كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 130 """"""
قشير في هذه الغزوة .
قوله تعالى : " وإذ قالت طائفة منهم يأهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا وبستأذن فريق منهم النبى يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا . " قالت طائفة منهم أي من المنافقين ، وهم أوس بن قيظى وأصحابه ، قال مقاتل : هم بنو سالم . قال ابن عباس رضى الله عنهما : قالت اليهود لعبد الله بن أبى وأصحابه من المنافقين : ما الذي يحملكم على قتل أنفسكم بيد أبى سفيان وأصحابه فارجعوا إلى المدينة . ويستأذن فريق منهم النبى في الرجوع إلى منازلهم بالمدينة ، وهم بنو حارثة بن الحارث يقولون إن بيوتنا عورة أي خالية ضائعة ، وهي مما يلي العدو ، وإنا لنخشى عليها العدو والسراق ، قال : وقرأ ابن عباس وأبو رجاء العطاردي عورة بكسر الواو ، يعني قصيرة الجدران فيها خلل وفرجة . وأخبر تعالى أنها ليست بعورة ، إن يريدون إلا الفرار .
قوله تعالى : " ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لأتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا " قال : يقول : لو دخل عليهم هؤلاء الجيوش الذين يريدون قتالهم المدينة من أقطارها جوانبها ونواحيها ثم سئلوا الفتنة الشرك لأتوها أي لجاءوها وفصلوها ورجعوا عن الإسلام عن الفتنة إلا يسيرا ولأسرعوا إلى الإجابة إليها طيبة بها أنفسهم ، قال : هذا قول أكثر المفسرين .
وقال الحسن والفراء : وما أقاموا بالمدينة بعد إعطاء الكفر إلا قليلا حتى هلكوا .
قوله تعالى : " ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسئولا " قال : عاهدوا الله أي من قبل غزوة الخندق لا يولون عدوهم الأدبار قال يزيد بن رومان : هم بنو حارثة هموا يوم أحد أن يفشلوا مع بنى سلمة ، فلما نزل فيهم ما نزل عاهدوا الله ألا يعودوا لمثلها ، فذكر الله لهم الذي أعطوه من أنفسهم .
وقال قتادة : هم ناس كانوا قد غابوا عن وقعة بدر ، ورأوا ما أعطى الله تعالى أهل بدر من الكرامة والفضيلة ، فقالوا : لئن أشهدنا الله قتالا لنقاتلن . فساق الله تعالى ذلك إليهم في ناحية المدينة .