كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 17)

"""""" صفحة رقم 155 """"""
الإثنين لهلال ذي القعدة ، واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم . وقال ابن إسحاق : استعمل على المدينة نميلة بن عبد الله الليثي . قال ابن سعد : ولم يخرج رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) معه بسلاح إلا سلاح المسافر ، السيوف في القرب ، وساق بدنا وساق أصحابه بدنا ، فصلى الظهر بذي الحليفة : ثم دعا بالبدن التي ساق فجللت ، ثم أشعرها في الشق الأيمن وقلدها ، وأشعر أصحابه أيضا ، وهي موجهات إلى القبلة ، وهي سبعون بدنة ، فيها جمل أبى جهل الذي غنمه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يوم بدر ، وأحرم رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ولبى ، وقدم عباد بن بشر أمامه طليعة في عشرين فارسا من خيل المسلمين ، وفيهم رجال من المهاجرين والأنصار ، وخرج معه ( صلى الله عليه وسلم ) من المسلمين ألف وأربعمائة على الصحيح ، وقيل : ألف وستمائة ؛ ويقال : ألف وخمسمائة وخمسة وعشرون رجلا ؛ وأخرج معه من أزواجه أم سلمة رضى الله عنها ، وبلغ المشركين خروجه ، فأجمع رأيهم على صده عن المسجد الحرام ، وعسكروا ببلدح وقدموا مائتي فارس إلى كراع الغميم ، عليهم خالد بن الوليد ، ويقال : عكرمة ابن أبى جهل .
قال محمد بن إسحاق : قال الزهرى : لما كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) بعسفان لقيه بشر بن سفيان الكعبى - قال ابن هشام : ويقال : بسر - فقال : يا رسول الله ، هذه قريش قد سمعت بمسيرك ، فخرجوا معهم العوذ المطافيل ، قد لبسوا جلود النمور ، وقد نزلوا بذي طوى ، يعاهدون الله ألا ندخلها عليهم أبدا ، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموها إلى كراع الغميم . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " يا ويح قريش لقد أكلتم الحرب ، ماذا عليهم لو خلوا بينى وبين سائر العرب ؟ فإن هم أصابوني كان ذلك الذي أرادوا ، وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وافرين ، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة ، فما تظن قريش ؟ والله لا أزال أجاهد على الذي بعثى الله به حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة . " قال محمد بن سعد : ودنا خالد بن الوليد في خيله حتى نظر إلى أصحاب

الصفحة 155