كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 134 """"""
وغطفان " وكفى الله المؤمنين القتال " أي بالملائكة والريح " وكان الله قويا عزيزا ، " وبيده الفضل والمنة .
ذكر غزوة بنى قريظة
غزاها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في ذي القعدة سنة خمس من مهاجره .
وقال ابن إسحاق : في شوال منها .
قال محمد بن إسحاق ، ومحمد بن سعد ، دخل حديث بعضهما في بعض ، قالا : لما انصرف رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من الخندق إلى المدينة هو والمسلمون ، ووضعوا السلاح ، فلما كانت الظهر أتى جبريل - عليه السلام - النبى ( صلى الله عليه وسلم ) معتجرا بعمامة من إستبرق ، على بغلة عليها رحالة عليها قطيفة من ديباج ، فقال : أو قد وضعت السلاح يا رسول الله ؟ قال : نعم ؛ قال جبريل : فما وضعت الملائكة السلاح بعد ، وما رجعت إلا من طلب القوم : إن الله عز وجل يأمرك يا محمد بالمسير إلى بنى قريظة ، فإني عامد إليهم فمزلزل بهم . فأمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بلالا فأذن في الناس : إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يأمركم ألا تصلوا العصر إلا في بنى قريظة . واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم ، ودعا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عليا ، فأعطاه لواءه ، وقدمه إلى بنى قريظة ، فسار علي حتى إذا دنا من الحصون سمع منها مقالة قبيحة لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فرجع حتى لقى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بالطريق ، فقال : يا رسول الله ، لا عليك ألا تدنو من هؤلاء الأخابث ؛ قال : أظنك سمعت منهم لي أذى ؛ قال : نعم يا رسول الله ؛ قال : لو رأونى لم يقولوا من ذلك شيئا . فلما دنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من حصونهم قال لهم : يا إخوان القردة ، هل أخزاكم الله وأنزل بكم نقمته ؟ قالوا : يا أبا القاسم ، ما كنت جهولا . ثم نزل ( صلى الله عليه وسلم ) على بئر من آبار بنى قريظة من ناحية أموالهم يقال لها : بئر أنا ؛ ويقال : بئر أنى ؛ وتلاحق به الناس ، فأتى رجال من بعد العشاء الآخرة لم يصلوا العصر لقول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . لا يصلين أحد العصر إلا ببنى قريظة . فشغلهم ما لم يكن منه بد في حربهم وأبوا أن يصلوا لقول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حتى يأتوا بنى قريظة ، فصلوا العصر بها بعد العشاء الآخرة ، وتخوف ناس فوت الصلاة فصلوا ، فما عنف رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أحدا من الفريقين ، ولا عابهم الله تعالى في كتابه .