمع ، صوت ضمضم بن عمرو وهو يصرخ ببطن الوادي واقفا على بعيرة ، قد جدع بعيرة وحول رحله ، وشق قميصه وهو يقول : يا معشر قريش ، اللطيمة اللطيمة أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه ، لا أرى أن تدركوها ، الغوث الغوث قال العباس : فشغلني عنه ، وشغله عنى ما جاء من الأمر . فتجهز الناس سراعا وقالوا : أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير أبن الحضرمي ؟ كلا والله ليعلمن غير ذلك ، فكانوا بين رجلين : إما باعث رجلا مكانه ، وأوعبت قريش فلم يتخلف من أشرافها أحد ، إلا أن أبا لهب بن عبد المطلب تخلف ، وبعث مكانه العاصي بن هشام بن المغيرة ، أستأجره بأربعة آلاف درهم كانت لأبى لهب عليه ، فخرج عنه . وروى أبو الفرج على بن الحسين الأصفهاني في كتابه المترجم بالأغاني بسند يرفعه إلى مصعب بن عبد الله قال : قامر أبو لهب العاصي بن هشام في عشرة من الإبل فقمره ، ثم في عشرة فقمره ، ثم في عشرة فقمره ، إلى أن خلعه من ماله فلم يبقى له شيئا ، فقال له : أني أرى القداح قد حالفتك يآبن عبد المطلب ، فهلم أقامرك يابن عبد المطلب ، فأينا غلب كان عبدا لصاحبه . قال : افعل ، ففعل ، فقمره أبو لهب ، فكره أن يسترقه فتغضب بنو مخزوم ، فمشى إليهم فقال : افتدوه منى بعشرة من الإبل . فقالوا : لا والله ولا أبو برة . فاسترقه ، فكان يرعى له ابله إلى أن خرج المشتركون إلى بدر . قال : وقال غير مصعب : فاسترقه وآحتبسه قينا يعمل الحديد .

الصفحة 13