كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 139 """"""
بيدك عندي ؛ قال : إن الكريم يجزي الكريم ؛ ثم أتى ثابت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : يا رسول الله ، قد كانت الزبير عندي يد ، وله علي منة ، وقد أحببت أن أجزيه بها ، فهب لي دمه ؛ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : هو لك ؛ فأتاه فقال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قد وهب لي دمك ؛ قال : شيخ كبير لا أهل له ولا ولد ، فما يصنع بالحياة ؟ فأتى ثابت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : يا رسول الله ، أهله وولده ؛ هم لك . فأتاه فقال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قد أعطاني امرأتك وولدك ، فهم لك ؛ قال : أهل بيت بالحجاز لا مال لهم ، فما بقاؤهم على ذلك ؟ فأتى ثابت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فقال : يا رسول الله ، فقال : هو لك ؛ فأتاه فقال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قد أعطاني مالك فهو لك ؛ قال : أي ثابت ، ما فعل الذي كأن وجهه مرآة صينية يتراءى فيه عذارى الحي ، كعب بن أسد ؟ قال : قتل ؛ قال : فما فعل سيد الحاضر والبادى حي بن أخطب ؟ قال : قتل ؛ قال : فما فعل مقدمتنا إذا شددنا ، وحاميتنا إذا كررنا ، عزال بن سموءل ؟ قال : قتل ؛ قال : فما فعل المجلسان ؟ يعنى بنى كعب بن قريظة ، وبني عمرو بن قريظة ؛ قال : ذهبوا وقتلوا ؛ قال : فإني أسألك بيدي عندك يا ثابت إلا ألحقتني بالقوم ، فو الله ما في العيش بعد هؤلاء من خير ، وما أنا بصابر لله قبلة دلو ناضح حتى ألقى الأحبة . فقدمه ثابت فضرب عنقه . فلما بلغ أبا بكر الصديق قوله ألقى الأحبة قال : يلقاهم والله في نار جهنم خالدا فيها مخلدا أبدا .
وفي هذه الواقعة يقول ثابت بن قيس :
وفت ذمتى أني كريم وأنني . . . صبور إذا ما القوم حادوا عن الصبر
وكان زبير أعظم الناس منة . . . علي فلما شد كوعاه بالأسر
أتيت رسول الله كيما أفكه . . . وكان رسول الله بحرا لنا يجري
قالوا : وكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قد أمر بقتل من أنبت منهم ؛ فسألته سلمى بنت قيس بن المنذر أخت سليط بن قيس - وكانت إحدى خالات رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وكانت قد صلت معه القبيلتين ، وبايعته بيعة النساء على رفاعة بن سموءل القرظى ، وكان رجلا قد بلغ ، فلاذ بها ، وكان يعرفها ، فقالت : يا نبى الله ، بأبى أنت وأمي ، هب لي رفاعة بن

الصفحة 139