كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 133 """"""
في الرخاء والبلاء ، ثم ذكر المؤمنين بوعود الله تعالى ، فقال : ولما رأى المؤمنون الأحزاب الآية ، قال : ووعد الله إياهم قوله : أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب . قوله تعالى : " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا " قال : قوله : صدقوا أي وفوا به .
فمنهم من قضى نحبه يعنى فرغ من نذره ووفى بعهده وصبر على الجهاد حتى استشهد . والنحب : النذر ، والنحب أيضا : الموت ، قال ذو الرمة :
عشية فر الحارثيون بعدما . . . قضى نحبه في ملتقى القوم هوبر
أي مات ، قال مقاتل : قضى نحبه ، أي أجله ، فقتل على الوفا ، يعنى حمزة وأصحابه الذين آستشهدوا بأحد ، رضوان الله عليهم . وقيل : قضى نحبه ، أي بذل جهده في الوفا بعهده ، من قول العرب : نحب فلان في سيره يومه وليلته ؛ إذا مد فلم ينزل ، قال جرير :
بطخفة جالدنا الملوك وخيلنا . . . عشية بسطام جرين على نحب
ومنهم من ينتظر قال ابن إسحاق : ينتظر ما وعد الله به من نصرة ، والشهادة على ما مضى عليه أصحابه . وما بدلوا تبديلا أي ما شكوا وما ترددوا في دينهم ، وما آستبدلوا به غيره .
ثم قال تعالى : " ليجزى الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما . ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا " يعنى قريشا

الصفحة 133