كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 131 """"""
وقال مقاتل والكلبى : هم السبعون رجلا الذين بايعوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ليلة العقبة وقالوا له : اشترط لربك ولنفسك ما شئت ؛ فقال النبى ( صلى الله عليه وسلم ) : " أشترط لربى أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأولادكم وأموالكم . " قالوا : فإذا فعلنا ذلك فمالنا يا رسول الله ؟ قال : " لكم النصر في الدنيا والجنة في الآخرة . " قالوا : قد فعلنا .
فذلك عهدهم " وكان عهد الله مسئولا " أي عنه .
قوله تعالى : " قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا " قال : أي الذي كتب عليكم وإذا لا تمتعون إلا قليلا إلى آجالكم ، والدنيا كلها قليل . قوله تعالى : " قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة " أي نصرة " ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا . " قوله تعالى : " قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا " قال : المعوقين المثبطين منكم للناس عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ودعوا محمدا فلا تشهدوا معه الحرب فإنا نخاف عليكم الهلاك ولا يأتون البأس الحرب إلا قليلا دفعا وتعذيرا .
قال قتادة : هؤلاء ناس من المنافقين كانوا يقولون لإخوانهم : ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس ، ولو كانوا لحما لآلتهمهم أبو سفيان وأصحابه ، دعوا هذا الرجل فإنه هالك . وقال مقاتل : نزلت في المنافقين ، وذلك أن اليهود أرسلوا إلى المنافقين وقالوا : ما الذي يحملكم على قتل أنفسكم بيد أبي سفيان ومن معه فإنهم إن قدروا عليكم هذه المرة لم يستبقوا منكم أحدا ، وإنا لنشق عليكم ، أنتم إخواننا وجيراننا ، هلم إلينا . فأقبل عبد الله بن أبى وأصحابه على المؤمنين يعوقونهم ويخوفونهم بأبى سفيان ومن معه ، وقالوا : ما ترجون من محمد ؟ فو الله ما يرفدنا بخير ، وما عنده خير ، وما هو إلا أن يقتلنا هاهنا ، انطلقوا إلى إخواننا وأصحابنا . يعنى اليهود ، فلم يزدد المؤمنون بقول المنافقين إلا إيمانا وآحتسابا .
وقال ابن زيد : لما كان يوم الأحزاب انطلق رجل من عند رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فوجد