كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)
"""""" صفحة رقم 153 """"""
خريس إلى أبى سفيان بن حرب ، وقال : إن أصبتما منه غرة فاقتلاه ؛ فدخلا مكة ، ومضى عمرو بن أمية يطوف بالبيت ليلا ، فرآه معاوية بن أبى سفيان فعرفه ، وأخبر قريشا بمكانه ، فخافوه وطلبوه ، وكان فاتكا في الجاهلية ، وقالوا : لم يأت عمرو لخير ؛ فحشد له أهل مكة وتجمعوا ، فهرب عمرو وسلمة ، فلقى عمرو عبيد الله ابن مالك بن عبد الله التميمي فقتله وقتل آخر من بنى الديل ، سمعه يتغنى ويقول :
ولست بمسلم ما دمت حيا . . . ولست أدين دين المسلمينا
ولقى رسولين لقريش بعثتهما يتحسسان الخبر ، فقتل أحدهما وأسر الآخر فقدم به المدينة فجعل يخبر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ورسول الله يضحك هكذا حكى محمد بن سعد .
وقال أبو محمد عبد الملك بن هشام رحمه الله : إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بعث عمرو بن أمية الضمرى ، ومعه جبار بن صخر الأنصاري ، وذلك بعد مقتل خبيب بن عدى وأصحابه ، قال : فخرجا حتى قدما مكة ، وحبسا جمليهما بشعب من شعاب يأجج ، ثم دخلا مكة ليلا ، فقال جبار بن صخر لعمرو : لو أنا طفنا بالبيت وصلينا ركعتين ؛ قال عمرو : فطفنا وصلينا ، ثم خرجنا نريد أبا سفيان ، فو الله إنا لنمشي بمكة إذ نظر إلى رجل فعرفنى ، فقال : عمرو بن أمية ، والله إن قدمها إلا لشر ؛ فقلت لصاحبى : النجاء ؛ فخرجنا نشتد حتى أصعدنا في جبل ، وخرجوا في طلبنا ، حتى إذا علونا الجبل يئسوا منا ، فدخلنا كهفا في الجبل فبتنا ، وقد رضمنا دوننا حجارة ، فلما أصبحنا غدا رجل من قريش يقود فرسا له ، فغشينا ونحن في الغار ، فقلت : إن رآنا صاح بنا فتؤخذ فنقتل ؛ قال : فخرجت إليه فضربته على ثدييه بخنجر كنت قد أعددته لأبى سفيان ، فصاح صيحة أسمع أهل مكة ، ورجعت فدخلت مكانى ، وجاءه الناس يشتدون وهو بآخر رمق ، فقالوا : من ضربك ؟ قال : عمرو بن أمية . ومات لوقته ، ولم يدل علينا ، فاحتملوه ، فقلت لصاحبي لما أمسينا : النجاء ؛ فخرجنا ليلا من مكة نريد المدينة ،