كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 136 """"""
عنها : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) من السحر وهو يضحك ، فقلت : مم تضحك أضحك الله سنك يا رسول الله ؟ .
قال : تيب على أبى لبابة . قالت : فقلت : أفلا أبشره يا رسول الله ؟ قال : بلى ، إن شئت . فقامت على باب حجرتها ، وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب ، فقالت : يا أبا لبابة ، أبشر فقد تاب الله عليك . قالت : فثار الناس إليه ليطلقوه فقال : لا والله ، حتى يكون رسول الله هو الذي يطلقني بيده ؛ فلما مر عليه خارجا إلى صلاة الصبح أطلقه .
قال ابن هشام : أقام أبو لبانة مرتبطا في الجذع ست ليال ، تأتيه امرأته في كل وقت صلاة ، فتحله للصلاة ، ثم تعود فتربطه .
هذا ما كان من أمر أبى لبابة ؛ وأما يهود فإن ثعلبة بن سعية ، وأسيد بن سعية ، وأسد بن عبيد ، وهم نفر هدل ، قال ابن إسحاق : ليسوا من بنى قريظة ولا النضير ، نسبهم فوق ذلك ، هم بنو عم القوم ، أسلموا في الليلة التي نزل بنو قريظة في صبيحتها على حكم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وخرج تلك الليلة عمرو بن سعدى القرظى فمر بحرس رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وعليه محمد بن مسلمة ، فلما رآه قال : من هذا ؟ قال : أنا عمرو بن سعدى - وكان عمرو قد أبى أن يدخل مع بنى قريظة في غدرهم برسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وقال : لا أغدر بمحمد أبدا - فقال محمد بن مسلمة حين عرفه : اللهم لا تحرمنى عثرات الكرام ؛ ثم خلى سبيله ، فخرج على وجهه ، فلم يدر أين توجه من الأرض إلى آخر الدهر ، فذكر ذلك لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال : ذاك رجل نجاه الله بوفائه ؛ ومنهم من يزعم أنه أوثق . والله أعلم .
ذكر نزول بنى قريظة على حكم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وسؤال الأوس فيهم ؛ وتحكيم سعد بن معاذ وحكمه فيهم بحكم الله تعالى وقتلهم
قال : ولما أصبح بنو قريظة نزلوا على حكم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فتواثبت الأوس ، فقالوا : يا رسول الله ، إنهم موالينا دون الخزرج ، وقد فعلت في موالى إخواننا بالأمس ما قد علمت . يعنون بنى قينقاع لما أطلقهم ( صلى الله عليه وسلم ) لعبد الله بن أبى بن سلول ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ألا ترضون يا معشر الأوس أن يحكم فيهم رجل منكم ؟ قالوا : بلى ؛ قال : فذاك سعد بن معاذ . وكان سعد في مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، في خيمة لآمرأة من أسلم

الصفحة 136