كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 141 """"""
وقال ابن إسحاق : كانت هذه السرية بعد غزوة بني قريظة . فتكون في ذي الحجة سنة خمس من الهجرة ، وهو الصحيح إن شاء الله ، ويدل عليه أن محمد بن سعد لما ذكر عبد الله بن عتيك في الطبقات قال في ترجمته : إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بعثه في ذي الحجة سنة خمس إلى أبى رافع سلام بن أبى الحقيق بخيبر قال محمد بن إسحاق : لما أصابت الأوس كعب بن الأشرف قالت الخزرج : والله لا يذهبون بها فضلا علينا أبدا . فتذا كروا : من رجل لرسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في العداوة كابن الأشرف ؟ فذ كروا ابن أبى الحقيق ، فاستأذنوا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) في قتله ، فأذن لهم ، فخرج إليه من الخزرج خمسة نفر ، وهم : عبد الله آبن عتيك ، ومسعود بن سنان ، وعبد الله بن أنيس ، وأبو قتادة الحارث بن ربعى ، وخزاعى بن أسود ، حليف لهم من أسلم .
قالوا : وكان أبو رافع بن أبى الحقيق قد أجلب في غطفان ومن حوله من مشركي العرب ، وجعل لهم العظيم لحرب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأمر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عليهم عبد الله بن عتيك ، ونهاهم أن يقتلوا وليدا أو امرأة ، فخرجوا حتى قدموا خيبر فكمنوا ، فلما هدأت الرجل جاءوا إلى منزله فصعدوا درجة له ، وقدموا عبد الله بن عتيك لأنه كان يرطن باليهودية ، فاستفتح وقال : جئت أبا رافع بهدية . ففتحت له امرأته ، فلما رأت السلاح أرادت أن تصيح ، فأشار إليها بالسيف فسكتت ، فدخلوا عليه فعلوه بأسيافهم ، قال ابن أنيس : وكنت رجلا أعشى لا أبصر ، فاتكأت بسيفي على بطنه حتى سمعت خشه في الفراش ، وعرفت أنه قد قضى ، وجعل القوم ضربونه جميعا ، ثم نزلوا وصاحت امرأته ، فتصايح أهل الدار . قال ابن إسحاق : وكان عبد الله بن عتيك سئ البصر ، فوقع من الدرجة فوثئت يده وثئا شديدا ، قال ابن هشام : ويقال : رجله ؛ قالوا : فحملناه حتى أتينا منهرا من عيونهم - والمناهر ؛ واحدتها منهرة ، وهو فضاء يكون بين أفنية القوم يلقون فيها كناستهم - فدخلنا فيه .
قال محمد بن سعد : وخرج الحارث أبو زينب في ثلاثة آلاف في آثارهم يطلبونهم بالنيران ، فلم يروهم ، فرجعوا ، ومكث القوم في مكانهم يرمين حتى سكن الطلب . قال ابن إسحاق : فقلنا : فكيف لنا أن نعلم بأن عدو الله قد مات ؟ فقال رجل منا : أنا أذهب فأنظر لكم . فانطلق حتى دخل في الناس ، فوجده ورجال من يهود

الصفحة 141